وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا

حديث: وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا

عن سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع النبي ﷺ إلى خيبر، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر: يا عامر، ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلا حدَّاء، فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اتقينا ... وثَبِّت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا ... إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله ﷺ: «من هذا السائق؟» قالوا: عامر بن الأكوع. قال: «يرحمه الله» قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به؟ فذكر الحديث وفيه:
فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه، ويرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر، فمات منه. قال: فلما قفلوا، قال سلمة: رآني رسول الله ﷺ وهو آخذ بيدي، قال: «ما لك؟» قلت له: فداك أبي وأمي، زعموا أن
عامرا حبط عمله؟ قال النبي ﷺ: «كذب من قاله، إن له لأجرين - وجمع بين إصبعيه - إنه لجاهِدٌ مجاهد، قَلَّ عربي مشى بها مثله».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤١٩٦) ورواه مسلم في الجهاد (١٨٠٢: ١٢٣) كلاهما من طريق حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فإن حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه من الأحاديث العظيمة التي تحوي دروسًا جليلة في الجهاد والثبات على الحق، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان فوائده وعبره.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● حدَّاء: أي يحسن الحداء، والحداء هو الغناء للإبل أثناء السير.
● هنيهاتك: أي أناشيدك وأغانيك.
● فداء لك: أي نفدي أنفسنا فداءً لك يا الله.
● أبينا: أي رفضنا الاستسلام وأبينا الانصياع للعدو.
● حبط عمله: أي بطل ثواب عمله بسبب ما قيل من أنه قتل نفسه.
● قَلَّ عربي مشى بها مثله: أي قليل من العرب من بلغ مبلغه في الجهاد والثبات.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عن غزوة خيبر، حيث خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأثناء سيرهم ليلاً طلب أحد الصحابة من عامر بن الأكوع (أخو سلمة) أن يسمعهم من حدائه (أغانيه التي ينشدها للإبل)، وكان عامر رجلاً شجاعًا شاعرًا، فأنشدهم أنشودة عظيمة معبرة عن إيمانهم وتوكلهم على الله، ومما جاء فيها:
● "اللهم لولا أنت ما اهتدينا": اعتراف بأن الهداية من الله وحده.
● "ولا تصدقنا ولا صلينا": بيان أن العبادة لا تتم إلا بتوفيق الله.
● "فاغفر فداء لك ما اتقينا": طلب المغفرة مع التضحية والفداء لله.
● "وثبت الأقدام إن لاقينا": دعاء بالثبات في القتال.
● "وألقين سكينة علينا": طلب السكينة والطمأنينة من الله.
● "إنا إذا صيح بنا أبينا": إعلان الرفض للاستسلام والثبات في الموقف.
فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحداء، استحسنه وسأل عن صاحبه، فلما عرف أنه عامر بن الأكوع دعا له بقوله: "يرحمه الله"، فقال أحد الصحابة: "وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به؟"، أي استحق الجنة، فلو لم تقل هذا الدعاء لأمتعتنا ببقائه معنا.
ثم في المعركة، كان سيف عامر قصيرًا، فلما ضرب به يهوديًا، ارتد السيف عليه فأصاب ركبته ومات من جراحته. فلما عاد الجيش، التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى سلمة (أخو عامر) وهو حزين، فسأله عن سبب حزنه، فأخبره أن بعض الناس يقولون: إن عامرًا حبط عمله لأنه قتل نفسه (بسبب ارتداد سيفه عليه). فكذب النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول وأخبر أن له أجرين: أجر الجهاد وأجر الصبر، بل وأثنى عليه ثناءً عظيمًا بأنه مجاهد قلَّ من العرب من يبلغ شأنه في الجهاد.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:

1- فضل الذكر والحداء في السفر والجهاد: كان الصحابة يستعينون بالأناشيد الإيمانية لرفع معنوياتهم وتقوية عزيمتهم.
2- التوكل على الله والاستعانة به: through the poetry of Amir, we see the emphasis on reliance on Allah in times of difficulty.
3- بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: حيث دعا لعامر بالرحمة، وتحقق ذلك باستشهاده.
4- بطلان قول من ادعى حبط عمل المجاهد إذا مات بسبب سلاحه: بيان أن من قتل في سبيل الله وهو مجاهد فهو شهيد، حتى لو كان بسبب خطأ أو accident.
5- عظم أجر المجاهدين: حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن لعامر أجرين، مما يدل على فضل الجهاد في سبيل الله.
6- الرد على الشبهات: حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم خطأ من ظن أن عمل عامر حبط، مما يعلمنا الرجوع إلى السنة في الفتوى والاعتقاد.

رابعًا. فوائد إضافية:

- الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالجهاد.
- فيه بيان لمكانة الشهداء وفضلهم عند الله تعالى.
- يعلمنا أهمية النية الصالحة في العمل، فعامر كان يقصد الجهاد في سبيل الله، فكتب له الأجر والثواب.
أسأل الله أن يجعلنا من المجاهدين في سبيله، والمقتدين برسوله صلى الله عليه وسلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤١٩٦) ورواه مسلم في الجهاد (١٨٠٢: ١٢٣) كلاهما من طريق حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع فذكره. واللفظ للبخاري ولفظ مسلم نحوه.
والحديث مذكور بطوله في غزوة خيبر.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 421 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا

📜 حديث: وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية