اسألوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

حديث: اسألوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ قال: «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل، أيها الناس، فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل».

حسن: رواه أحمد (٦٦٥٥) عن حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا بكر بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ قال: «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله ﷿، أيها الناس، فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس ونعلم. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل كنوزاً من الحكم والتوجيهات الربانية. وإليك شرحه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● أوْعِيَة: جمع وِعاء، وهو الوعاء الذي يُحفظ فيه الشيء، كالجراب والإناء. شبه النبي صلى الله عليه وسلم القلوب بالأوعية التي تتسع لتحفظ ما يُلقى فيها من علم وذكر ودعاء.
● أوْعَى: اسم تفضيل من (وعَى يَعِي)، أي أكثر حفظاً وفهماً واستيعاباً.
● عن ظَهْر قَلْب: أي من غير تأمل ولا حضور قلب، بل على سبيل العادة والغفلة. و"الظهر" هنا بمعنى الخلف أو الخارج، أي أن الدعاء يصدر من لسانٍ فقط بينما القلب غافل في مكان آخر.
● غَافِل: أي ساهٍ، لاهٍ، غير حاضر القلب مع الله تعالى أثناء مناجاته ودعائه.

ثانياً. شرح الحديث:

يشرح هذا الحديث العظيم حقيقة قلب الإنسان وعلاقته بالإجابة، ويمكن تفصيله في النقاط التالية:
1- تشبيه القلوب بالأوعية: يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن قلوب العباد مثل الأوعية التي تُملأ بالخير أو الشر، بالعلم والذكر أو باللهو والغفلة. وهذه الأوعية تختلف في سعتها وقدرتها على الاستيعاب، فبعض القلوب أوعى للخير وأكثر استعداداً لقبوله من غيرها، كما قال تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30]، فالنفس هنا وعاء للشر، وكلما كان القلب أطهر وأصفى كان أوعى للخير وأكثر استجابة لله تعالى.
2- شرط الإجابة: اليقين: يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعو الله ونحن موقنون بالإجابة. وهذا اليقين هو روح الدعاء وسر قبوله. وهو أن يعتقد العبد اعتقاداً جازماً لا شك فيه أن الله سيستجيب له، إما بأن يعطيه سؤله في الدنيا، أو يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، أو يدخر له الأجر في الآخرة. قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. فالله قد وعد بالاستجابة، والموقن هو من يثق في وعد ربه.
3- سبب عدم الإجابة: الغفلة: يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعاء الغافل، وهو الذي يحرك لسانه بالدعاء ولكن قلبه ساهٍ لاهٍ، لا يتأمل في عظمة من يدعوه، ولا في معنى ما يقول. هذا الدعاء لا يرقى إلى السماء لأنه يفتقر إلى شرط أساسي من شروط القبول، وهو حضور القلب وخشوعه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- العناية بصلاح القلب: القلب هو ملك الجوارح، فإذا صلح صلح العمل كله. لذا يجب على المسلم أن يجتهد في تطهير قلبه من الغفلة والقسوة، وأن يملأه بالإيمان واليقين والتوكل على الله.
2- اليقين بالله تعالى: الدعاء عبادة عظيمة، وأعظم ما يعين على إجابة الدعاء هو يقين العبد بربه، وثقته أنه لن يخيب رجاءه. هذا اليقين هو الذي يجعل الداعي يلح في دعائه ولا يستبطئ الإجابة.
3- حضور القلب في العبادة: هذا الحديث يذكّرنا بأهمية حضور القلب في جميع العبادات، وخاصة في الدعاء الذي هو مخ العبادة. فليس المقصود تكثير الكلمات، بل صدق التوجه والإخلاص.
4- تفاوت الناس في قبول الخير: كما تتفاوت الأوعية في سعتها، تتفاوت القلوب في استعدادها لقبول الهدى والعمل الصالح. وهذا يحث المسلم على أن يسأل الله قلباً سليماً أواعياً للخير.

رابعاً. معلومات إضافية:

● الترغيب في الدعاء: هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث ترغب في الدعاء وتبين آدابه، مثل حديث: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه» (رواه الترمذي وحسنه).
● الفرق بين الغفلة والنسيان: الغفلة هي الإعراض عن الذكر والعبادة مع القدرة على الحضور، أما النسيان فهو الذهول عن الشيء دون قصد. والله تعالى يعذر بالنسيان ولا يعذر بالغفلة المقصودة.
● كيفية تحقيق اليقين: يحصل اليقين بالإجابة بتذكر أسماء الله الحسنى وصفاته (كالكريم، المجيب، الرحيم)، وتذكر إجابته لدعوات الأنبياء والصالحين، وتذكر وعده الصادق في القرآن الكريم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين إذا دعوا الله كانوا موقنين بالإجابة، حاضرِي القلوب، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٦٦٥٥) عن حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا بكر بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو فذكره.
وفي إسناده ابن لهيعة وهو سيء الحفظ وفيه كلام معروف كما مضى إلا أنه لم يخطئ في هذا الحديث لأن له أصلا. وشاهد ضعيف أيضا.
وقد حسّنه المنذري في الترغيب (٢٥٧١)، والهيثمي في المجمع (١٠/ ١٤٨).
وأما ما روي عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه». فإسناده ضعيف جدا.
رواه الترمذي (٣٤٧٩)، وابن حبان في ترجمة صالح بن بشير المري من المجروحين (١/ ٤٧١)، وابن عدي في الكامل (٤/ ١٣٨٠)، والحاكم (١/ ٤٩٣) كلهم من طريق صالح المري، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة فذكره.
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه».
وأما الحاكم فقال: «هذا حديث مستقيم الإسناد، تفرد به صالح المري، وهو أحد زهاد أهل البصرة».
وتعقبه المنذري فقال: «صالح المري لا شك في زهده، لكن تركه أبو داود والنسائي».
الترغيب والترهيب (٢٥٧٢).
وكذلك تعقبه الذهبي بقوله: «قلت: صالح متروك».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 138 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اسألوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

📜 حديث: اسألوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اسألوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اسألوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اسألوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية