حديث: لا تقل اللهم اغفر لي إن شئت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب العزم في الدعاء ولا يقولن: إن شئت فأعطني

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم! اغفر لي إن شئت، اللهم! ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة؛ فإنه لا مكره له».
وفي رواية: «وليعظّم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه».

متفق عليه: رواه مالك في كتاب القرآن (٢٨) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم! اغفر لي إن شئت، اللهم! ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة؛ فإنه لا مكره له».
وفي رواية: «وليعظّم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، يحمل أدباً من آداب الدعاء العظيمة، وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:


● لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ: أي ليجزم في طلبه، ويُظهر الالحاح والجدية في سؤاله، من غير تردد.
● فَإِنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ: أي أن الله تعالى لا يُجبر ولا يُكره على شيء، بل هو الفعّال لما يريد، لا معقب لحكمه.
● وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ: أي ليكبر طلبه، ويجعل مسألته عظيمة، فلا يستحي أن يسأل الله تعالى أي شيء، ولو عَظُم.
● فَإِنَّ اللَّهَ لا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ: أي أن الله تعالى لا يعجزه شيء، ولا يستصعب عليه أي عطاء يمنحه لعبده، مهما كان كبيراً أو عظيماً.

ثانياً. شرح الحديث:


ينهى النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن أن يقرن دعاءه بقوله "إن شئت"، مثل أن يقول: "اللهم اغفر لي إن شئت"، أو "اللهم ارحمني إن شئت".
والسبب في هذا النهي أن هذه الصيغة توحي بشيء من التردد والاستحياء غير المحمود، وكأن العبد يشك في إرادة الله تعالى له الخير، أو كأنه لا يثق في سعة عطاء ربه. وهي قد تحمل معنى التعليق على مشيئة الله، والدعاء يجب أن يكون بجدية وإلحاح.
بل يأمر النبي صلى الله عليه وسلم العبد بأن "يعزم المسألة"، أي يكون جازماً في طلبه، حاثياً في سؤاله، واثقاً من إجابة ربه الكريم. وذلك لأن الله تعالى هو الغني الكريم، الذي لا يُكره على الفعل، ولا يحتاج إلى من يرشده أو يذكره، بل هو الذي يأمر عباده أن يسألوه ويعدهم بالإجابة.
وفي الرواية الأخرى، يأمر النبي صلى الله عليه وسلم العبد بأن "يعظم الرغبة"، أي لا يستحي أن يسأل الله تعالى أي شيء، ولو كان أعظم شيء، كأن يسأله الجنة أو النجاة من النار أو مغفرة ذنوب كبيرة. فإن الله تعالى هو الواسع الكريم، الذي لا يعجزه شيء، ولا يستصعب عليه أي عطاء.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- اليقين في إجابة الدعاء: على المسلم أن يدعو الله وهو موقن بالإجابة، مستحضراً قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
2- إظهار الافتقار والالحاح: الدعاء هو جوهر العبادة، وهو مظهر من مظاهر الافتقار إلى الله تعالى، فيجب أن يكون بلغة الجد والالحاح، لا بلغة التردد والشك.
3- سعة عطاء الله تعالى: الحديث يغرس في قلب المؤمن يقيناً بسعة عطاء الله وكرمه، وأنه لا حدود لما يمكن أن يعطيه لعباده.
4- عدم الاستحياء في المسألة: لا ينبغي للمسلم أن يستحي أن يسأل الله تعالى أي حاجة، دينية أو دنيوية، صغيرة كانت أم كبيرة.
5- الأدب مع الله في الدعاء: النهي عن قول "إن شئت" هو أدب مع الله تعالى، لئلا يشعر العبد بأنه يشترط على ربه أو يرشده، مع أن المشيئة لله تعالى وحده، ولكن الأدب هو أن يسأل بجدية ويترك الأمر لمشيئة الله وحكمته.

رابعاً. تنبيه مهم:


ليس معنى هذا أن مشيئة الله ليست نافذة، فكل شيء بمشيئته تعالى. ولكن المقصود هو النهي عن *صيغة* الدعاء التي توحي بالتردد وعدم الجزم في الطلب، لا إنكار كون المشيئة لله. فالعبد يسأل بجد ويجزم في مسألته، ثم يكون الأمر بعد ذلك لمشيئة الله وحكمته.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في كتاب القرآن (٢٨) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاري في الدعوات (٦٣٣٩) من طريق مالك به.
ورواه مسلم في الذكر والدعاء (٢٦٧٩: ٨) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء (هو: ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي)، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.
والرواية الأخرى له.
ورواه أيضا (٢٦٧٩: ٩) من طريق عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة بنحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 137 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تقل اللهم اغفر لي إن شئت

  • 📜 حديث: لا تقل اللهم اغفر لي إن شئت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تقل اللهم اغفر لي إن شئت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تقل اللهم اغفر لي إن شئت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تقل اللهم اغفر لي إن شئت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب