اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق

حديث: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق

عن عائشة قالت: جاءه الملك وهو في غار حراء فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقارئ» قال: «فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجَهْدَ، ثم أرسلني»، فقال: اقرأ. قلت: «ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهْدَ ثم أرسلني» فقال: اقرأ. فقلت: «ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني» فقال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)﴾ [سورة العلق: ١ - ٥].

متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الوحي (٣)، ومسلم في الإيمان (١٦٠) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهري، قال: حدثني عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرت في حديث طويل.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي روتْه أمُّنا عائشة رضي الله عنها يصف لنا لحظةً فاصلةً في تاريخ البشرية كلها، وهي لحظة بدء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث متفق على صحته، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

أولاً. شرح المفردات:

● غار حراء: كهف في جبل النور قرب مكة المكرمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد فيه قبل البعثة.
● ما أنا بقارئ: أي لستُ ممن يحسن القراءة والكتابة، وكان صلى الله عليه وسلم أُمِّيًّا.
● فغطني: الضم والاحتضان بشدة، وقيل: عصره وضمه ضماً شديداً.
● حتى بلغ مني الجهد: حتى بلغ بي التعب والمشقة إلى أقصى حد.

ثانياً. شرح الحديث:

يصف الحديث المشهد المهيب لنزول جبريل عليه السلام لأول مرة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتعبد في غار حراء.
1- المقابلة الأولى والأمر بالقراءة: ظهر جبريل عليه السلام في صورة رجل وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأ". فرد النبي صلى الله عليه وسلم بتواضع وأمانة قائلاً: "ما أنا بقارئ"، أي إنه لا يحسن القراءة ولا الكتابة، وهذه حقيقة وصفه الله بها في القرآن.
2- الاحتضان الشديد (الغط): هنا تأتي المباغتة والقوة؛ حيث أخذ جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وضمه ضماً شديداً حتى بلغ منه الجهد والتعب، ثم أرسله. وهذا الفعل ليس تعذيباً، بل له حِكَم عظيمة، منها:
* إعداد النبي صلى الله عليه وسلم نفسياً وجسدياً لتحمل عبء الرسالة الثقيل.
* تطهير قلبه وإعدادها لتلقي أعظم كلام، وهو كلام الله تعالى.
* إظهار جدية الموقف وخطورة المهمة التي سيكلف بها.
3- تكرار الأمر والاحتضان: تكرر هذا المشهد ثلاث مرات. وفي كل مرة يزداد التأهيل والاستعداد، حتى اكتملت الحالة النفسية والروحية لتلقي الوحي.
4- بدء التنزيل: بعد التهيئة الثالثة، قال جبريل عليه السلام الآيات الخمس الأولى من سورة العلق، وهي أول ما نزل من القرآن الكريم:
* ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾: الأمر بالقراءة والبدء باسم الله الخالق، إعلانٌ أن هذا الدين قائم على العلم والمعرفة، وأن مصدره هو خالق هذا الكون.
* ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾: تذكير الإنسان بأصله الضعيف (نطفة ثم علقة) ليتواضع ويعلم أن له رباً خالقاً.
* ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾: الرب الكريم هو الذي أنعم عليه بنعمة العقل والقدرة على التعلم.
* ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾: إعلان قيمة العلم والكتابة، التي هي الوسيلة لحفظ العلم ونشره.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- التدرج في التكليف: لم يُلقَ الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، بل كان بالتدرج والتهيئة، وهذا درس في التربية والتدرج في الأمور كلها.
2- الصبر على المشقة في طلب العلم والدعوة: بدأت الرسالة بمشقة وعناء، ليعلم الدعاة أن طريق الدعوة إلى الله لا بد أن يكون فيه صبر وتحمل.
3- مكانة العلم في الإسلام: أول أمر في الإسلام كان "اقرأ"، مما يرفع من شأن العلم والتعلم ويجعلها أساساً للدين.
4- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى التعبد، وهو سبب نزول الوحي عليه، مع كمال توكله على الله.
5- الأمانة والصدق: ظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته في قوله "ما أنا بقارئ" مع رغبته الشديدة في أن يعرف ما يقال له.

رابعاً. معلومات إضافية:

- استمر نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ثلاثاً وعشرين سنة.
- كان هذا الحدث في شهر رمضان، كما ذكر الله تعالى في سورة البقرة.
- عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوجته خديجة رضي الله عنها بعد هذا المشهد خائفاً مرتعداً، فكانت أول من صدقه وآمن به وثبتته.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين يتلونه حق تلاوته، ويعملون به، وأن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في بدء الوحي (٣)، ومسلم في الإيمان (١٦٠) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهري، قال: حدثني عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرت في حديث طويل. وهو مذكور في كتاب الوحي، وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥]

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق

📜 حديث: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية