سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة

حديث: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة

عن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ، حدَّثاه أنهما سمعا عمر ابن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حِزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول اللَّه ﷺ، فاستمعتُ لقراءته، فإذأ هو يقرأ على حروف كثيرة لم يُقْرئْنيها رسول اللَّه ﷺ، فكِدتُ أساورُه في الصلاة، فتصبّرتُ حتى سلّم، فلبّبته بردائه، فقلتُ: من أقْرأكَ هذه السورة التي سمعتُك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول اللَّه ﷺ، فقلت: كذبْتَ، فإنّ رسول اللَّه ﷺ أقرأنيها على غير ما قرأتَ، فانطلقتُ به أقودُه إلى رسول اللَّه ﷺ، فقلت: إني سمعتُ هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئْنيها! فقال رسول اللَّه ﷺ: «أَرْسله، اقْرأ يا هشام». فقرأ عليه القراءةَ التي سمعتُه يقرأ. فقال رسول اللَّه
ﷺ: «كذلك أُنزلت». ثم قال: «اقْرأْ يا عمر». فقرأتُ القراءة التي أقرأني. فقال رسول اللَّه ﷺ: «كذلك أُنزلت، إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسَّر منه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٤٩٩٢) عن سعيد بن عفير، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: حدثني عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبد القاري حدّثاه، فذكراه.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين. هذا الحديث العظيم الذي سألت عنه رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الأساسية في بيان حقيقة نزول القرآن على سبعة أحرف، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بعون الله وتوفيقه.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● يساوره: أي يهاجمه ويعاجله أثناء الصلاة.
● تصبرت: انتظرت وتحملت.
● لببته بردائه: أمسكته من طرف ردائه أو جذبته منه.
● كذبت: هنا بمعنى "لست صادقاً" في ظنه، وليست سباً أو شتيمة، بل إنكار لما ظنه عمر خطأ.
● أرسله: اتركه وأطلقه.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في الصلاة بوجوه مختلفة في القراءة لم يكن يعرفها، فقد تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم وجهاً معيناً، فاستغرب عمر وكاد أن يقطع عليه صلاته لينكر عليه، لكنه تحلى بالصبر حتى انتهى هشام من صلاته.
بعد السلام، أمسك عمر بهشام من ردائه وسأله: من الذي علمك هذه السورة على هذا النحو؟ فأجاب هشام: رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أقرأنيها. فظن عمر أنه يكذب، لأنه تعلم من النبي قراءة أخرى، فأخذه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما.
فلما قص عمر على النبي ما سمع، أمر النبي هشاماً أن يقرأ، فقرأ بالوجه الذي سمعه عمر، فقال النبي: "نعم، هكذا أُنزلت". ثم طلب من عمر أن يقرأ، فقرأ بالوجه الذي تعلمه، فقال النبي: "وهكذا أيضاً أُنزلت". ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، أي وجوه متعددة في القراءة، وأمرهم أن يقرؤوا بما تيسر منها.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- جواز القراءة بأكثر من وجه صحيح: فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم القراءتين مع اختلافهما، مما يدل على توسعة الله على الأمة وتيسير القرآن للقراءة والتلاوة.
2- الأدب في الإنكار: تصرف عمر رضي الله عنه بأدب مع هشام، حيث لم يقطع عليه صلاته، بل انتظر حتى يسلم، ثم سأله بلطف وحمله إلى النبي للفصل في الأمر. وهذا درس في كيفية التعامل مع المخالف عند الظن بالخطأ.
3- الرجوع إلى أهل العلم: عندما اختلف عمر وهشام، لم يتماديا في الجدال، بل ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليفصل بينهما. وهذا دليل على وجوب الرجوع إلى العلماء في مسائل الخلاف.
4- عظمة القرآن ومرونته: نزول القرآن على سبعة أحرف يدل على سعة هذه الأمة ومراعاة اختلاف لهجاتها وقدراتها، مما يسهل الحفظ والتلاوة.
5- الصبر وحسن الظن: تعلمنا من عمر الصبر وحسن الظن بالآخر، حيث لم يتسرع باتهام هشام بالكذب بل احتمل أنه قد يكون صادقاً.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- معنى "سبعة أحرف" فيه أقوال لأهل العلم، وأشهرها أنها سبع لهجات أو طرق في القراءة تتسع للأمة، وليست بالضرورة محددة بعدد معين، بل هي كناية عن التوسعة والتنوع.
- هذه الرخصة لا تعني التحريف أو التلاعب بالقرآن، بل كل قراءة متواترة صحيحة السند معتبرة.
- كان هذا في العهد النبوي، ثم جمع عثمان المصحف على حرف واحد (لهجة قريش) خشية الاختلاف، ولكن بقي جواز القراءة بالروايات المتواترة التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن ينفعنا بالقرآن العظيم، ويجعلنا من أهله وخاصته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٤٩٩٢) عن سعيد بن عفير، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: حدثني عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبد القاري حدّثاه، فذكراه.
ورواه مسلم في صلاة المسافرين (٨١٨) من وجه آخر عن يونس، عن ابن شهاب، بإسناده مختصرًا، وأحال على رواية مالك.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 18 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة

📜 حديث: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية