خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين

حديث: خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين

عن زيد بن ثابت قال لما نسخنا الصحف في المصاحف، فقدت آية من سورة الأحزاب كنت كثيرا أسمع رسول اللَّه ﷺ يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول اللَّه ﷺ شهادته شهادة رجلين: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٣]

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٧٨٤) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، وغيرهما، وهو حديث صحيح ثابت، ويتعلق بجمع القرآن الكريم في عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● "لما نسخنا الصحف في المصاحف": أي عندما نقلنا وكتبنا ما كان مجموعًا في صحف متفرقة (وهي التي جمعت في عهد أبي بكر رضي الله عنه) وقمنا بتجليسه في مصاحف واحدة موحدة (وهي عملية الجمع في عهد عثمان رضي الله عنه).
● "فقدت آية": ضاعت ولم أجدها مكتوبة عند أحد من الصحابة الذين جمعوا القرآن.
● "خزيمة بن ثابت الأنصاري": صحابي جليل، اشتهر بصدقه وأمانته حتى لقب بذي الشهادتين.
● "جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين": أي أن النبي ﷺ قبل شهادته بمفردها كشهادة رجلين، تكريمًا له وثقة مطلقة بصدقه.
● "قضى نحبه": أي وفى بعهده مع الله واستشهد في سبيله.
● "وما بدلوا تبديلا": أي ما غيّروا عهدهم مع الله، بل ثبتوا عليه ثباتًا تامًا.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه – وهو أحد كُتَّاب الوحي وأحد أهم من شارك في جمع القرآن – عن حدث مهم أثناء قيامهم بجمع القرآن وتوحيد المصاحف في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فقد كانوا يجمعون القرآن من الرقاع والعظام والجلود والصحف التي كُتب عليها الوحي، ويتحققون من كل آية بشهادة صحابيين على الأقل. فلم يجد زيد هذه الآية الكريمة ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ...﴾ مكتوبة مع أي من الصحابة الذين جمع عندهم القرآن، إلا مع الصحابي الجليل خزيمة بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه.
وعلى الرغم من أن القاعدة كانت تتطلب شاهدين، إلا أن زيدًا قبل رواية خزيمة وحده لهذه الآية. والسبب في ذلك أن النبي ﷺ قد منح خزيمة مكانة خاصة، حيث جعل شهادته الفردية كشهادة رجلين، وذلك لشدة صدقه وأمانته وثقته العالية. فكانت روايته مقبولة ومعتمدة بمفردها، فكتبت الآية في المصحف بناءً على ذلك.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- عناية الصحابة الفائقة بالقرآن الكريم: يظهر هذا الحديث الحرص الشديد الذي كان عليه الصحابة رضي الله عنهم في جمع القرآن، وعدم الاعتماد على الحفظ أو الرواية الفردية فقط دون تحقق وتوثيق شديد. فلم يقبلوا الآية إلا بشهادة معتبرة، حتى لو كانت من رجل ثقة مثل خزيمة، ولكن بشرطه الخاص.
2- مكانة الصدق والأمانة: إن تكريم النبي ﷺ لخزيمة رضي الله عنه بجعل شهادته كشهادة رجلين هو دليل على أن أعلى مراتب الإيمان والعمل هي الصدق والاستقامة، حتى يصل المرء إلى درجة يطمئن لها قلب النبي ﷺ وأمة الإسلام أجمعين.
3- إثبات صحة ونقاء المصحف العثماني: هذه القصة من أعظم الأدلة على الدقة المتناهية التي تم بها جمع القرآن. فلم يُدخَل فيه شيء إلا بعد تحقيق وتثبت شديد، مما يطمئن القلب إلى أن القرآن الذي بين أيدينا هو نفس القرآن الذي أنزله الله على نبيه ﷺ دون زيادة أو نقصان.
4- فضل الصحابة وعدالتهم: الحديث يبرز مكانة الصحابة رضي الله عنهم وعدالتهم، وأنهم كانوا أمناء في نقل هذا الدين، وقد شهد لهم النبي ﷺ بالخيرية في أحاديث كثيرة.
5- التيسير على الأمة: قبول شهادة خزيمة بمفردها فيه تيسير من النبي ﷺ على الأمة، وجواز قبول شهادة الشخص الواحد إذا بلغ درجة عالية من الثقة والصدق في بعض الأمور الخاصة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- الآية التي تم إثباتها هي الآية 23 من سورة الأحزاب، وهي تمدح صفة من أعظم صفات المؤمنين: الوفاء بالعهد والثبات على الحق، سواء استشهدوا في سبيل الله أو هم ينتظرون لحظة لقائه.
- هذه القصة حدثت في الجمع الثاني للقرآن (الجمع العثماني) الذي كان بهدف توحيد المصاحف على حرف واحد ولهجة واحدة (لهجة قريش) بعد أن انتشر الإسلام في أمصار شاسعة وبدأ الاختلاف في القراءات يسبب بلبلة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الصدق والثبات في الدين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٧٨٤) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت قال: فذكره.
كان زيد بن ثابت حافظا لكتاب اللَّه، فيسّر عليه حفظه في جمع القرآن إلا أنه لم يعتمدْ على حفظه فقط، بل جمع القرآن مما كان مكتوبا في الألواح والعسب، كما أنه لم يُثْبِتْ شيئًا إلا بشهادة رجلين.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 48 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين

📜 حديث: خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية