حديث: آخر سورة نزلت التوبة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب آخر ما نزل من القرآن

عن البراء بن عازب، قال: آخر سورة نزلت ﴿بَرَاءَةٌ﴾ وآخر آية نزلت: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ. . .﴾ [سورة النساء: ١٧٦].

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٦٠٥)، ومسلم في الفرائض (١٦١٨) كلاهما من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فذكره.

عن البراء بن عازب، قال: آخر سورة نزلت ﴿بَرَاءَةٌ﴾ وآخر آية نزلت: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ. . .﴾ [سورة النساء: ١٧٦].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
أولاً: تخريج الحديث ومصدره:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب "فضائل القرآن"، باب "آخر سورة نزلت براءة"، ورواه أيضاً الإمام أحمد في مسنده، وغيرهما. وهو حديث صحيح ثابت عن الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه.
ثانياً: شرح المفردات:
* آخر سورة نزلت: أي آخر سورة كاملة نزلت من القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم.
* بَرَاءَةٌ: هي سورة التوبة، وسُميت بذلك لأنها تبدأ ببراءة الله ورسوله من المشركين (إِعْلَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ).
* يَسْتَفْتُونَكَ: يسألونك ليستفتوك ويطلبوا منك الفتوى (الحكم الشرعي).
* الْكَلَالَةِ: هي من لا ولد له ولا والد في الميراث، أي توفي شخص وليس له أبناء ولا أب، فكيف تُوزع تركته. والآية الكريمة في سورة النساء توضح تفصيل ميراث الكلالة.
ثالثاً: شرح الحديث ومعناه:
يخبرنا الصحابي البراء بن عازب رضي الله عنه بحقيقة مهمة عن تاريخ نزول القرآن، وهي:
1- أن آخر سورة كاملة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي سورة التوبة (براءة). وقد نزلت في السنة التاسعة للهجرة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن. وسبب تأخر نزولها أنها تتعلق ببيان موقف الدولة الإسلامية الناشئة من المشركين، ووضع الحدود بين دار الإسلام ودار الكفر، بعد أن قويت شوكة المسلمين وانتشر الإسلام. فهي تحوي أحكاماً مهمة جداً تتعلق بالسياسة الشرعية والعلاقات الدولية في ذلك الوقت.
2- أن آخر آية نزلت من القرآن الكريم هي آية الكلالة في سورة النساء (آية 176). ومعنى هذا أن هذه الآية كانت خاتمة الوحي القرآني، حيث نزلت متأخرة جداً، حتى بعد نزول سور كاملة أخرى. وهذا لا تعارض فيه، لأن القرآن نزل مفرقاً على حسب الأحداث والحوادث والحكمة الإلهية. فمن الممكن أن تنزل سورة كاملة ثم بعدها تنزل آيات تتعلق بأحكام أخرى في سور سابقة.
رابعاً: الدروس المستفادة والفؤائد:
1- بيان كيفية نزول القرآن: نزل القرآن مفرقاً على مدى ثلاث وعشرين سنة، على حسب الحاجة والحكمة، ليتدرج في تشريع الأحكام ويسهل حفظه وفهمه.
2- عناية الإسلام ببيان أحكام الميراث: ختم الله القرآن بآية مفصلة في الميراث (أحكام الكلالة)، مما يدل على أهمية هذا الباب وعظمته في الشريعة، ودقته وعدالته.
3- حرص الصحابة على العلم ونقله: حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة تواريخ النزول وملابساته، ونقلوا ذلك بدقة لأمتهم، مما يبين مدى اهتمامهم بحفظ الدين كاملاً.
4- أن سورة التوبة لها مكانة خاصة: لأنها نزلت متأخرة، فهي تحوي أحكاماً حاسمة ونهائية في العلاقة مع المشركين وأهل الكتاب، مما يستوجب الوقوف عند مقاصدها وأحكامها.
5- أن ترتيب آيات القرآن في المصحف هو ترتيب توقيفي (بأمر النبي صلى الله عليه وسلم) وليس حسب ترتيب النزول. فآخر ما نزل (آية الكلالة) موجودة في سورة النساء التي نزل معظمها في Medina المنورة، بينما وضعت في المصحف بعد سورة آل عمران.
خامساً: معلومات إضافية مفيدة:
* هناك أقوال أخرى للعلماء في تحديد آخر آية نزلت، منها قول أن آخر آية نزلت هي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]. والجمع بين هذه الأقوال أن كل عالم أخبر عن آخر ما سمعه أو وعاه من النزول، فكلها صحيحة في أوقات متقاربة، وكانت هذه الآيات من آخر ما نزل من القرآن.
* الحديث يدل على أن الوحي كان ينزل بحسب الحاجة، فسؤال صحابي عن حكم الكلالة كان سبباً لنزول آية كاملة هي خاتمة الوحي، مما يدل على أن القرآن جاء جواباً على أسئلة الناس وعلاجاً لمشاكلهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٦٠٥)، ومسلم في الفرائض (١٦١٨) كلاهما من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فذكره.
والمراد بالآخر هنا في شأن الفرائض.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آخر سورة نزلت التوبة

  • 📜 حديث: آخر سورة نزلت التوبة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: آخر سورة نزلت التوبة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: آخر سورة نزلت التوبة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: آخر سورة نزلت التوبة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب