حديث: يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٥)﴾

عن محمد بن عباد بن جعفر، أنه سمع ابن عباس يقرأ: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ قال: سألته عنها، فقال: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا، فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم، فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.
وفي رواية: كان الرجل يجامع امرأته، فيستحيي، أو يتخلى، فيستحيي فنزلت: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾.

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٦٨١) عن الحسن بن محمد بن صباح، حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر، فذكره.

عن محمد بن عباد بن جعفر، أنه سمع ابن عباس يقرأ: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ قال: سألته عنها، فقال: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا، فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم، فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.
وفي رواية: كان الرجل يجامع امرأته، فيستحيي، أو يتخلى، فيستحيي فنزلت: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الحديث:
هذا الأثر رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب التفسير، سورة هود) عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو يفسر قوله تعالى:
﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: 5].


1. شرح المفردات:


● يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ: يحنون ظهورهم ويطأطئون رؤوسهم ويتقوسون ليخفوا أنفسهم عن نظر الله (حسب ظنهم الفاسد).
● يَسْتَخْفُوا: ليختفوا ويستتروا.
● يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ: يتغطون بثيابهم كاللحاف والرداء ليلاً.
● يَتَخَلَّوْا: يقضوا حاجتهم (البول أو الغائط).
● يُفْضُوا: يكشفوا عوراتهم أو يفعلوا الفعل الذي يستحيون من كشفه.


2. شرح الحديث:


يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما – وهو حبر الأمة وترجمان القرآن – عن سبب نزول هذه الآية، فيبين أن هناك أناساً من المشركين أو المنافقين كانوا يعتقدون اعتقاداً جاهلياً فاسداً، وهو أنهم يستطيعون أن يخفوا عن الله تعالى ما يفعلون من الأمور التي يستحيون منها، كقضاء الحاجة أو الجماع مع زوجاتهم.
فكانوا عندما يريدون فعل هذه الأمور (التي هي في الأصل مباحة وحلال)، يحنون ظهورهم ويتقوسون ويغطون رؤوسهم بثيابهم ليلاً ظناً منهم أنهم بذلك يخفون أنفسهم عن علم الله ورؤيته! فأنزل الله هذه الآية توبيخاً لهم وتأكيداً على أن علمه محيط بكل شيء، ظاهره وباطنه، في الليل والنهار، في الخلاء والجلواء.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- إثبات علم الله المحيط: الآية والحديث يؤكدان أن الله تعالى يعلم كل شيء، السر والعلن، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. وهذا من كمال إيمان العبد بالله.
2- بطلان الاعتقادات الفاسدة: ذم الاعتقاد الجاهلي الذي يتوهم أن بالإمكان الاختفاء من علم الله أو رؤيته، وهو اعتقاد كفري يناقض التوحيد.
3- استحضار مراقبة الله في كل الأحوال: على المسلم أن يستشعر مراقبة الله له في كل وقت وحين، في خلواته وجلواته، في قضاء حاجته وفي جماعه مع أهله. هذا الاستحضار هو روح الإحسان الذي عرفه النبي صلى الله عليه وسلم: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
4- أن أفعال العباد كلها معلومة لله: لا فرق عند علم الله بين العمل العلني والعمـل السري، فالله يعلم نيـاتهم وما يخفـون في صدورهـم.
5- الرد على شبهة المنافقين والمشركين: الذين كانوا يسخرون من فكرة البعث والحساب، فبينت الآية أن الله الذي يعلم سرهم ونجواهم قادر على إحيائهم ومحاسبتهم.


4. معلومات إضافية:


- هذا الأثر من أقوال ابن عباس هو من التفسير بالمأثور، وهو أعلى أنواع التفسير وأصحها.
- الآية نزلت في سياق الرد على المشركين والمنافقين الذين كانوا يسخرون من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن فكرة البعث والحساب.
- يستفاد من الحديث أن الحياء خصلة محمودة، ولكن لا يجوز أن يؤدي إلى اعتقاد فاسد أو معصية. فحياء أولئك القوم كان في محله (من كشف العورة)، لكنه قادهم إلى جهل عظيم في صفات الله.
- الفقهاء يستدلون بهذا على استحباب الاستتار عند قضاء الحاجة والجماع، ولكن مع اليقين بأن الله مطلع عليك، فليس الاستتار للاختفاء من الله، بل هو من الآداب الشرعية والحياء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٦٨١) عن الحسن بن محمد بن صباح، حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر، فذكره.
والرواية الثانية أخرجها البخاري في التفسير (٤٦٨٢) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن ابن جريج به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 688 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء

  • 📜 حديث: يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب