حديث: أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤)﴾

عن أبي اليسر قال: أتتني امرأة تبتاع مني تمرا، فقلت: إن في البيت تمرا أطيب منه، فدخلت معي البيت، فأهويت إليها، فغمزتها وقبلتها، فأتيت أبا بكر، فذكرت ذلك له، فقال: استر على نفسك، ولا تخبر أحدا، فلم أصبر، فأتيت رسول الله ﷺ،
فذكرت ذلك له، فقال: «أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟» حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا تلك الساعة حتى ظننت أني من أهل النار. قال: وأطرق رسول الله ﷺ طويلا، ثم أوحى الله إليه ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ إلى آخر الآية. قال أبو اليسر: فأتيته، فقرأها عليّ، فقال أصحابه: يا رسول الله! أله خاصة أو للناس عامة؟ قال: «بل للناس عامة».

حسن: رواه الترمذي (٣١١٥)، والطبري في تفسيره (١٢/ ٦٢٥)، والطبراني في الكبير (١٩/ ١٦٥) كلهم من حديث قيس بن الربيع، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبي اليسر، فذكره.

عن أبي اليسر قال: أتتني امرأة تبتاع مني تمرا، فقلت: إن في البيت تمرا أطيب منه، فدخلت معي البيت، فأهويت إليها، فغمزتها وقبلتها، فأتيت أبا بكر، فذكرت ذلك له، فقال: استر على نفسك، ولا تخبر أحدا، فلم أصبر، فأتيت رسول الله ﷺ،
فذكرت ذلك له، فقال: «أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟» حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا تلك الساعة حتى ظننت أني من أهل النار. قال: وأطرق رسول الله ﷺ طويلا، ثم أوحى الله إليه ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ إلى آخر الآية. قال أبو اليسر: فأتيته، فقرأها عليّ، فقال أصحابه: يا رسول الله! أله خاصة أو للناس عامة؟ قال: «بل للناس عامة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث باختصار:


يحكي الصحابي أبو اليسر رضي الله عنه قصة وقوعه في خطيئة كادت أن تهلكه، عندما دخلت معه امرأة إلى بيته فاقترب منها وأخذ يقبلها، ثم ندم على فعلته واستشار أبو بكر الصديق ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم معترفًا بذنبه.


1. شرح المفردات:


● أبو اليسر: هو صحابي جليل اسمه كعب بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه.
● تَبْتَاعُ: تشتري.
● فأهويت إليها: مالَ إليها وأقبل عليها.
● فغمزتها: لمسها أو عصرها.
● أخلفت غازيا: خنت غازيًا متغيبًا في سبيل الله.
● حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت: كناية عن شدة الندم والخوف من العقاب.
● أَطْرَقَ: خفض رأسه وسكت.
● طَرَفَيِ النَّهَار: أول النهار (صلاة الفجر) وآخره (صلاة العصر).


2. شرح الحديث:


بدأ أبو اليسر رضي الله عنه قصته بأن امرأة جاءته لشراء التمر، فدعاها إلى بيته بحجة أن عنده تمرًا أجود، فلما دخلت معه انفرد بها وأرتكب ما حرم الله من اللمس والقبلة.
ثم ندم على فعلته ندماً شديداً، فذهب أولاً إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه مستشيراً ومعترفاً بذنبه، فنصحه أبو بكر بأن يستر على نفسه ولا يخبر أحداً، ستراً عليه وصوناً لكرامته. لكن شدة الندم والألم جعلت أبي اليسر لا يصبر على حمل هذا الذنب، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بذنبه بين يديه.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بتأثر وعتاب: «أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟» أي: كيف تفعل هذا بامرأة رجل غائب في الجهاد في سبيل الله؟! وهذا توبيخ شديد يدل على عظم الجرم، حيث جمع بين الغش والخيانة والاعتداء على عرض غائب يدافع عن المسلمين.
فظن أبو اليسر أن هلاكه قد حان، وتمنى لو أنه أسلم في تلك الساعة فقط (أي لم يكن له من الإسلام إلا مجرد الدخول فيه) ليكون ذنبه أقل، وبلغ به الخوف مبلغاً حتى أيقن أنه من أهل النار بسبب عظم جرمه.
وهنا تأتي رحمة الله تعالى، حيث أطرق النبي صلى الله عليه وسلم طويلاً – والسكوت هنا للانتظار والتفكر وترقب الوحي – فأنزل الله تعالى الآية الكريمة: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].
فلما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أبي اليسر، فهم الصحابة أن الحكم خاص به، فسألوا: «يا رسول الله! أله خاصة أم للناس عامة؟» فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم: «بل للناس عامة»، ليبين أن هذه الرحمة والتوبة مشروعة لكل من تاب من أي ذنب.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم جرم الخيانة والاعتداء على أعراض الغائبين: خاصة من كان غائبًا في الجهاد في سبيل الله.
2- فضل الستر على أهل المعاصي: كما نصح أبو بكر الصديق أبا اليسر، وهذا من حكمة الصحابة ورفقهم.
3- فضل الاعتراف بالذنب والتوبة إلى الله: وإن كان الذنب عظيماً، فباب التوبة مفتوح.
4- سعة رحمة الله تعالى ومغفرته: حيث أنزل الله الآية تطميناً وتخفيفاً على عبده التائب.
5- أن الحسنات يذهبن السيئات: هذه قاعدة عظيمة من قواعد المغفرة في الإسلام، فالإكثار من الصلوات والنوافل والطاعات يكفر الذنوب ويُذهِبها.
6- أن التوبة النصوح تمحو الذنوب كلها: حتى الكبائر، إذا صدق العبد في توبته وندمه.
7- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية: حيث عاقبه أولا بتعظيم الجرم في نفسه حتى يبلغ الندم أشده، ثم جاءه بالفرج والمغفرة.
8- أن الأحكام التي تنزل بسبب أسباب هي عامة للأمة: إلا إذا دل الدليل على التخصيص.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد في "مسنده"، وغيرهم.
- اشتهر أبو اليسر بعد هذه الحادثة بصدقه وشدة تخوفه من الله، وصار مضرب المثل في التوبة النصوح.
- الآية التي نزلت {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} أصبحت نبراساً لكل تائب، تبين أن طريق تكفير الذنوب ليس اليأس والقنوط، بل هو الإكثار من الحسنات والطاعات.
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا ويغفر ذنوبنا ويتجاوز عن سيئاتنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣١١٥)، والطبري في تفسيره (١٢/ ٦٢٥)، والطبراني في الكبير (١٩/ ١٦٥) كلهم من حديث قيس بن الربيع، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبي اليسر، فذكره.
ورواه البزار في مسنده (٢٣٠٠)، والنسائي في الكبرى (٧٢٨٦ و١١١٨٤) كلاهما من طريق شريك القاضي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله بن موهب به نحوه.
وقيس بن الربيع وشريك القاضي كلاهما ضعيفان، ولكن يقوّي أحدهما الآخر، وبه صار الإسناد حسنا.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 703 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟

  • 📜 حديث: أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أخلفت غازيا في أهله بمثل هذا؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب