حديث: قبول التوبة قبل الغرغرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١)﴾

عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر».

حسن: رواه الترمذي (٣٥٣٧)، وأحمد (٦١٦٠)، وصححه ابن حبان (٦٢٨)، والحاكم (٤/ ٢٥٧) كلهم من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن ابن عمر، فذكره.

عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث الرجاء والأمل، يفتح الله تعالى به أبواب التوبة والرحمة لعباده. وها هو شرحه على النحو التالي:

الحديث بلفظه:


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ».
أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني.


1. شرح المفردات:


* يَقْبَلُ: يأخذها ويصفح عن صاحبها، ويعفو عن ذنبه، ويمحو أثره.
* تَوْبَةَ الْعَبْدِ: عودته ورجوعه إلى الله تعالى، بترك المعصية، وندم على ما فات، وعزم على عدم العودة.
* يُغَرْغِرْ: هي كلمة تصف حالة الاحتضار، عندما يبلغ الروح الحلقوم، ويصعد إلى الحلق، فيُسمع للشخص صوت كالغرغرة من شدة خروج الروح. وهي علامة على حضور الموت ودنو الأجل.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن باب التوبة مفتوح على مصراعيه أمام العبد طوال عمره، من حين بلوغه إلى اللحظة التي تسبق خروج روحه من جسده.
فمهما عظم ذنب العبد، وكثرت معاصيه، طالما أن روحه لم تصل إلى الحلقوم (أي طالما لم يحضر أجله ويبدأ في الاحتضار)، فإن الله تعالى يقبل توبته ويغفر ذنبه. إنها صورة عظيمة لسعة رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء، والتي تسبق غضبه.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- سعة رحمة الله وعفوه: هذا الحديث من أعظم ما يبعث على الأمل ويطرد اليأس من روح الله. فالباب مفتوح، والمهلة طويلة، والمغفرة ممكنة.
2- الحث على المبادرة إلى التوبة:رغم أن المغفرة متاحة حتى اللحظة الأخيرة، إلا أن الحديث يحذر بشكل ضمني من التسويف والتأخير، لأن الإنسان لا يدري متى يحين أجله. فمن ذا الذي يضمن ألا يأتيه الموت فجأة دون أن يبلغ مرحلة الغرغرة؟ لذلك يجب على المسلم أن يبادر إلى التوبة فور الوقوع في المعصية.
3- التحذير من اليأس والقنوط: لا يجوز للمسلم أن ييأس من رحمة الله مهما كثرت ذنوبه، طالما هو في زمن الإمكان والقدرة على التوبة. قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
4- شروط التوبة المقبولة: ليس معنى الحديث أن مجرد الدعاء باللسان في آخر لحظة يكفي، بل لابد أن تجتمع شروط التوبة النصوح وهي:
* الإقلاع عن الذنب فوراً.
* الندم على ما فَعَل.
* العزم على عدم العودة إليه.
* إرجاع الحقوق إلى أهلها إذا كان الذنب يتعلق بحقوق العباد (كالمال والعرض).


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث خاص بالتوبة من ذنوب العبد بينه وبين ربه. أما حقوق العباد (كالدين والغصب والظلم) فلا تكفي فيها التوبة بالندم فقط، بل يجب رد المظالم إلى أهلها أو التحلل منهم.
* هناك حديث آخر يكمل معنى هذا الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ». فابسط يدك بالتوبة، يبسط الله عليك برحمته.
* التوبة النصوح هي التي لا عودة بعدها، وهي من أعظم القربات إلى الله تعالى، بل هي وظيفة العمر كلها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ».
نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً للتوبة النصوح قبل حضور الأجل، وأن يتوب علينا ويغفر لنا ويرحمنا، إنه هو التواب الرحيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٥٣٧)، وأحمد (٦١٦٠)، وصححه ابن حبان (٦٢٨)، والحاكم (٤/ ٢٥٧) كلهم من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن ابن عمر، فذكره.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت، فإنه حسن الحديث.
وكاد فرعون أن يؤمن بالله تعالى بعد ما رأى أن بني إسرائيل قد عبروا البحر، فجاء جبريل عليه السلام ودسَّ في فمه التراب حتى لا يتكلم بكلمة التوحيد كما جاء في الحديث

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 686 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قبول التوبة قبل الغرغرة

  • 📜 حديث: قبول التوبة قبل الغرغرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قبول التوبة قبل الغرغرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قبول التوبة قبل الغرغرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قبول التوبة قبل الغرغرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب