حديث: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١)﴾

عن ابن عباس: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ وذلك لما أنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [سورة النساء: ٢٩]، فقال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام من أفضل الأموال، فلا يحلّ لأحد منا أن يأكل عند أحد، فكفّ الناس عن ذلك، فأنزل الله بعد ذلك: إلى قوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾.

حسن: رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧/ ٣٦٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٨/ ٢٦٤٨) كلاهما من طريق عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ وذلك لما أنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [سورة النساء: ٢٩]، فقال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام من أفضل الأموال، فلا يحلّ لأحد منا أن يأكل عند أحد، فكفّ الناس عن ذلك، فأنزل الله بعد ذلك: إلى قوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل وعالم الأمة حبرها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يوضح لنا جانباً من جوانب رحمة الله تعالى بعباده ورفقه بهم، وكيف كانت تنزل الآيات القرآنية متدرجة لتهدي الأمة وتيسر عليها.

أولاً. شرح المفردات:


● جُنَاحٌ: إثم أو حرج أو ذنب.
● أَشْتَاتًا: متفرقين، كل واحد على حدة.
● بِالْبَاطِلِ: بالكذب والغش والاحتيال والطرق المحرمة.
● مَفَاتِحَهُ: مفاتيحه، وهو كناية عن الإذن والتصرف، فمن أعطي مفتاح بيت أو خزانة فقد أُذن له في الدخول والأكل مما فيه.

ثانياً. شرح الأثر وبيان سياقه:


يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما عن قصة نزول آية من آيات سورة النور، وهي قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [سورة النور: 61].
والقصة كما يرويها:
1- النهي الأول: عندما نزل قوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}. فهم الصحابة الكرام هذا النهي العام على أوسع وجه، فقالوا: الطعام من أفضل الأموال، وقد نهانا الله عن أكل أموالنا بيننا بالباطل. فإذا أكل أحدنا عند صاحبه، فقد يكون هذا من أكل المال بالباطل إن لم يكن على وجه واضح من الإذن والرضا.
2- التشديد على النفس: فتشدد الصحابة في حق أنفسهم احتياطاً لدينهم، وكفّوا عن الأكل عند بعضهم البعض، أو في بيوت غيرهم، خشية أن يقعوا في أكل المال بالباطل.
3- التيسير من الله: فلما رأى الله صدق إيمانهم وورعهم، أنزل التيسير عليهم لئلا تشق عليهم الحياة، فبين تعالى أن هذا الفعل الذي امتنعوا عنه (وهو الأكل في بيوت الأقارب والأصحاب ب إذنهم) ليس من أكل المال بالباطل، بل هو حلال طيب. فأنزل الله الآية في سورة النور التي أباحت لهم الأكل في بيوت الآخرين إذا أذنوا لهم، سواء أكلوا جميعاً في مجموعة أم متفرقين.
ثم يشير ابن عباس إلى أن الإذن قد يكون صريحاً أو مفهومًا، فيقول: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}، أي أن من أعطي مفتاح بيت (كالأقارب أو الخدم أو الأصدقاء المقربين) فقد أذن له ضمناً في الأكل من طعامه إذا دعت الحاجة، ما دام هذا هو العرف والعادة بينهم، وهذا من رحمة الله وتيسيره.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- ورع الصحابة وتحرّيهم: يظهر هذا الأثر مدى حرص الصحابة رضي الله عنهم على تطبيق أوامر الله ونواهيه بأعلى درجات الورع والاحتياط، حتى إنهم امتنعوا عن أمر مباح خشية أن يكون داخلاً في النهي.
2- يسر الإسلام وسماحته: جاءت الشريعة الإسلامية برفع الحرج ودفع المشقة، فبعد أن تشدد الصحابة على أنفسهم، أنزل الله التيسير ليبين لهم أن ما فعلوه ليس محرماً، بل هو من الطيبات.
3- فهم النصوص في إطارها الصحيح: لا يجب فهم النصوص القرآنية بمعزل عن بعضها، فالشريعة كل لا يتجزأ. النهي عن أكل المال بالباطل مقصوده الحرام والخبيث كالسرقة والغش والربا، وليس الأكل بالرضا والإذن.
4- الثقة في المسلمين وإكرام الضيف: من الدلالات الاجتماعية الجميلة في الآية تشجيع روح الألفة والمودة من خلال إباحة الأكل في بيوت الأقارب والأصدقاء، مما يقوي أواصر المحبة في المجتمع.
5- التدرج في التشريع: يظهر كيف كان التشريع ينزل بشكل متدرج، فيعالج الواقع ويصحح المفاهيم دون حرج أو مشقة على الناس.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا من أمثلة "ناسخ القرآن ومنسوخه"، حيث أن آية سورة النور (الإباحة) هي التي حكمت على الفهم الأولي للصحابة لآية سورة النساء (النهي العام)، فكشفت أن الأكل بالإذن ليس داخلاً في ذلك النهي.
- الآية الكاملة في سورة النور هي: **{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧/ ٣٦٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٨/ ٢٦٤٨) كلاهما من طريق عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل علي بن أبي طلحة وهو وإن كان يرسل عن ابن عباس، ولكن الواسطة معروف وهو صدوق في نفسه، وكذلك فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1036 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا

  • 📜 حديث: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب