حديث: الماء طهور لا ينجسه شيء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن الماء إذا كان قُلَّتين لا يُنَجِّسه شيء

عن أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول اللَّه! أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يُطرح فيها الحيضُ ولحوم الكلاب والنَّتْنُ؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «الماء طهور لا يُنَجِّسه شيء».

حسن: رواه أبو داود (٦٦) والترمذي (٦٦) والنسائي (٣٢٦) كلّهم من طريق الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد الخدري.

عن أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول اللَّه! أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يُطرح فيها الحيضُ ولحوم الكلاب والنَّتْنُ؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «الماء طهور لا يُنَجِّسه شيء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، وصححه عدد من أهل العلم:

الحديث:


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قيل يا رسول اللَّه! أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يُطرح فيها الحيضُ ولحوم الكلاب والنَّتْنُ؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «الماء طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ».

1. شرح المفردات:


● بئر بضاعة: بئر معروفة في المدينة المنورة، كانت لرجل من الأنصار يسمى بضاعة.
● يُطرح فيها: يُلقى فيها.
● الحيض: هنا يعني دماء الحيض التي كانت تُلقى في البئر.
● لحوم الكلاب: جيف الكلاب أو بقاياها.
● النَّتْنُ: الأشياء ذات الرائحة الكريهة والمتفسخة.
● طَهُورٌ: طاهر في ذاته، مُطهِّرٌ لغيره، يصلح للوضوء والطهارة.
● لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ: لا يفسد طهارته شيءٌ يقع فيه من النجاسات.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم الوضوء من بئر بضاعة، التي كانت تُلقى فيها أنواعٌ من القاذورات والنجاسات مثل دماء الحيض ولحوم الكلاب النجسة والأشياء المتعفنة. فيجيبهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الماء يبقى على أصل طهارته، ولا تؤثر فيه النجاسات طالما أنه حافظ على صفاته الطبيعية من لون وطعم ورائحة.

3. الدروس المستفادة منه:


● أصل الماء الطهورية: الماء النقي باقٍ على طهوريته حتى يتغير أحد أوصافه (اللون، الطعم، الرائحة) بسبب النجاسة.
● التيسير ورفع الحرج: من حكمة الشريعة التيسير على الناس وعدم تكليفهم بما يشق عليهم، خاصة في الأمور الأساسية مثل الماء.
● قاعدة فقهية عظيمة: الحديث أصلٌ في أن الماء الكثير لا ينجس إلا إذا تغير بالنجاسة. والماء الكثير هو ما بلغ قلتين أو أكثر (حسب تقدير بعض الفقهاء)، لأن البئر عادة تكون كبيرة.
● الثقة بتعاليم الإسلام: حتى لو ظن الإنسان أن هناك نجاسة، فإن الحكم الشرعي هو المعوّل عليه.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأدلة التي يستند إليها الفقهاء في حكم طهارة الماء الكثير إذا وقعت فيه نجاسة ولم تغير صفاته.
- بعض العلماء قيد الحكم بما إذا كان الماء قلتين فصاعداً (أي حوالي 190 لتراً تقريباً)، استناداً لحديث: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث» رواه أبو داود وغيره.
- ينبغي للمسلم أن يحرص على نظافة الماء وطهارته، ولكن دون وسواس أو تشديد غير مطلوب شرعاً.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٦٦) والترمذي (٦٦) والنسائي (٣٢٦) كلّهم من طريق الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد الخدري.
قال أبو سعيد في رواية عند النسائي: مررت بالنبي ﷺ وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النَّتْن؟ فقال: «الماء لا ينجسه شيء».
قال الترمذيّ: حديث حسن، وقد جوّد أبو أسامة هذا الحديث؛ فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة (عن الوليد بن كثير)، وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد. انتهى.
قال الأعظمي: إسناده حسن لغيره ورجاله ثقات غير عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع؛ فلم يوثقه أحد، وذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٧١).
ولكن للحديث طرق أخرى كما قال الترمذيّ، منها ما رواه أبو داود (٦٧) من طريق محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ وهو يقال له: إنه يُستقى لك من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها لحومُ الكلاب والمحايِض وعِذَر النّاس، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء».
محمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعن، وسليط بن أيوب ذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٤٣٠)
وقال الحافظ: «مقبول» أي عند المتابعة.
ورواه النسائي (٣٢٨) من طريق مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: مررت بالنبي ﷺ وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: «الماء لا ينجسه شيء».
وفيه خالد بن أبي نوف، ذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٢٦٤) وقال الحافظ: «مقبول» أي عند المتابعة.
وللحديث أسانيد أخرى كلها معلولة؛ ولذا نقل ابن الجوزي عن الدارقطني أنّه قال: «إنّه ليس بثابت». وتعقَّبه النووي في الخُلاصة (١/ ٦٥) فقال: حسَّنه الترمذيّ، وفي بعض النسخ: «حسن صحيح» وقال الإمام أحمد بن حنبل: «هو صحيح» وكذا قال آخرون، وقولهم مقدَّمٌ على قول الدارقطني: «إنَّه غير ثابت». انتهى.
وكذلك صحَّحه أيضًا يحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم كما في «التلخيص الحبير» (١/ ١٣).
وأمّا قول الدارقطني: «إنّه ليس بثابتٍ» فيقول الحافظ: «ولم نر ذلك في العلل له ولا في السنن» انتهى.
قال الأعظمي: قاله الدّارقطني في حديث أبي هريرة في العلل (٨/ ١٥٧).
ثم إن صحَّ هذا الحديث المطلق فهو مقيد بحديث ابن عمر السابق، وهو أن يكون الماء قلتين فأكثر ما لم يتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه، فهو طاهر بالإجماع كما حكاه ابن المنذر في كتابه «الإجماع» (ص ٣٣).
وأمّا الأحاديث الواردة عن ثوبان، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «الماء طهور إلّا ما غلب على طعمه أو ريحه». رواه الدّارقطني وغيره، فهو ضعيف.
وكذلك ما روي عن أبي أمامة عن رسول اللَّه ﷺ قال: «إنّ الماء لا ينجسه شيء إلّا ما غلب على طعمه وريحه ولونه».
رواه ابن ماجه (٥٢١) وغيره، فهو ضعيف أيضًا.
وكذلك لا يصح ما روي عن جابر بن عبد اللَّه، رواه ابن ماجه (٥٢٠) وفيه طريف بن شهاب أجمعوا على تضعيفه.
وفي الباب ما رُوي عن سهل بن سعد السّاعديّ قال: «سقيتُ رسول اللَّه ﷺ بيدي من بضاعة».
رواه الإمام أحمد (٢٢٨٦٠) عن حسين بن محمد، حدّثنا الفضيل -يعني ابن سليمان-، حدّثنا محمد بن أبي يحيى، عن أمّه، قالت: سمعت سهل بن سعد يقول (فذكر الحديث).
ورواه الدّارقطنيّ (٤٨) من وجه آخر عن فضيل بن سليمان النّميريّ، عن أبي حازم، عن سهل ابن سعد، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الماء لا ينجسه شيء».
وإسناده ضعيف من أجل الكلام في فضيل بن سليمان النميريّ، فقد ضعّفه ابن معين والنسائي،
وقال أبو زرعة: لين الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ليس بالقوي.
قال الأعظمي: روى له الجماعة وكان علي بن المديني مع تعنته في الرجال روي عنه، فلعله انتقى من حديثه.
ولا تنفعه متابعة حاتم بن إسماعيل لاضطرابه في إسناده فقد رواه أبو يعلى (٧٥١٩)، والطبرانيّ في الكبير (٦٠٢٦)، والبيهقيّ في السنن (١/ ٢٥٩)، وفي المعرفة (١٨٢٣) كلّهم من طرق عن حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن أبي يحيى، عن أبيه، قال: دخلتُ على سهل بن سعد السّاعدي في نسوة فقال: «لو أني أسقيكم من بضاعة لكرهتم ذلك، وقد -واللَّه- سقيتُ رسول اللَّه ﷺ بيدي منها».
قال البيهقي: هذا إسناد حسن موصول.
ولكن رواه الطحاوي في شرحه (٤) من هذا الطريق وقال: «عن أمه» بدلا من «أبيه» وهو موافق لما رواه الفضيل بن سليمان عند الإمام أحمد، وأمُّه لا تعرف من هي وما حالها، فكيف يكون إسناده حسنًا مع اضطرابه في الإسناد والمتن.
وله إسناد آخر أضعف من هذا وهو ما رواه القاسم بن أصبغ في «مصنفه» قال: ثنا محمد بن وضاح، ثنا عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد، قال: قالوا: يا رسول اللَّه! إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما يُنجي الناسُ والمحائض والخبث، فقال رسول اللَّه ﷺ: «الماء لا ينجسه شيء».
وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن في مستخرجه على سنن أبي داود: حدّثنا محمد بن وضاح به، قال ابن وضاح: لقيت ابن أبي سكينة بحلب، فذكره. وقال قاسم بن أصبغ: هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة، وقال ابن حزم: عبد الصمد ثقة مشهور، قال قاسم: ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها، فاعلم ذلك. انتهى كلام ابن القطّان.
وقال الحافظ: ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور، قال ابن عبد البر وغير واحد: إنه مجهول، ولم نجد عنه راويا إلا محمد بن وضاح. انتهى.
انظر: التلخيص الحبير (١/ ١٣).
قال الأعظمي: وهو كما قال فإنّي لم أقف على ترجمته في الكتب المتداولة، فكيف يكون مثله مشهورًا؟ ! .
فائدة:
قال الشافعي: كانت بئر بضاعة كبيرة واسعة، وكان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونًا ولا طعمًا ولا يظهر له ريح.
وقال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عُمُقِها قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة. قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة
بردائي مددته عليها ثم ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي البستان فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا. ورأيت فيها ماءً متغير اللون. انتهى
قال الأعظمي: لعل ذلك لطول المكث وعدم الاستعمال به.
وقوله: يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن، قال الخطابيّ في «معالم السنن» (١/ ٧٣): قد يتوهم كثير من النّاس إذا سمع هذا الحديث أن هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدا وتعمدا، وهذا ما لا يجوز أن يُظن بذمي، بل بوثني، فضلا عن مسلم، ولم يزل من عادة النّاس قديما وحديثا، مسلمهم وكافرهم تَنْزيه المياه وصونها عن النجاسات، فكيف يظن بأهل ذلك الزمان -وهم أعلى طبقات أهل الدين، وأفضل جماعة المسلمين، والماء في بلادهم أعز، والحاجة إليه أمسّ- أن يكون هذا صنيعهم بالماء وامتهانهم له، وقد لعن رسول اللَّه ﷺ من تغوّط في موارد الماء ومشارعه، فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدًا للأنجاس ومطرحا للأقذار؟ ! هذا ما لا يليق بحالهم، وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر موضعها في حَدور من الأرض، وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملها فتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء، ولا يغيره، فسألوا رسول اللَّه ﷺ عن شأنها. . .

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 6 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الماء طهور لا ينجسه شيء

  • 📜 حديث: الماء طهور لا ينجسه شيء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الماء طهور لا ينجسه شيء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الماء طهور لا ينجسه شيء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الماء طهور لا ينجسه شيء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب