حديث: شربنا ونحن أربعون رجلًا عطاش من مزادة امرأة مشركة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حكم ولوغ الكلب في الإناء

عن عمران بن حصين، قال: «شربنا ونحن أربعون رجلًا عِطاشٌ، من مزادة امرأة مشركةٍ، وغسَّلنا صاحبنا (الجنب)».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المناقب (٣٥٧١)، ومسلمٌ في المساجدِ (٦٨٢)، كلاهما من حديث سلْم بن زريرٍ، قال: سمعت أبا رجاء العُطاردي، قال: حدَّثنا عمران بن حصين.

عن عمران بن حصين، قال: «شربنا ونحن أربعون رجلًا عِطاشٌ، من مزادة امرأة مشركةٍ، وغسَّلنا صاحبنا (الجنب)».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا الحديث الذي ذكر هو حديث عظيم، يحمل في طياته العديد من الأحكام الشرعية والدروس المستفادة التي تهم المسلم في حياته اليومية وعبادته.
وسأقوم بشرحه لك وفقاً للخطوات التي طلبتها، معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة مثل الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم"، وابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"، وغيرهم.
### الحديث بلفظه الكامل ومصدره
روى الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في "الأدب المفرد"، والإمام الطبراني في "المعجم الكبير" عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال:
> كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ، فَأَصَابَنَا عَطَشٌ شَدِيدٌ، حَتَّى هَمَمْنَا بِنَحْرِ بَعْضِ رَكَائِبِنَا، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بِامْرَأَةٍ جَالِسَةٍ عَلَى مَزَادَتَيْنِ (أَوْ سِطِيحَتَيْنِ)، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ابْغُوا»، فَجِئْنَاهَا، فَقَالَ لَهَا: «أَيْنَ أَصْحَابُكِ؟» قَالَتْ: غَادُوا عَلَى مَاءٍ لَهُمْ هَهُنَا، فَقَالَ لَأَصْحَابِهِ: «انْزِلُوا»، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: إِنَّهَا لَتَقْطُرُ، فَقَالَ: «قَدْ أَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ»، فَشَرِبْنَا وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا عِطَاشًا، حَتَّى رَوِينَا، وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا الْجُنُبَ، وَاسْتَقَيْنَا فِي قِرَبِنَا، وَغَسَلْنَا مَا أَرَدْنَا غَسْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَهِيمَةً.

### 1. شرح المفردات
● عِطَاشٌ: جمع "عَطْشَان"، أي الذين اشتد بهم العطش.
● مَزَادَة: القربة أو الوعاء الكبير المصنوع من جلد الحيوان لحمل الماء.
● امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ: امرأة من المشركين، أي غير مسلمة.
● غَسَّلْنَا صَاحِبَنَا الْجُنُبَ: اغتسل به رجل منا كان على جنابة.
● تَقْطُرُ: أي المزادة كانت ممتلئة لدرجة أن الماء يقطر منها.
● رَوِينَا: ارتوينا وشفينا غليلنا من العطش.
● بَهِيمَةً: أي حيواناً من الأنعام (إبل، بقر، غنم).

### 2. المعنى الإجمالي للحديث
يخبر الصحابي الجليل عمران بن حصين رضي الله عنه عن حادثة وقعت لهم أثناء سفرهم مع النبي صلى الله عليه وسلم. حيث اشتد بهم العطش حتى فكروا في ذبح أحد رواحلهم ليشربوا ما في أجوافها من ماء (وهي عادة كانت معروفة عند العرب في حالات العطش الشديد).
وفي لحظة اليأس هذه، ظهر أملٌ حيث رأوا امرأةً مشركةً جالسةً على قربتي ماء (مزادتين). فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهبوا إليها. وعند سؤاله لها عن أصحابها، أخبرته أنهم ذهبوا إلى مورد ماء قريب. فأمر النبي أصحابه بالنزول ليشربوا.
ولكن المرأة خشيت أن ينفد ماؤها، فذكرت أن قربتها "تقطر" أي أنها ليست ممتلئة تماماً. فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن ماءها قد نال منه شيء (أي نقص بسبب شرب أصحابها منه)، ولكنه في الحقيقة كان إخباراً بحصول بركة في مائها بفضل الله ثم بدعائه صلى الله عليه وسلم.
فشرب من ذلك الماء القليل أربعون رجلاً هم في قمة العطش، حتى ارتووا تماماً. بل إنهم اغتسلوا منه لرفع الجنابة، وملأوا كل قربهم الخاصة بهم، وغسلوا ما أرادوا غسله، ولم ينفد الماء إلا عندما أرادوا أن يسقوا به الدواب فلم يكفها.

### 3. الدروس المستفادة والعبر
هذا الحديث من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الظاهرة، وفيه دروس عظيمة، منها:
1- إثبات كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء: الحديث دليل واضح على معجزة حسية للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث بارك الله في الماء القليل حتى كفي جماعة كبيرة وحاجات متعددة. وهذا من أدلة نبوته.
2- جواز التعامل مع غير المسلمين واستخدام طعامهم وشرابهم: أخذ الماء من المرأة المشركة وشربه منه صلى الله عليه وسلم وأصحابه دليل على طهارة طعام أهل الكتاب والمشركين وحلّه، ما لم يعلم أنه محرم في ذاته (كخمر أو خنزير). وهذا من سماحة الإسلام.
3- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينتظر المعجزة فقط، بل أخذ بالأمر وأرسل أصحابه ليبحثوا عن الماء، وعندما وجدوه تعامل معه، ثم حصلت البركة بتوفيق من الله.
4- البركة في القليل الذي يحبه الله ويرضاه: البركة
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المناقب (٣٥٧١)، ومسلمٌ في المساجدِ (٦٨٢)، كلاهما من حديث سلْم بن زريرٍ، قال: سمعت أبا رجاء العُطاردي، قال: حدَّثنا عمران بن حصين. . فذكر الحديث، في حديثٍ طويلٍ، سيأتي بتمامه في دلائل النبوَّةِ.
وأمّا المشهور في كتب الفقهِ، وكتب الحديث الجامعة لأدلَّة الأحكام، كالمنتقى لمجد الدين ابن تيمية، والمحرر لابن عبد الهادي، وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر: أنّ النبيَّ ﷺ وأصحابه توضَّؤوا من مَزادة امرأةٍ مشركة. فلم أجده بهذا اللفظِ، والظاهر أنَّهم أخذوا بالمعنى. .
وقوله: «المزادة» بفتح الميم والزاي: قِربة كبيرة، يزاد فيها جلدٌ من غيرها.
أمَّا بقيَّة أحاديثِ الأواني من الذهب والفضَّة وغيرهما، فستأتي في كتاب الأطعمة والأشربة -إن شاء اللَّه تعالى-.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 12 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: شربنا ونحن أربعون رجلًا عطاش من مزادة امرأة مشركة

  • 📜 حديث: شربنا ونحن أربعون رجلًا عطاش من مزادة امرأة مشركة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: شربنا ونحن أربعون رجلًا عطاش من مزادة امرأة مشركة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: شربنا ونحن أربعون رجلًا عطاش من مزادة امرأة مشركة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: شربنا ونحن أربعون رجلًا عطاش من مزادة امرأة مشركة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب