إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث

حديث: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث

عن عبد اللَّه بن عمر قال: سئل رسول اللَّه ﷺ عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبَث».

صحيح: رواه أبو داود (٦٣، ٦٤) والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢) وابن ماجه (٥١٧) كلّهم عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه عبد اللَّه بن عمر، إلا الترمذيّ فإنه قال: عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه الكريم ﷺ.
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سُئل رسول الله ﷺ عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال رسول الله ﷺ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ».
شرح المفردات:
* ينوبه: يرد عليه ويصادفه.
* الدواب: جمع دابة، وهي كل ما يدب على الأرض، وغالباً ما تطلق على الحيوانات المستأنسة كالإبل والبقر والغنم.
* السباع: جمع سَبُع، وهو كل حيوان مفترس له ناب كالأسد والذئب والكلب.
* قلتين: القلة هي الجرة الكبيرة من الفخار التي يُخزن فيها الماء. والمراد هنا مقدار معين.
* لم يحمل الخبث: الخبث هو النجاسة. والمعنى أن الماء لا يتأثر بالنجاسة ولا يصير نجساً بوقوعها فيه إذا بلغ هذا المقدار.
المعنى الإجمالي للحديث:
أن رجلاً سأل النبي ﷺ عن حكم الماء الذي ترده الحيوانات، سواء كانت مستأنسة (الدواب) أو مفترسة (السباع)، فربما تشرب منه أو تموت فيه، فهل ينجس ذلك الماء؟ فأجاب النبي ﷺ بأن الماء إذا بلغ مقداراً معيناً (وهو قلتان) فإن وقوع النجاسة فيه لا تؤثر عليه، فيبقى على طهارته وصلاحيته للوضوء والغسل والشرب، لأنه كثير لا تتغير النجاسة طعمه أو لونه أو ريحه بسبب كثرته.
الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- أصل طهارة الماء: الحديث يدل على أن الأصل في المياه الطهارة، ولا تزول هذه الطهارة إلا بيقين حدوث النجاسة وتغيرها للماء.
2- التفريق بين الماء القليل والكثير في حكم النجاسة: هذا الحديث أصل عظيم في باب الطهارة، حيث فرق الشارع بين الماء القليل والكثير في قبول النجاسة:
* الماء القليل: وهو ما دون القلتين، إذا وقعت فيه نجاسة فإنه ينجس ولو لم يتغير، لأنه يحمل الخبث (أي تتأثر به النجاسة).
* الماء الكثير: وهو ما بلغ قلتين أو أكثر، لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا إذا تغير أحد أوصافه (الطعم، اللون، الرائحة) بسببها. فإذا لم يتغير فهو طهور.
3- تقدير القلتين: اختلف العلماء في تقدير القلتين بالمقاييس الحديثة، وأشهر الأقوال:
* أن القلتين تساويان (500 رطل) بالرطل العراقي.
* وبالحساب الحديث، يقدرها كثير من الفقهاء المعاصرين بنحو (200 لتر) تقريباً. وهذا هو القول الراجح.
4- حكمة الشرع: في هذا التفريق حكمة بالغة، فالماء القليل تتسلط عليه النجاسة بسهولة، بخلاف الكثير الذي يخفف أثر النجاسة ويذهبها.
5- الاستدلال على طهارة الماء الذي شربت منه الهرة أو السباع: إذا كان الماء كثيراً (قلتين فصاعداً) فإن شرب الكلب أو أي حيوان آخر منه لا ينجسه، لأنه لم يتغير. وهذا من يسر الإسلام وسماحته.
معلومات إضافية مفيدة:
* حكم الماء إذا تغير بالنجاسة: إذا كان الماء قليلاً أو كثيراً (ولو كان بحراً) وتغير أحد أوصافه بالنجاسة، فإنه ينجس بالإجماع ولا يجوز استعماله.
* ماذا يفعل إذا وقعت النجاسة في الماء الكثير؟ يزال أثر النجاسة ويُخرج ما قد يكون سقط فيه، فإن زال أثرها ولم يتغير الماء فهو طاهر.
* الحديث مما انعقد الإجماع على صحته والعمل به لدى أهل السنة والجماعة، وهو في صحيح سنن الترمذي وغيرها من كتب الحديث المعتمدة.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٦٣، ٦٤) والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢) وابن ماجه (٥١٧) كلّهم عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه عبد اللَّه بن عمر، إلا الترمذيّ فإنه قال: عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر.
وإسناده صحيح، وصحّحه أيضًا ابن خزيمة (٩٢)، وابن حبان (١٢٤٩)، والحاكم (١/ ١٣٢ - ١٣٣) وقال: صحيح على شرط الشّيخين، فقد احتجاج بجميع رواته ولم يخرجاه وأظنّهما -واللَّه أعلم- لم يخرجاه لخلاف فيه على أبي أسامة، عن الوليد بن كثير. انتهى
وعبيد اللَّه المصغَّر وعبد اللَّه المكبر كلاهما ثقتان، يرويان عن أبيهما عبد اللَّه بن عمر، كنية عبيد اللَّه أبو بكر، وهو شقيق سالم، وكنية عبد اللَّه أبو عبد الرحمن المدني، توفي عبيد اللَّه سنة ١٠٦ هـ، وتوفي عبد اللَّه سنة ١٠٥ هـ.
انظر للمزيد: «المنة الكبرى» (١/ ٢٧٨).
وقوله: (ينوبه) إذا تردد إليه مرة بعد مرة، ونوبة بعد نوبة، مِن ناب المكان وانتابه.
والقُلّة: إناء للعرب كالجرة الكبيرة، وقد قدرها الفقهاء مائتين وخمسين رطلا إلى ثلاثمائة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث

📜 حديث: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية