حديث: لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧)﴾

عن عائشة أنها قالت: لم يكن رسول الله ﷺ فاحشا ولا متفحّشا، ولا صخّابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.

صحيح: رواه الترمذيّ في سننه (٢٠١٦)، وفي الشمائل (٣٤٧)، وأحمد (٢٥٤١٧)، وابن حبَّان (٦٤٤٣) كلّهم من طرق عن أبي إسحاق، قال: سمعت أبا عبد الله الجدلي (واسمه عبد بن عبد)، عن عائشة، قالت: فذكرته.

عن عائشة أنها قالت: لم يكن رسول الله ﷺ فاحشا ولا متفحّشا، ولا صخّابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام الترمذي في سننه، وصححه الألباني، وهو يصف لنا جانباً من أخلاق النبي ﷺ العظيمة، والتي هي تجسيد عملي لتعاليم القرآن الكريم.

أولاً. شرح المفردات:


● فاحشاً: أي متلفظاً بالكلام القبيح والبذيء، أو فاعلاً للأفعال المستقبحة.
● متفحشاً: وهو الذي يتعمد التلفظ بالفحش ويتسع فيه، وقد يكون أبلغ من "فاحش".
● صخاباً في الأسواق: "الصخاب" هو الشخص كثير الصياح والصراع ورفع الصوت في الخصومة والمزاحمة في أماكن الناس كالأسواق، مما ينافي الوقار والحلم.
● يجزي بالسيئة السيئة: أي لا يقابل الإساءة بمثلها، بل يترفع عن ذلك.
● يعفو ويصفح: "العفو" هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، و"الصفح" هو الإعراض عن الذنب وإزالة آثاره من القلب، وهو أبلغ من العفو.

ثانياً. شرح الحديث:


تخبرنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث عن خلُقين عظيمين من أخلاق النبي ﷺ:
1- خلق التنزّه عن كل قبيح: يؤكد الحديث أن النبي ﷺ كان بعيداً كل البعد عن صفات السفهاء والجهلة. فلم يكن:
● فاحشاً: لم يتلفظ بكلمة بذيئة أو خادشة للحياء.
● متفحشاً: لم يكن متساهلاً في الكلام القبيح أو متبعاً لهواه في ذلك.
● صخاباً في الأسواق: لم يكن من ذوي الأصوات المرتفعة المزعجة في المجامع والأسواق، التي تظهر قلة الأدب وعدم الاحترام للناس. كان خلقه ﷺ الوقار والسكينة.
2- خلق العفو والصفح: يصف الحديث جانباً آخر من أخلاقه الكريمة ﷺ في تعامله مع من أساء إليه:
● لا يجزي بالسيئة السيئة: لم يكن رد فعله الطبيعي هو المقابلة بالمثل ("العين بالعين"). لم ينتصر لنفسه أبداً.
● ولكن يعفو ويصفح: بل كان يتجاوز عن الإساءة، ويعفو عن المسيء، ويصفح عنه صفحاً جميلاً، لا مجرد عفواً ظاهرياً بل صفحاً يمحو أثر الإساءة من قلبه الكريم. وهذا هو غاية الكمال في الخلق.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاقتداء بالنبي ﷺ: فهو الأسوة الحسنة للمسلم في كل شيء، خاصة في خلقه العظيم ﷺ. قال تعالى: *{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}* [الأحزاب: 21].
2- التخلق بمكارم الأخلاق: الحث على تجنب الفحش في القول والفعل، والبعد عن الصخب ورفع الصوت في المجالس، فهذه من صفات أهل المروءة والوقار.
3- العفو عند المقدرة: تعلم فضيلة العفو والصفح، وهي من أعلى درجات الإيمان. فليس الكريم الذي يجزي الإحسان بالإحسان، بل الكريم الذي يجزي الإساءة بالإحسان والعفو. قال تعالى: *{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}* [البقرة: 237].
4- قوة النفس وسموها: العفو ليس ضعفاً، بل هو دليل على قوة النفس وسموها، وقدرتها على كبح جماح الغضب والرغبة في الانتقام.
5- الدعوة بالخلق: كان خلقه ﷺ من أعظم أسباب دخول الناس في الإسلام، فالداعي إلى الله بحاجة إلى هذه الأخلاق ليكون مؤثراً ومقبولاً.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الوصف جزء من كمال خُلُقه ﷺ الذي شهد له به ربه تعالى: *{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}* [القلم: 4].
- كان هذا الخلق نتاج تربية القرآن، فكان خلقه القرآن، كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
- من الأمثلة العملية على عفوه وصفحه: عفوه عن أهل مكة يوم الفتح عندما قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وعفوه عن المرأة اليهودية التي وضعت السم في طعامه، وغير ذلك من المواقف الكثيرة.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للاقتداء بنبينا محمد ﷺ في حسن خلقه، وأن يجعلنا من العافين عن الناس.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ في سننه (٢٠١٦)، وفي الشمائل (٣٤٧)، وأحمد (٢٥٤١٧)، وابن حبَّان (٦٤٤٣) كلّهم من طرق عن أبي إسحاق، قال: سمعت أبا عبد الله الجدلي (واسمه عبد بن عبد)، عن عائشة، قالت: فذكرته.
وإسناده صحيح. وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن صحيح».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1367 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق

  • 📜 حديث: لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب