حديث: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)﴾

عن أبي أمامة قال: قال رسول الله عدل ﷺ: «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إِلَّا أوتوا الجدل». ثمّ تلا هذه الآية: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾.

حسن: رواه الترمذيّ (٣٢٥٣)، وابن ماجة (٤٨)، وأحمد (٢٢١٦٤)، وصحّحه الحاكم (٢/ ٤٤٨، ٤٤٧) كلّهم من طرق عن حجَّاج بن دينار، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، قال: فذكره.

عن أبي أمامة قال: قال رسول الله عدل ﷺ: «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إِلَّا أوتوا الجدل». ثمّ تلا هذه الآية: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الشريف:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدىً كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ». ثم تلا هذه الآية: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: 58].


1. شرح المفردات:


● ضلّ: حادوا عن الطريق المستقيم، وانحرفوا عن الحق والصواب.
● بعد هدى كانوا عليه: بعد أن كانوا على علم صحيح ودين قويم.
● أوتوا الجدل: أُعطوا وشُغِلوا بالمراء والخصومة بالباطل، ومحاولة تغليط الخصم بغض النظر عن ظهور الحق.
● تلا هذه الآية: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية الكريمة لتأكيد المعنى وتوضيحه.
● مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا: ما ذكر المشركون لك -يا محمد- من الأمثلة والتشبيهات في إنكار البعث وغيره إلا من أجل الجدال والمماراة فقط، لا طلبًا للحق.
● بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ: بل هم قوم يعتادون الخصومة والمشاغبة والعداوة.


2. شرح الحديث:


يُحذّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من آفة عظيمة هي سبب رئيسي في الضلال والانحراف، ألا وهي الجدل العقيم الذي لا يقصد به الوصول إلى الحق، بل المغالبة والانتصار للرأي والهوى.
● المعنى الإجمالي: أن الأمة أو الجماعة التي كانت على هدى واضح وبصيرة نافذة، إذا رأيتها قد حادت عن الطريق وضلت، فابحث عن سبب ضلالها، فستجده غالبًا هو تلبسها بالجدل الباطل. لقد استبدلوا العمل بالعلم النافع، والانقياد للحق، بالمراء والخصومات التي تُعمي البصيرة وتقسّي القلب، حتى يصبح همّ الواحد منهم هو الانتصار لنفسه ورأيه، لا إصابة الحق واتباعه.
● الربط بالآية الكريمة: استشهد النبي صلى الله عليه وسلم بآية من سورة الزخرف تصف حال المشركين الذين يجادلون في آيات الله بغير علم ولا هدى، فهم لا يريدون فهم الحق بل يريدون أن يغلبوا في النقاش فقط، ولهذا وصفهم الله بأنهم "قوم خصمون" أي كثيرو الخصومة والمشاغبة.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- ذم الجدل المذموم: الحديث يذم نوعًا محددًا من الجدل، وهو الجدال بالباطل، أو الجدال من غير علم، أو الجدال بعد وضوح الحق والتعصب للرأي. أما الجدال بالتي هي أحسن لإظهار الحق فهو مأمور به في القرآن كما في قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
2- التحذير من أسباب الضلال: الضلال لا يأتي فجأة، بل له أسباب ومقدمات، ومن أخطرها: الانشغال بالخصومات والمراء الذي يطفئ نور القلب.
3- الفرق بين طالب الحق وطالب الغلبة: المسلم الحقيقي يبحث عن الحق حيث كان، فإذا ظهر له ترك رأيه وقبله. أما الجدلي الخصم، فغايته هي الانتصار لذاته ورأيه، حتى لو كان على باطل.
4- الاهتمام بالعمل والتطبيق: الحديث يحث على أن يكون هم المسلم هو العمل بما علم، والتقوى والاستقامة، لا إضاعة الوقت في مهاترات الكلام والمنازعات التي لا طائل تحتها.
5- علامة على حسن الإسلام: من علامة استقامة العبد وحسن إسلامه تركه ما لا يعنيه، ومن أعظم ذلك الجدل غير المفيد. كما قال صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا».


4. معلومات إضافية:


● الجدل المحمود والجدل المذموم:
● المحمود: هو الذي يكون لإظهار الحق ورد الشبهات بالحجة والبرهان، وبأدب وأخلاق، وهذا من الدعوة إلى الله.
● المذموم: هو الذي يكون بالباطل، أو بالجهل، أو بعد ظهور الحق، أو بقصد العلو والانتقام، وهو الذي يُذهب بنور الإيمان من القلب.
● الحديث رواه: الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه، وابن ماجه في سننه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن". وهو حسن.
● الوقاية من هذه الآفة: تكون بالإخلاص لله تعالى، وتقوى الله، وطلب العلم الشرعي على أهله، ومجالسة الصالحين، وتذكر الآخرة، وترك الكلام إلا فيما يفيد.
نسأل الله أن يجنبنا الضلال والجدل المذموم، ويرزقنا الانشغال بما يقربنا إليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٣٢٥٣)، وابن ماجة (٤٨)، وأحمد (٢٢١٦٤)، وصحّحه الحاكم (٢/ ٤٤٨، ٤٤٧) كلّهم من طرق عن حجَّاج بن دينار، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، قال: فذكره.
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن صحيح، إنّما نعرفه من حديث حجَّاج بن دينار، وحجاج ثقة مقارب الحديث، وأبو غالب اسمه: حزَوّرٌ».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل أبي غالب، فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث فيما له أصل،
والأحاديث في ذم الجدل كثيرة وهي مذكورة في موضعها.
وقال غير قتادة: المراد به عيسى عليه السلام وقالوا: يزعم محمد أن كل ما عُبِدَ من دون الله فهو في النّار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزير والملائكة في النّار.
قال الله تعالى: ﴿مَا ضَرَبُوهُ﴾ يعني هذا المثل. خصومة بالباطل، وقد علموا أن المراد من قوله: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] هؤلاء الأصنام. وبه قال أكثر المفسرين.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1374 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل

  • 📜 حديث: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب