حديث: الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤)﴾

عن عقبة بن عامر، عن النّبيّ ﷺ قال: «إذا رأيتَ الله يُعطي العبد من الدّنيا على معاصيه ما يحبّ، فإنّما هو استدراج».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٧٣١١)، والطبراني في الأوسط (٩٢٦٨)، والبيهقي في القضاء
والقدر (٢/ ٥٦٦) كلّهم من طرق عن حرملة بن عمران التجيبيّ، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن
عامر فذكره.

عن عقبة بن عامر، عن النّبيّ ﷺ قال: «إذا رأيتَ الله يُعطي العبد من الدّنيا على معاصيه ما يحبّ، فإنّما هو استدراج».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى حكمة إلهية قد تخفى على كثير من الناس.

الحديث بلفظه:


عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتَ الله يُعطي العبد من الدّنيا على معاصيه ما يحبّ، فإنّما هو استدراج».


أولاً. شرح المفردات:


● يُعطي: يمنح ويهب.
● العبد: الإنسان، سواء كان مؤمناً أو كافراً.
● من الدنيا: من متاع الحياة الدنيا الزائل، كالمال، الصحة، الجاه، الأولاد، وغيرها من الملذات.
● على معاصيه: رغم مقارفته للمعاصي والذنوب ومخالفة أوامر الله.
● ما يحبّ: ما يشتهيه ويرغب فيه من حطام الدنيا.
● استدراج: من الاستدراج، وهو أخذ الشيء قليلاً قليلاً، أو الإمهال والتدريج في الإيقاع بالهلاك.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن سنة من سنن الله تعالى في خلقه، وهي أن الله سبحانه قد يمنح العبد -الذي يعصيه ويخالف أمره- خيرات الدنيا وملذاتها، فيظن هذا العبد أن هذا العطاء دليل على رضا الله عنه وقبول عمله، وهو في الحقيقة ليس كذلك.
بل إن هذا العطاء هو نوع من الاستدراج، أي أن الله يمهل هذا العبد ويدره بنعمه شيئاً فشيئاً، وهو مع هذا الإمهال يزداد طغياناً وعصياناً، حتى إذا استحق العقاب أخذته العقوبة أخذ عزيز مقتدر.
وهذا الاستدراج من أشد أنواع العقاب، لأنه يزيد العبد بعداً عن الله وغرة بنفسه، فيحرم نفسه من التوبة والرجوع، ويوغل في المعاصي حتى يهلك.
ويؤيد هذا المعنى قول الله تعالى في سورة الأعراف: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} [الأعراف: 44]. وقوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 182-183].


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عدم الاغترار بنعم الدنيا: ليس كل من وسّع الله عليه في الرزق هو محبوبٌ عند الله أو مرضيٌّ عنه. فالنعم قد تكون اختباراً وابتلاءً، وقد تكون استدراجاً وعقاباً.
2- التفريق بين نعمة الاستدراج ونعمة الكرامة: نعمة الكرامة هي ما يعطيه الله تعالى لعبده المؤمن الطائع تكريماً له في الدنيا والآخرة. أما نعمة الاستدراج فهي للعاصي، وهي في ظاهرها نعمة وفي باطنها نقمة.
3- الخوف من سوء الخاتمة: على العبد أن يخاف الله ويحذر من الغفلة، فإمهال الله للعاصي لا يعني أنه راض عنه، بل هو اختبار وتمهيد لعقاب قد يكون شديداً.
4- وجوب شكر النعم: يجب على المسلم أن يشكر الله على نعمه ويستعملها في طاعته، فالشكر يحفظ النعم ويزيدها، والكفران يذهبها ويحولها إلى نقم.
5- الاستعاذة من الاستدراج: ينبغي للمسلم أن يدعو الله ويستعيذ به أن يكون ممن يستدرجون بنعم الله، كما كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك».


رابعاً. معلومات إضافية:


● الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وحسنه عدد من العلماء.
- هذا الحديث يرد على من يستدل بسعة الرزق على صلاح الحال، فيبين أن الأمر ليس كذلك دائماً.
- على المسلم أن ينظر إلى حاله مع الله، فإن كان مقصراً في الطاعة ومقبلاً على المعصية وهو في نعمة دنيوية، فليعلم أن هذه علامة خطر، وليبادر إلى التوبة والإنابة قبل فوات الأوان.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الاستدراج، وأن يجعلنا من الشاكرين لنعمه، المستعملين إياها في طاعته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٧٣١١)، والطبراني في الأوسط (٩٢٦٨)، والبيهقي في القضاء
والقدر (٢/ ٥٦٦) كلّهم من طرق عن حرملة بن عمران التجيبيّ، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن
عامر فذكره.
وحسّنه الحافظ العراقيّ في تخريج الإحياء (٤/ ١١٥). والكلام عليه مبسوط في تفسير سورة الأنعام الآية رقم (٤٤).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1736 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب

  • 📜 حديث: الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب