حديث: عمر يسأل عن اللتين تظاهرتا على رسول الله ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ

عن عبد الله بن عباس قال: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجا، فخرجت معه، فلما رجع فكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه، فقلت: يا أمير المؤمنين! من اللتان تظاهرتا على رسول الله ﷺ من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة. قال: فقلت له: والله! إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك. قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه، فإن كنت أعلمه أخبرتك. قال: وقال عمر: والله! إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم. قال: فبينما أنا في أمر أأتمره إذ قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، فقلت لها: وما لك أنت ولما ها هنا؟ وما تكلفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطاب! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله ﷺ حتى يظل يومه غضبان. قال عمر: فآخذ ردائي ثم أخرج مكاني، حتى أدخل على حفصة، فقلت لها: يا بنية! إنك لتراجعين رسول الله ﷺ حتى يظل يومه غضبان. فقالت حفصة: والله! إنا لنراجعه. فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله. يا بنية! لا يغرنك هذه التي قد أعجبها حسنها
وحب رسول الله ﷺ إياها. ثم خرجت حتى أدخل على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها، فقالت لي أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب! قد دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله ﷺ وأزواجه. قال: فأخذتني أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار، إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن حينئذ نتخوف ملكا من ملوك غسان، ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فأتى صاحبي الأنصاري يدق الباب، وقال: افتح افتح. فقلت: جاء الغساني، فقال: أشد من ذلك، اعتزل رسول الله ﷺ أزواجه. فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة. ثم آخذ ثوبي فأخرج حتى جئت، فإذا رسول الله ﷺ في مشربة له يُرتَقى إليها بعجلة، وغلام لرسول الله ﷺ أسود على رأس الدرجة، فقلت: هذا عمر. فأذن لي. قال عمر: فقصصت على رسول الله ﷺ هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله ﷺ، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظا مضبورا، وعند رأسه أهبا معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله ﷺ، فبكيت فقال: «ما يبكيك؟». فقلت: يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ: «أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة».

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩١٣) ومسلم في الطلاق (١٤٧٩: ٣١) كلاهما من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى، أخبرني عبيد بن حنين، أنه سمع عبد الله بن عباس، يحدِّث، قال: فذكره، والسياق لمسلم.

عن عبد الله بن عباس قال: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجا، فخرجت معه، فلما رجع فكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه، فقلت: يا أمير المؤمنين! من اللتان تظاهرتا على رسول الله ﷺ من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة. قال: فقلت له: والله! إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك. قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه، فإن كنت أعلمه أخبرتك. قال: وقال عمر: والله! إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم. قال: فبينما أنا في أمر أأتمره إذ قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، فقلت لها: وما لك أنت ولما ها هنا؟ وما تكلفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطاب! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله ﷺ حتى يظل يومه غضبان. قال عمر: فآخذ ردائي ثم أخرج مكاني، حتى أدخل على حفصة، فقلت لها: يا بنية! إنك لتراجعين رسول الله ﷺ حتى يظل يومه غضبان. فقالت حفصة: والله! إنا لنراجعه. فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله. يا بنية! لا يغرنك هذه التي قد أعجبها حسنها
وحب رسول الله ﷺ إياها. ثم خرجت حتى أدخل على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها، فقالت لي أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب! قد دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله ﷺ وأزواجه. قال: فأخذتني أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار، إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن حينئذ نتخوف ملكا من ملوك غسان، ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فأتى صاحبي الأنصاري يدق الباب، وقال: افتح افتح. فقلت: جاء الغساني، فقال: أشد من ذلك، اعتزل رسول الله ﷺ أزواجه. فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة. ثم آخذ ثوبي فأخرج حتى جئت، فإذا رسول الله ﷺ في مشربة له يُرتَقى إليها بعجلة، وغلام لرسول الله ﷺ أسود على رأس الدرجة، فقلت: هذا عمر. فأذن لي. قال عمر: فقصصت على رسول الله ﷺ هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله ﷺ، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظا مضبورا، وعند رأسه أهبا معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله ﷺ، فبكيت فقال: «ما يبكيك؟». فقلت: يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ: «أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح وافٍ للحديث النبوي الشريف الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، معتمدًا على كُتب أهل السنة والجماعة:

أولاً. شرح المفردات:


● تظاهرتا: تعاونتا وتواطأتَا ضد غيرها.
● الأراك: شجرة يستخدم غصونها للسواك.
● يراجع: يجادل ويخاصم.
● المشربة: الغرفة العالية.
● العجلة: سلم من خشب.
● القرظ المضبور: ورق الشجر المدقوق الذي يُدبغ به.
● الأهب: جُلود الحيوانات غير المدبوغة.
● رغم أنف: كناية عن الإذلال والخيبة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كيف أنه أراد سؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الآية الكريمة في سورة التحريم: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، وهي تتحدث عن زوجتين من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم تظاهرتا عليه، ولكن هيبة عمر منعته من السؤال لمدة سنة كاملة.
لما خرج عمر للحج، صحبه ابن عباس، واستغل انشغاله بحاجة له ليسأله، فأجابه عمر بأنهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما.
ثم ينتقل الحديث إلى قصة عمر مع زوجته، وكيف أنها نبهته إلى أن ابنته حفصة كانت تراجع النبي صلى الله عليه وسلم (أي تجادله)، حتى يظل يومه غضبان، فانزعج عمر وذهب لينصح حفصة، محذرًا إياها من غضب الله ورسوله، ومن أن لا تغتر بصاحبتها عائشة رضي الله عنها لجمالها ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لها.
ثم ذهب إلى أم سلمة رضي الله عنها ليشكو إليها، فأنبته وأخبرته أنه يتدخل في شأن ليس له، مما كسر من حدة غضبه.
ثم يأتي الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتزل زوجاته، فيغضب عمر ويقول: "رغم أنف حفصة وعائشة" تعبيرًا عن غضبه مما حدث.
يذهب عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غرفته المتواضعة، فيبكي عندما يرى تواضع عيشته مقابل عظمة مقامه، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة».

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- هيبة العلماء والصالحين: تظهر هيبة عمر رضي الله عنه حتى عند مثل ابن عباس رضي الله عنهما.
2- التؤدة في طلب العلم: تحلي ابن عباس بالصبر سنة كاملة ليتيح له الفرصة المناسبة لسؤال عمر.
3- حرص الصحابة على معرفة تفسير القرآن: يسأل ابن عباس عن آية لم يفهمها.
4- عدالة الصحابة وصدقهم: يصرح عمر بالذي حصل دون مجاملة.
5- حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه: حتى في حال غضبه كان يعاملهن بالحلم.
6- نصيحة الأقارب: حرص عمر على نصح ابنته حفصة.
7- عدم الغرور بالجمال أو المكانة: تحذير عمر من الاغترار بالحسن أو محبة النبي.
8- حكمة النساء: موقف أم سلمة الحكيم في توجيه عمر.
9- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم: في بيته ومأكله وفراشه.
10- الزهد في الدنيا: مقابل نعيم الآخرة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة».

رابعًا. معلومات إضافية:


- الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- قصة اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه كانت بسبب غضبه من تدخل بعضهن في شؤونه، أو مراجعتهن إياه، وقد نزل القرآن بتهديد من تظاهر منهن عليه.
- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم في معيشته يدل على كمال زهده وعدم اكتراثه بزخارف الدنيا.
- الحديث يظهر حرص الصحابة على متابعة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٩١٣) ومسلم في الطلاق (١٤٧٩: ٣١) كلاهما من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى، أخبرني عبيد بن حنين، أنه سمع عبد الله بن عباس، يحدِّث، قال: فذكره، والسياق لمسلم. ومنها تحريم التسرية، وهي رواية مرجوحة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1715 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عمر يسأل عن اللتين تظاهرتا على رسول الله ﷺ

  • 📜 حديث: عمر يسأل عن اللتين تظاهرتا على رسول الله ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عمر يسأل عن اللتين تظاهرتا على رسول الله ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عمر يسأل عن اللتين تظاهرتا على رسول الله ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عمر يسأل عن اللتين تظاهرتا على رسول الله ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب