حديث: إن خلق نبي الله كان القرآن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤)﴾

عن سعد بن هشام بن عامر أنه أراد أن يغزُوَ في سبيل الله، فَقَدِم المدينة، وأراد أن يبيع عقارًا بها، فيجعله في السلاح والكُراع، ويُجاهد الرُّوم حتى يموتَ، فلما قدِم المدينة لَقِيَ أُناسًا من أهل المدينة، فنَهوه عن ذلك، وأخبروه أن رَهْطًا سِتَّةً أرادوا ذلك في حياة رسول الله ﷺ، فنهاهم رسولُ الله ﷺ، وقال: أليس لكم فيَّ أسوةٌ؟ فلما حدَّثوه بذلك راجع امرأته - وقد كان طلَّقها - وأشهد على رَجْعَتِها فأتى ابن عباسٍ، فسأله عن وِتْر رسول الله ﷺ؟ فقال ابنُ عباسٍ: ألا أدُلُّك على من هو أعلم أهل الأرض بوتر رسولِ الله ﷺ؟ قال: من؟ قال: عائشة، فَأُتِها فسَلْها، ثم ائْتِني فَأَخبرني بردِّها عليك. قال: فانطلقتُ إليها، فأتيتُ على حكيم بن أفْلحَ، فاسْتَلْحَقْتُه إليها، فقال: ما أنا بقارِبِها، لأني نهيتُها أن تقولَ في هاتين الشِّيعَتَين شيئًا، فأبَتْ فيهما إلا مُضيًّا، قال: فأقسمتُ عليه فجاء، فانطلقنا إلى عائشةَ، فاستأذَنَّا عليها، فأذِنَت لنا، فدخلنا عليها، فقالتْ: حكيمٌ؟ فَعَرَفَتْه، فقال: نعم، فقالت: مَنْ معك؟ قال: سعدُ بنُ هشام. قالت: مَنْ هشام؟ قال: ابنُ عامر، فترّحَمتْ عليه، وقالت خيرًا - قال قتادة: وكان أصيبَ يوم أُحُدٍ - فقلت: يا أمَّ المؤمنين! أنبئيني عن خُلُق رسول الله ﷺ، قالت: ألسْتَ تقرأ القرآنَ؟ قلت: بلى. قالت: فإن خُلُقَ نبيِّ الله ﷺ كان القرآنَ. قال: فهَمَمْتُ أن أقومَ، ولا أسألَ أحدًا عن شيء حتى أموتَ، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله ﷺ فقالت: ألستَ تقرأ: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله عز وجل افترض القيام في أوّل هذه السّورة، فقام نبي الله ﷺ
وأصحابه حولًا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، حتى أنزل الله عز وجل في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بَعْدَ فريضةٍ، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وِتْرِ رسول الله ﷺ، فقالت: كنا نُعِدُّ له سِواكَه، وطَهورَه، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثَه من الليل، فيتسوَّك ويتوضأ، ويصلِّي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكُر الله ويحمدُه ويَدْعوه، ثم ينهض ولا يسلِّم، ثم يقومُ فيصلِّي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمدُه ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلِّي ركعتين بعد ما يسلِّمُ وهو قاعد، فتلك إحدى عشرَةَ ركعةً يا بُنيَّ! فلما أسَنَّ رسولُ الله ﷺ، وأخذه اللحمُ، أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسعٌ يا بنيّ! وكان نبيُّ الله ﷺ إذا صلَّى صلاةً أحبَّ أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نومٌ أو وَجَع عن قيام الليل صلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولا أعلم نبيّ الله ﷺ قرأ القرآن كلَّه في ليلة، ولا صلَّى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهرًا كاملًا غَير شهر رمضان، قال: فانطلقت إلى ابن عباس فحدَّثْتُه بحديثها، فقال: صَدقَتْ، ولو كنتُ أقْرَبُها، أو أدخلُ عليها، لأتيتُها حتى تُشافِهَني به، قال: قلت: لو علمتُ أنك لا تدخلُ عليها ما حدَّثْتُك حديثها.

صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٤٦) عن محمد بن المثنى العنزي، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن زُرارة، أن سعد بن هشام بن عامر أراد، فذكره.

عن سعد بن هشام بن عامر أنه أراد أن يغزُوَ في سبيل الله، فَقَدِم المدينة، وأراد أن يبيع عقارًا بها، فيجعله في السلاح والكُراع، ويُجاهد الرُّوم حتى يموتَ، فلما قدِم المدينة لَقِيَ أُناسًا من أهل المدينة، فنَهوه عن ذلك، وأخبروه أن رَهْطًا سِتَّةً أرادوا ذلك في حياة رسول الله ﷺ، فنهاهم رسولُ الله ﷺ، وقال: أليس لكم فيَّ أسوةٌ؟ فلما حدَّثوه بذلك راجع امرأته - وقد كان طلَّقها - وأشهد على رَجْعَتِها فأتى ابن عباسٍ، فسأله عن وِتْر رسول الله ﷺ؟ فقال ابنُ عباسٍ: ألا أدُلُّك على من هو أعلم أهل الأرض بوتر رسولِ الله ﷺ؟ قال: من؟ قال: عائشة، فَأُتِها فسَلْها، ثم ائْتِني فَأَخبرني بردِّها عليك. قال: فانطلقتُ إليها، فأتيتُ على حكيم بن أفْلحَ، فاسْتَلْحَقْتُه إليها، فقال: ما أنا بقارِبِها، لأني نهيتُها أن تقولَ في هاتين الشِّيعَتَين شيئًا، فأبَتْ فيهما إلا مُضيًّا، قال: فأقسمتُ عليه فجاء، فانطلقنا إلى عائشةَ، فاستأذَنَّا عليها، فأذِنَت لنا، فدخلنا عليها، فقالتْ: حكيمٌ؟ فَعَرَفَتْه، فقال: نعم، فقالت: مَنْ معك؟ قال: سعدُ بنُ هشام. قالت: مَنْ هشام؟ قال: ابنُ عامر، فترّحَمتْ عليه، وقالت خيرًا - قال قتادة: وكان أصيبَ يوم أُحُدٍ - فقلت: يا أمَّ المؤمنين! أنبئيني عن خُلُق رسول الله ﷺ، قالت: ألسْتَ تقرأ القرآنَ؟ قلت: بلى. قالت: فإن خُلُقَ نبيِّ الله ﷺ كان القرآنَ. قال: فهَمَمْتُ أن أقومَ، ولا أسألَ أحدًا عن شيء حتى أموتَ، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله ﷺ فقالت: ألستَ تقرأ: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله ﷿ افترض القيام في أوّل هذه السّورة، فقام نبي الله ﷺ
وأصحابه حولًا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، حتى أنزل الله ﷿ في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بَعْدَ فريضةٍ، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وِتْرِ رسول الله ﷺ، فقالت: كنا نُعِدُّ له سِواكَه، وطَهورَه، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثَه من الليل، فيتسوَّك ويتوضأ، ويصلِّي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكُر الله ويحمدُه ويَدْعوه، ثم ينهض ولا يسلِّم، ثم يقومُ فيصلِّي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمدُه ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلِّي ركعتين بعد ما يسلِّمُ وهو قاعد، فتلك إحدى عشرَةَ ركعةً يا بُنيَّ! فلما أسَنَّ رسولُ الله ﷺ، وأخذه اللحمُ، أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسعٌ يا بنيّ! وكان نبيُّ الله ﷺ إذا صلَّى صلاةً أحبَّ أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نومٌ أو وَجَع عن قيام الليل صلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولا أعلم نبيّ الله ﷺ قرأ القرآن كلَّه في ليلة، ولا صلَّى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهرًا كاملًا غَير شهر رمضان، قال: فانطلقت إلى ابن عباس فحدَّثْتُه بحديثها، فقال: صَدقَتْ، ولو كنتُ أقْرَبُها، أو أدخلُ عليها، لأتيتُها حتى تُشافِهَني به، قال: قلت: لو علمتُ أنك لا تدخلُ عليها ما حدَّثْتُك حديثها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه يحوي كنوزًا من الهدي النبوي الكريم، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بحول الله وقوته.

أولاً. شرح المفردات:


● يغزو: يقاتل في سبيل الله.
● العقار: الأملاك الثابتة كالأراضي والبيوت.
● الكُراع: الخيل والسلاح.
● الرَّهْط: الجماعة من ثلاثة إلى عشرة.
● الوِتْر: صلاة الليل الفردية، وهي سنة مؤكدة.
● استلحقه: طلب منه أن يلحق به ويصحبه.
● أُحُد: اسم جبل بالقرب من المدينة، وقعت عنده غزوة مشهورة.

ثانيًا. شرح الحديث:


قصة سعد بن هشام بن عامر رضي الله عنه تبدأ برغبته في الجهاد حتى الموت، فقدم المدينة لبيع أملاكه وتجهيز نفسه للجهاد. لكن أهل المدينة نصحوه بعدم ذلك، وأخبروه أن ستة من الصحابة أرادوا نفس الشيء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم قائلاً: "أليس لكم فيَّ أسوة؟". وهذا توجيه نبوي كريم بأن الاعتدال في العبادة والالتزام بالوسطية هو المنهج الأمثل.
ثم توجه سعد إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ليسألها عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر، بعد أن أرشده ابن عباس رضي الله عنهما إليها لكونها أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: قوله: "أليس لكم فيَّ أسوة؟" يؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المثال الأعلى في كل شيء، وأن على المسلم أن يقتدي به في جميع أحواله.
2- الاعتدال في العبادة: النهي عن التشدد في العبادة إلى حد الإضرار بالنفس أو التفريط بالواجبات الأخرى.
3- مكانة أم المؤمنين عائشة: كانت رضي الله عنها من أعلم الناس بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه اليومي.
4- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل:
- كان يوتر بإحدى عشرة ركعة كما فصلته عائشة رضي الله عنها.
- كان يداوم على الصلاة ولا يتركها إلا لعذر.
- إذا فاته قيام الليل بسبب نوم أو مرض، قضاه نهارًا.
5- التسوك والطهور قبل الصلاة: من هديه صلى الله عليه وسلم التطهر والتسوك قبل الصلاة.
6- صلاة الوتر: كيفيتها كما بينتها عائشة رضي الله عنها، وأنها تختلف عددًا بحسب الأحوال.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أبلغ الأحاديث في وصف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة، وخاصة قيام الليل.
- فيه بيان أن القرآن كان خلقه صلى الله عليه وسلم، أي أنه كان يمثل القرآن في كل أقواله وأفعاله.
- قول عائشة: "كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة" يدل على استحباب قضاء سنة قيام الليل إذا فاتت.
فالحديث整体ًا يصور لنا صورة متكاملة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة، وهو درس عملي في كيفية التوازن بين الروح والجسد، بين العبادة والحياة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٤٦) عن محمد بن المثنى العنزي، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن زُرارة، أن سعد بن هشام بن عامر أراد، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1754 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن خلق نبي الله كان القرآن

  • 📜 حديث: إن خلق نبي الله كان القرآن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن خلق نبي الله كان القرآن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن خلق نبي الله كان القرآن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن خلق نبي الله كان القرآن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب