حديث: لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤)﴾

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضلٍ ورحمةٍ، فسَدِّدوا وقَارِبُوا، ولا يتمنينَّ أحدكم الموت، إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مُسيئًا فلعله أن يستعتِب».

متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (٥٦٧٣) ومسلم في صفة القيامة (٢٨١٦: ٧٥) كلاهما من طريق الزهري، قال: أخبرني أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف، أن أبا هريرة قال: فذكره.

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضلٍ ورحمةٍ، فسَدِّدوا وقَارِبُوا، ولا يتمنينَّ أحدكم الموت، إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مُسيئًا فلعله أن يستعتِب».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يضع فيه أسس العلاقة بين العبد وربه، بين العمل والجزاء، بين اليقين والأمل.

الحديث بلفظه:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة». قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضلٍ ورحمةٍ، فسَدِّدوا وقَارِبُوا، ولا يتمنينَّ أحدكم الموت، إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مُسيئًا فلعله أن يستعتِب».

أولاً. شرح المفردات:


● لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة: أي أن الأعمال الصالحة وحدها، بمجرد فعلها، لا تستوجب دخول الجنة استحقاقًا.
● إلا أن يتغمدني الله بفضلٍ ورحمةٍ: (يتغمدني) أي يغطيني ويعطيني ويشمَلني. والفضل: هو العطاء الذي لا يكون مقابل عمل. والرحمة: هي العطف واللطف.
● فسَدِّدوا وقَارِبُوا: (سددوا) أي اطلبوا السداد، وهو الإصابة في القول والعمل، بأن يكون العمل خالصًا لله، موافقًا للسنة. (وقاربوا) أي اقتربوا من الصواب وداوموا على العمل، ولو كان قليلاً.
● ولا يتمنينَّ أحدكم الموت: أي لا يتمنى زوال الحياة والخروج من الدنيا.
● إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا: المحسن هو المكثر من الطاعات، فلعله إن عاش أن يزداد من الخير.
● وإما مُسيئًا فلعله أن يستعتِب: المسيء هو المقصر في الطاعات أو المرتكب للمعاصي، (يستعتب) أي يطلب العتبى، وهي الرضا والعفو، بالتوبة والإنابة إلى الله.

ثانيًا. شرح الحديث:


يؤسس النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة عقدية وأخلاقية عظيمة، وهي أن دخول الجنة ليس ثمنًا للأعمال يُستحق بعمل العبد، بل هو محض فضل من الله ورحمة. فالعمل الصالح هو سببٌ لتلك الرحمة، وليس ثمناً لها. فلو دخل أحد الجنة بعمله لكان ذلك استحقاقًا، ولكن الله يدخل عباده الجنة برحمته، والعمل الصالح هو وسيلة لنيل تلك الرحمة.
وحتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الخلق وأكملهم إيمانًا وعملًا، يقر بأنه لا يدخل الجنة بعمله، بل بفضل الله ورحمته. وهذا من كمال تواضعه صلى الله عليه وسلم وتعبده لله.
ثم يأتي الأمر العملي بعد هذه القاعدة: «فسددوا وقاربوا». أي بعد أن علمتم أن النجاة برحمة الله، فلا تيأسوا، بل اجتهدوا في إصابة الحق (السداد) وفي المداومة على العمل والقرب منه (المقاربة). فمن لم يستطع السداد التام – وهو الإصابة في كل شيء – فليقارب وليعمل ما يستطيع.
ثم ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت، سواء كان الإنسان محسنًا أو مسيئًا:
● المحسن: لا يتمنى الموت لشدة شوقه إلى الجنة، بل يصبر ويزداد من الخير، فرب زيادة في عمره زيادة في حسناته ودرجاته.
● المسيء: لا يتمنى الموت على معصيته وييأس من رحمة الله، بل يعيش ليتوب ويستعتب، ليرجع إلى الله ويتصالح معه.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- التواضع لله تعالى: فالعبد لا ينبغي له أن يعجب بعمله أو يرى أنه قد استحق به الجنة، بل ينبغي أن يعلق رجاءه برحمة الله وفضله.
2- الأمل وعدم اليأس: فالباب مفتوح للرحمة، ولو كان العمل قليلاً، فالله يعطي على القليل الكثير.
3- الاستمرارية في الطاعة: الأمر بالسداد والمقاربة حث على المداومة على العمل الصالح وعدم الانقطاع.
4- تحريم تمني الموت: وذلك لما فيه من سوء الظن بالله، وقطع للأمل في رحمته، وفوات فرص زيادة الحسنات أو التوبة للعاصي.
5- التوبة باب مفتوح: الحديث يشجع المسيء على أن يعود إلى الله ويتوب، ولا يقنط من رحمة الله.
6- علو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم مع تواضعه: فهو يقر بأن رحمة الله هي سبب دخوله الجنة، مع أنه أكمل الخلق عملاً.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 5673) ومسلم (رقم 2816)، فهو حديث متفق على صحته.
- معنى «لن يدخل أحداً عمله الجنة» لا يعني ترك العمل أو التقليل من شأنه، بل العمل هو سبب الرحمة والوسيلة إليها، ولكن لا يصح الاعتماد على العمل وحده مع إغفال فضل الله.
- تمني الموت جائز في حالات خاصة كخوف الفتنة في الدين، كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة أيضاً: «لا يتمنين أحدكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي».
أسأل الله تعالى أن يتغمدنا برحمته وفضله، وأن يجعلنا من المقبولين في جنات النعيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المرضى (٥٦٧٣) ومسلم في صفة القيامة (٢٨١٦: ٧٥) كلاهما من طريق الزهري، قال: أخبرني أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف، أن أبا هريرة قال: فذكره.
واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم مختصر.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1739 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب

  • 📜 حديث: لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب