حديث: قيام نحوا من قيامهم في شهر رمضان

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤)﴾

عن ابن عباس قال: لما نزلت أول المزمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة.

حسن: رواه أبو داود (١٣٠٥) والحاكم (٢/ ٥٠٥) والبيهقي (٢/ ٥٠٠) كلهم من طرق عن مسعر، عن سماك الحنفي، عن ابن عباس، قال: فذكره.

عن ابن عباس قال: لما نزلت أول المزمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام البخاري في "صحيحه"، وغيرهما، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو يسلط الضوء على مرحلة مهمة من مراحل تشريع قيام الليل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

أولاً. شرح المفردات:


● أول المزمل: يقصد به الآيات الأولى من سورة المزمل، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)}.
● نحوا من قيامهم في رمضان: أي أن مدة قيامهم للصلاة بالليل كانت مقاربة لمدة قيام الليل في ليالي رمضان، وهو صلاة التراويح التي كانت تطول جداً.
● آخرها: يقصد به آخر آيات السورة التي نزلت فيها التخفيف، وهي قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ...} إلى آخر الآيات.
● سنة: أي أن المدة بين نزول أول السورة (أمر التشمير في القيام) ونزول آخرها (التخفيف) كانت حوالي عام كامل.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما عن حالة الصحابة الكرام عندما نزل الأمر الإلهي الأول في سورة المزمل بقيام الليل، حيث كان التكليف في البداية شاقاً، فأُمِر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقيام معظم الليل، أو نصفه، أو ما يقارب ذلك.
فاستجابوا لأمر الله تعالى بأعظم استجابة، واجتهدوا في الطاعة اجتهاداً عظيماً، حتى إنهم كانوا يطيلون الصلاة في الليل إطالة شديدة، تشبه إطالة القيام في صلاة التراويح في رمضان، والتي كانت تستغرق نصف الليل أو أكثر.
واستمر الحال على هذا المنوال من الجهد والعناء قرابة سنة كاملة، حتى أنزل الله تعالى التخفيف عليهم في آخر سورة المزمل، مبيناً لهم أنه علم صعوبة ذلك عليهم وعدم قدرتهم على الاستمرار فيه، فتاب عليهم وخفف عنهم، وأمرهم أن يقرؤوا ما تيسر من القرآن في صلاتهم، دون إلزام بمقدار معين، مما يدل على رحمة الله تعالى ورفقه بعباده.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاستجابة الفورية لأمر الله ورسوله: كان حال الصحابة هو القدوة في سرعة الامتثال والانقياد لأمر الله، دون تردد أو تأفف.
2- الصبر على الطاعة: صبر الصحابة على هذا القيام الشاق لمدة عام كامل دليل على عظيم إيمانهم وقوة تحملهم في سبيل طاعة الله.
3- رحمة الله تعالى وتيسيره على العباد: يظهر هذا الحديث بوضوح مبدأ التدرج في التشريع الإسلامي، ومراعاة الله تعالى لحال عباده، حيث أنزل التكليف الشاق أولاً ليمتحن صدق إيمانهم ويظهر جهدهم، ثم أنزل التخفيف بعد ذلك رحمة بهم. قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}.
4- أن التكليف يكون على قدر الاستطاعة: الشرع الحكيم لا يكلف النفس ما لا تطيق، وهذا من كمال justice الإسلام وعدالته.
5- فضل قيام الليل: رغم أنه تم التخفيف، إلا أن أصل فضل قيام الليل ومشروعيته باقٍ، وهو من أعظم القربات.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أبلغ الأمثلة على السيرة التشريعية للقرآن الكريم، وكيف كان ينزل منجماً لمعالجة واقع الناس وتدرجهم في التكليف.
- فيه بيان للصحابة الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم ومدى قوة إيمانهم وصدقهم في التضحية والطاعة.
- يستفاد منه أن العبادة إذا شقت مشقة غير معتادة وكانت تؤدي إلى الملل أو الانقطاع، فإن الشرع يرشد إلى التيسير والتخفيف؛ لأن المقصود دوام العبادة لا الانقطاع عنها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقيمين لليل، المتقين للرحمن، وأن يرزقنا صدق الانقياد له كما كان حال السلف الصالح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٣٠٥) والحاكم (٢/ ٥٠٥) والبيهقي (٢/ ٥٠٠) كلهم من طرق عن مسعر، عن سماك الحنفي، عن ابن عباس، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل سماك الحنفي، فإنه حسن الحديث.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
وقوله: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ قراءة بيّنة غير مسرعٍ، وقد جاء في الصحيح: عن قتادة قال: سئل أنس كيف كانت قراءة النبي ﷺ؟ فقال: كانتْ مدًّا مدًّا، ثم قرأ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ يمدّ ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ ويمد ﴿الرَّحْمَنِ﴾ ويمد ﴿الرَّحِيمِ﴾.
صحيح: رواه البخاري في فضائل القرآن (٥٠٤٦) عن عمرو بن عاصم، حدثنا همام، عن قتادة قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1755 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قيام نحوا من قيامهم في شهر رمضان

  • 📜 حديث: قيام نحوا من قيامهم في شهر رمضان

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قيام نحوا من قيامهم في شهر رمضان

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قيام نحوا من قيامهم في شهر رمضان

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قيام نحوا من قيامهم في شهر رمضان

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب