أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

حديث: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

عن أسامة بن شريك قال: كنا عند النبي ﷺ كأن على رؤوسنا الرخم، ما يتكلم منا متكلم، إذْ جاءه ناس من الأعراب، فقالوا: يا رسول الله! أفتنا في كذا، أفتنا في كذا، فقال: «أيها الناس! إن الله قد وضع عنكم الحرج، إلا امرأ اقترض من عرض أخيه، فذاك الذي حرج وهلك». قالوا: أفنتداوى يا رسول الله؟ قال: «نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء غير داء واحد» قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: «الهرم». قالوا: فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله؟ قال: «أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا».

صحيح: رواه ابن ماجه (٣٤٣٦)، وأحمد (١٨٤٥٤)، وصححه ابن حبان (٤٨٦)، والحاكم (٤/ ٣٩٩) كلهم من طرق عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر حديث عظيم، جمع بين بيان سماحة الإسلام ورفع الحرج، وتشجيع التداوي، وبيان معيار التفاضل بين الناس. وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننهم، وصححه الألباني.
وفيما يلي شرحه وبيانه على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

● كأن على رؤوسنا الطير (أو الرخم): مثل يضرب للوقار والسكينة والهدوء الشديد. فكما أن الطير إذا حط على رأس إنسان لا يتحرك لئلا يطيره، كان الصحابة جالسين بهذا الأدب والسكينة أمام النبي ﷺ.
● الرُّخَم: طائر معروف (جمع رخمة)، وهو نوع من النسور، ويُروى أيضًا "الطير" وهي بمعنى واحد في سياق المثل.
● الحَرَج: الضيق والشدة والإثم. والمقصود هنا: الإثم والمشقة والتكليف الشاق.
● اقْتَرَضَ مِنْ عَرَضِ أَخِيهِ: أي انتقص من عرضه واغتابه، أو اعتدى عليه بالقذف والسب. والاقتراض هنا كناية عن الأخذ، والعرض هو: الشرف والكرامة وما يُمدح به الإنسان ويذم.
● هَلَكَ: هلكة معنوية أو دنيوية بانتظاره العقاب، أو هلكة في الآخرة بالعذاب.
● أَفَنَتَدَاوَى؟: استفهام عن جواز العلاج والتداوي بالأدوية.
● الْهَرَم: الشيخوخة والكبر وضعف البنية الذي لا دواء له.

2. شرح الحديث:

يمكن تقسيم الحديث إلى ثلاثة محاور رئيسية:
المحور الأول: رفع الحرج وتحذير من اغتياب الناس
جاء الأعراب -وهم أهل البادية- إلى النبي ﷺ وهم في غلظة وجفاء، فسألوه أسئلة متعددة، فبدأ ﷺ خطابه بعبارة جامعة تُطمئن القلوب وتزيل الهموم: «أيها الناس! إن الله قد وضع عنكم الحرج».
هذه قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، فالله تعالى لم يشرع لنا ديناً فيه عسر أو مشقة لا تُطاق، بل كل التكاليف ضمن الطاقة والاستطاعة، كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
ثم استثنى ﷺ من هذا رفع الحرج حالة واحدة فقط، وهي من اعتدى على أعراض الناس بالغيبة أو القذف أو السب. فذاك هو الذي أوقع نفسه في الحرج والضيق والإثم، وهو المهلك حقاً. وهذا تحذير شديد من خلق الغيبة، الذي يهلك صاحبه في الدنيا والآخرة.
المحور الثاني: الحث على التداوي وبيان أن لكل داء دواء
سأل الصحابة عن حكم التداوي، فأجابهم النبي ﷺ بالإيجاب والحث عليه بقوله: «نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء».
في هذا توجيه نبوي إلى الأخذ بالأسباب، وعدم ترك العلاج اتكالاً على القدر. فالقدر لا ينافي الأخذ بالأسباب. وهذا يشمل جميع الأمراض البدنية والنفسية، ما عدا داء واحد لا مفر منه وهو الهرم (الشيخوخة)، فهو من سنن الله الكونية التي لا دواء يرده.
المحور الثالث: بيان معيار التفاضل عند الله وهو حسن الخلق
سأل الصحابة عن أفضل الناس وأحبهم إلى الله، متوقعين perhaps أن يكونوا الأنصار أو المهاجرين أو المجاهدين. لكن النبي ﷺ بيّن أن المعيار الحقيقي للتفاضل هو حسن الخلق، وهو جامع لكل خير، من الصدق والأمانة والكرم والشجاعة والتواضع والصبر وحسن المعاملة. فحسن الخلق هو ثمرة الإيمان وعلامة على كماله.

3. الدروس المستفادة منه:

1- سماحة الإسلام ويسره: الدين الإسلامي دين يسر ورفع للحرج، وهو موافق للفطرة وقادر على استيعاب جميع ظروف الإنسان.
2- تحريم الاعتداء على الأعراض: التحذير الشديد من الغيبة والنميمة والقذف، وأنها من الكبائر التي تهلك صاحبها وتُدخله في الحرج والعذاب.
3- الأخذ بالأسباب والتداوي: مشروعية التداوي بل استحبابه، وأنه من التوكل الصحيح. وفيه رد على من يحرم التداوي بحجة التوكل على الله.
4- التفاؤل والأمل: في قوله ﷺ "أنزل له دواء" تشجيع للأطباء والباحثين على السعي لاكتشاف أدوية للأمراض، وعدم اليأس من الشفاء.
5- بيان معيار القيمة الحقيقية: ليست القيمة في النسب أو الجاه أو المال، بل في حسن الخلق. فهو عنوان صلاح العبد وقربه من الله تعالى.
6- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: من وقارهم وسكينتهم في مجلسه، وهو قدوة في أدب الطالب مع العالم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- الحديث أخرجه أحمد في المسند (4/ 278)، وأبو داود في السنن (رقم 3858)، والترمذي في السنن (رقم 1987) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
- قوله: «إلا امرأ اقترض من عرض أخيه» بعض الروايات: «إلا من اقترض...» وهو بمعنى واحد.
- "الحرج" في اللغة: الضيق، ويأتي بمعنى الإثم، وهو المناسب هنا.
- هذا الحديث من جوامع كلمه ﷺ، حيث جمع في كلمات قلي

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٣٤٣٦)، وأحمد (١٨٤٥٤)، وصححه ابن حبان (٤٨٦)، والحاكم (٤/ ٣٩٩) كلهم من طرق عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قوله: «اقترض في عرض أخيه» أي نال منه وعابه وقطعه بالغيبة.
وقوله: «فذاك الذي حرج» أي أثِمَ.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 11 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

📜 حديث: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية