حديث: من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في المِنْحة وهداية الضال
صحيح: رواه الترمذي (١٩٥٧)، وأحمد (١٨٥١٦)، وصحّحه ابن حبان (٥٠٩٦) كلهم من طرق عن طلحة بن مصرف، قال: سمعت عبد الرحمن بن عوسجة، يقول: سمعت البراء بن عازب، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم فيه فضل الإحسان إلى الناس وتفريج كربهم، وبيان عظم أجر من يساهم في إدخال السرور على قلب أخيه المسلم. وإليك الشرح الوافي له:
الحديث بلفظه:
عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةَ لَبَنٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ هَدَى زُقَاقًا كَانَ لَهُ مِثْلُ عِتْقِ رَقَبَةٍ».
(رواه الترمذي في سننه، وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وهو حسن).
1. شرح المفردات:
● مَنَحَ: أعطى عطية بدون مقابل، تفضل بها على الغير.
● مَنِيحَةَ: الهبة أو العطية التي تمنح لشخص لينتفع بها ثم يردها، أي إعارة المنفعة.
● لَبَنٍ: المقصود هنا هو الناقة أو الشاة ذات اللبن، أي أن يعير شخصٌ آخر شاة أو ناقة لينتفع بلبنها فترة ثم يردها.
● وَرِقٍ: الفضة، وهي هنا كناية عن المال. أي أن يقرض شخصٌ آخر مالاً لينتفع به في قضاء حاجته ثم يرده.
● هَدَى: دلَّ وأرشد.
● زُقَاقًا: الطريق أو الممر الضيق، والمراد هنا الشخص الضال الذي لا يعرف الطريق، فدله عليه.
● مِثْلُ عِتْقِ رَقَبَةٍ: أجر يعادل أجر تحرير رقبة مؤمنة من الرق.
2. شرح الحديث:
يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن ثلاثة أمور يبدو أنه بسيطة ولكن أجرها عظيم عند الله تعالى، حيث يعد فاعلها بأجر يعادل أجر عتق رقبة، وهو من أعظم القربات وأجلها.
● منح منيحة لبن: أن يعير المسلم أخاه شاة أو ناقة لينتفع بلبنها لفترة (كشهر أو أكثر) ليقوت بها نفسه وعياله، ثم يردها إلى صاحبها. هذه الإعارة فيها سد حاجة المسلم وإغناءه عن السؤال، وتفريج همّه.
● منح منيحة ورق: أن يقرض المسلم أخاه مالاً يقضي به حاجته، ثم يرده إليه عندما يتيسر له. هذا القرض فيه إنظار للمعسر وإعانة له على أمر دنياه.
● هدى زقاقًا: أن يدل المسلم شخصاً ضالاً على الطريق الصحيح إذا تاه أو تحير في طريقه. هذه المساعدة فيها تيسير أمره وادخار وقته وجهده.
ويبين النبي ﷺ أن هذه الأعمال التي قد يراها الناس يسيرة أو بسيطة، لها عند الله تعالى منزلة عظيمة، وأجرها يوازي أجر عتق رقبة، وهو عمل جليل ومكلف مادياً ومعنوياً.
3. الدروس المستفادة منه:
1- سعة فضل الله وكرمه: حيث جعل هذه الأعمال اليسيرة في حق العباد بمثابة العتق الذي هو من أعمال البر العظيمة.
2- الحث على التعاون والتكافل الاجتماعي: فالمسلم مطالب بأن يكون عوناً لأخيه في قضاء حوائجه، سواء كانت مادية (كاللبن والمال) أو معنوية (كدلالة الطريق).
3- تفريج كرب المسلم من أعظم القربات: فالنبي ﷺ جعل مجرد إرشاد الضال وإعانته على الطريق سبباً لنيل هذا الأجر العظيم.
4- أن الإعارة من أبواب الخير: فهي صدقة مؤقتة ينتفع بها المحتاج ثم ترد إلى صاحبها، فهي خير للطرفين.
5- التيسير على الناس وعدم احتقار أي عمل خير: فمهما صغر العمل في عينك، فقد يعظمه الله تعالى ويجزل فيه المثوبة.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- الحديث يدل على أن الأعمال لا تقاس بحجمها المادي فقط، بل بنية صاحبها ومدى حاجة المتلقي لها. فدلالة طريق قد لا تستغرق دقيقة، ولكن أجرها كأجر عتق رقبة.
- القرض الحسن من أفضل الصدقات، كما قال تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 11].
- هذا الحديث يندرج تحت الأحاديث العامة التي تبشر بالأجر العظيم على الأعمال الصالحة، وهو من باب الترغيب والحث على الخير، وليس فيه تحديد للكمية (كمية اللبن أو المال) لأن المدار على وجود المعنى وهو الإحسان والتيسير على المسلم.
- يستفاد منه أيضاً أن المسلم ينبغي أن يحرص على هذه الأعمال اليسيرة لينال الأجر العظيم، خاصة في زمن كثرت فيه الحاجات وضيق ذات اليد.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، والميسرين على إخوانهم المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب».
قوله: «من هدى زقاقا» أي دلّ الضال أو الأعمى الطريق.
وقوله: «منح منيحة ورق» يعني به قرض الدراهم، قاله الترمذي.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 44 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 19 الله يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف
- 20 الله إذا أراد بأهل بيت خيرا دلهم على باب الرفق
- 21 الرفق في الأمر كله
- 22 الرفق ما كان في شيء إلا زانه
- 23 الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على...
- 24 الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي...
- 25 ما نقصت صدقة من مال
- 26 صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك
- 27 معنى الحياء لا يأتي إلا بخير
- 28 إن الحياء من الإيمان
- 29 الحياء خير كله في الدنيا والآخرة
- 30 كان رسول الله أشد حياء من العذراء في خدرها
- 31 إذا لم تستحي فاصنع ما شئت
- 32 إن مما أدرك الناس من أمر النبوة الأولى إذا لم...
- 33 البذاء من الجفاء، والجفاء في النار
- 34 الحياء لا يأتي إلا بكل خير
- 35 خلق هذا الدين الحياء
- 36 معنى الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة
- 37 وجوب غسل المرأة اذا رأت الماء من احتلام
- 38 المعروف كله صدقة
- 39 لقاء الأخ بوجه طلق
- 40 المعروف كله صدقة في الاسلام
- 41 شرح كل معروف صدقة
- 42 أدعو إلى الله وحده الذي إن مسك ضر فدعوته كشف...
- 43 تبسمك في وجه أخيك لك صدقة
- 44 من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
- 45 منيحة العنز تدخل الجنة
- 46 لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه...
- 47 لقاء الأخ بوجه طلق من المعروف
- 48 ما رأيت النبي مستجمعا قط ضاحكا
- 49 امرأة تطلب العودة لزوجها الأول بعد الطلاق والزواج الثاني
- 50 تبادرن الحجاب لما سمعن صوت عمر
- 51 أعتق رقبة أو صم شهرين أو أطعم ستين مسكينا
- 52 ما حجبني النبي ﷺ منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم...
- 53 استسقى النبي ﷺ فمطروا حتى سالت مثاعب المدينة
- 54 ما سئل النبي عن شيء قط فقال لا
- 55 النبي ﷺ يعطي البردة التي أهديت له لرجل من الصحابة
- 56 ارضخي ما استطعت ولا توعي فيوعي الله عليك
- 57 لا تحصي فيحصي الله عليك
- 58 معنى من لا يشكر الناس لا يشكر الله
- 59 التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر
- 60 من لم يشكر الناس لم يشكر الله
- 61 من لا يشكر الناس لا يشكر الله
- 62 من أعطي عطاء فوجد فليجز به
- 63 من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
- 64 إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة
- 65 إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة
- 66 السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من النبوة
- 67 الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من النبوة
- 68 خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره
معلومات عن حديث: من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
📜 حديث: من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








