حديث: الرفق ما كان في شيء إلا زانه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل الرفق

عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى عليه ما لا يعطي على العنف».

حسن: رواه البزار (٧١١٤)، والطبراني في الصغير (٢٢١)، والبيهقي في الشعب (١٠٥٥٤) كلهم من طريق سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل، عن سعيد، يعني ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، فذكره.

عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى عليه ما لا يعطي على العنف».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى خلق عظيم وأسلوب حكيم في التعامل مع النفس والغير. وها هو الشرح المفصل له:

الحديث الشريف:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى العُنْفِ».
[أخرجه الإمام مسلم في صحيحه]


1. شرح المفردات:


* رَفِيقٌ: صفة ثابتة لله تعالى تليق بجلاله، ومعناها: الذي يتعامل مع خلقه باللطف والتدرج والحكمة، ولا يعاجلهم بالعقوبة، بل يصرف عنهم البلاء ويمهلهم ليتوبوا.
* يُحِبُّ الرِّفْقَ: المحبة هنا صفة فعلية لله تعالى، بمعنى أنه يثيب عليه ويرضى عن أهله.
* الرِّفْق: هو اللين واللطف والتأني والسهولة في الأقوال والأفعال، وتجنب الغلظة والشدّة والعنف. وهو ضد العُنف.
* العُنْف: هو الشدة والغلظة والقسوة في القول أو الفعل، والاستعجال وعدم التريث.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن صفة من صفات الله تعالى العظيمة، وهي الرفق، فهو سبحانه رفيق في أفعاله وتدبيره لشؤون خلقه. فهو لا يعاجل العاصي بالعقوبة، بل يمهلهم ويرزقهم ويopens لهم أبواب التوبة، وهذا من كمال رحمته وحكمته.
ثم يخبرنا صلى الله عليه وسلم أن هذه الصفة محبوبة عند الله، فمن اتصف بها وتخلق بها في تعامله مع الناس والحيوان وحتى مع نفسه، فإنه يحب ذلك الفعل ويحب فاعله، والمحبة من الله تعني القبول والرضا والتكريم.
ثم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة والثمرة العظيمة للرفق، وهي أن العطاء الإلهي المرتب عليه لا يقارن بالعطاء على خلافه. فما يحصله الإنسان من خير ونفع وتيسير في أموره، وتحقيق لمراده بالرفق واللين، هو عطاء لا يحصل عليه لو استعمل العنف والشدة. فالعنف قد يوصل إلى نتيجة، لكن الرفق يوصل إلى نتيجة أفضل وأعظم بركة وأكثر ثباتاً.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- التخلق بأخلاق الله تعالى: فمن محبة العبد لربه أن يتخلق بأخلاقه التي وصف بها نفسه ووصفه بها نبيه، والرفق من أعظم هذه الأخلاق.
2- الرفق طريق لحصول المطالب: سواء في الدعاء إلى الله، أو في التعامل مع الناس (الزوجة، الأولاد، الجيران، الطلاب، العاملة في المنزل...)، أو في تدبير شؤون الحياة. فبالرفق تنفتح الأبواب المغلقة وتنحل المشاكل المعقدة.
3- ذم العنف والتحذير منه: الحديث يقارن بين ثمرة الرفق وثمرة العنف ليبين لنا أن العنف طريقة عقيمة، حتى لو حققت هدفاً ظاهرياً فإنها تخلف وراءها ضرراً كبيراً ونتائج عكسية.
4- الرفق لا يعني الضعف: فالرفق هو الحكمة والقوة في اللين، وهو غير الضعف والذلة. فالمسلم قوي برقه، حازم بلينه.
5- الرفق في كل شيء: الحديث عام، يشمل الرفق في:
* العبادة: فلا يتعبد الشخص بما يضر صحته أو يجعله يعجز عن العمل.
* الدعوة إلى الله: بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالشدة والفظاظة.
* المنزل: مع الزوجة والأولاد، فما كان الرفق في شيء إلا زانه.
* التعليم: المعلم الرفيق مع طلابه أنجح وأكثر تأثيراً.
* حتى مع الحيوان: فقد دخلت امرأة النار في هرة حبستها، ودخل رجل الجنة لأنه سقى كلباً كاد يموت من العطش.


4. معلومات إضافية:


* هذا الحديث جزء من سلسلة أحاديث تؤكد على هذا المعنى العظيم، مثل حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ». (رواه مسلم).
* كان النبي صلى الله عليه وسلم القدوة العملية في الرفق، فكان أرفق الناس بالناس، وأرأفهم بهم، حتى مع من أساء إليه.
* الرفق من أسباب البركة في العمر والرزق والعمل، كما أنه سبب لنيل محبة الله ومحبة الناس.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل الرفق واللين، ويبعد عنا العنف والغلظة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار (٧١١٤)، والطبراني في الصغير (٢٢١)، والبيهقي في الشعب (١٠٥٥٤) كلهم من طريق سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل، عن سعيد، يعني ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، فذكره. وإسناده حسن من أجل سعيد بن محمد الجرمي فإنه حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 22 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرفق ما كان في شيء إلا زانه

  • 📜 حديث: الرفق ما كان في شيء إلا زانه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الرفق ما كان في شيء إلا زانه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الرفق ما كان في شيء إلا زانه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الرفق ما كان في شيء إلا زانه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب