حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء

عن أبي ذر، قال: قال لي النبي ﷺ: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٢٦٢٦) عن أبي غسان المسمعي، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أبو عامر يعني الخزاز، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر فذكره.

عن أبي ذر، قال: قال لي النبي ﷺ: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته كنوزًا من الحكم والأخلاق الإسلامية السامية.

الحديث بلفظه:


عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».
رواه مسلم في صحيحه.


أولاً. شرح المفردات:


● لا تحقرن: (لا) الناهية، و(تحقرن) من التحقير، أي لا تستصغر ولا تستقل.
● من المعروف: المعروف هو كل ما عُرف حسنه شرعًا وعقلًا، ويشمل جميع أنواع الخير والبر والإحسان، من قول أو فعل.
● شيئاً: أي أي شيء ولو كان صغيرًا في نظرك.
● ولو أن تلقى أخاك: (لو) للامتناع، أي حتى لو لم يكن في وسعك إلا هذا الفعل.
● بوجه طلق: الوجه الطلق هو البشوش المشرق، المبتسم، الخالي من العبوس والتقطيب.


ثانيًا. شرح الحديث:


يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته في هذا الحديث بأمرين عظيمين:
1- التوجيه العام: عدم احتقار أي معروف: ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استصغار أي عمل من أعمال الخير، مهما بدا تافهاً أو قليلاً في أعين الناس. فالعبرة ليست بحجم العمل في ذاته، ولكن بنية العبد الصادقة وقبوله عند الله تعالى. فرب عمل صغير تعظمه النية فيصبح كبيراً عند الله، ورب عمل كبير تذهب به الرياء والسمعة فلا يزن عند الله جناح بعوضة.
2- التوجيه الخاص والمثال العملي: التبسم في وجه الأخ: يضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لأصغر أنواع المعروف الذي قد يستهين به المرء، وهو "لقاء الأخ بوجه طلق"، أي بالبشاشة والتبسم وطلاقة الوجه. وهذا الفعل بسيط في أدائه، لا يكلف مالاً ولا جهداً جسدياً كبيراً، لكنه يحمل أجراً عظيماً وله أثر نفسي واجتماعي بالغ.
فالحديث يشير إلى أن دائرة المعروف واسعة جداً، لا تقتصر على الصدقات الكبيرة أو الأعمال الجليلة فحسب، بل تمتد لتشمل أبسط السلوكيات والأخلاق الحسنة التي تزرع المحبة وتؤلف القلوب.


ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- سعة مفهوم المعروف في الإسلام: الإسلام دين شامل، يأمر بالخير في كل صغيرة وكبيرة. فالمعروف ليس فقط إطعام الطعام أو بناء المساجد، بل هو كل ما أمر الله به ورسوله، ويدخل فيه إماطة الأذى عن الطريق، وكلمة طيبة، ونصيحة، وإرشاد، ومساعدة، وحتى مجرد التبسم.
2- الحث على عدم احتقار الطاعات: يحذر الحديث من خطورة الاستهانة بالطاعات الصغيرة، فإن تجميع القليل يؤدي إلى الكثير، كما قال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]. واحتقار العمل الصالح قد يكون باباً من أبواب الشيطان ليصد الإنسان عن الخير كله.
3- التبسم وأثره العظيم: جعل النبي صلى الله عليه وسلم التبسم في وجه المسلم أخاً له معروفاً لا ينبغي احتقاره. بل إنه صلى الله عليه وسلم جعل ذلك صدقة، حيث قال: «وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ» (رواه الترمذي وهو حسن). وهو يزيل الوحشة، ويوطد العلاقات الاجتماعية، ويشعر الآخرين بالألفة والمحبة، وهو من مكارم الأخلاق.
4- تيسير الخير على كل أحد: هذا الحديث يفتح باب الخير والعمل الصالح أمام كل إنسان، الغني والفقير، القوي والضعيف، العالم والجاهل. فكل أحد يستطيع أن يلتزم بهذا الخلق العظيم (طلاقة الوجه)، فيكون له بذلك أجر وثواب.
5- الأخوة الإسلامية: استخدام لفظ "أخاك" يؤكد على رابطة الأخوة الإيمانية التي يجب أن تترجم إلى سلوكيات عملية، ومنها البشاشة والمودة، فهي ليست مجرد شعارات.
6- تربية النفس على عدم الاحتقار: الحديث يدعو إلى تربية النفس على عدم احتقار أي خير يأتي من الآخرين، وتقديره وشكر فاعله، كما يدعو إلى عدم احتقار ما تقدمه أنت من خير للغير.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من "الجوامع"، أي الكلمات القليلة التي تحمل معاني كثيرة.
- العمل بهذا الحديث يمحو الأنانية ويقوي أواصر المجتمع المسلم، ويجعل الحياة أكثر بهجة وسعادة.
- ينبغي للمسلم أن يجعل هذا الخلق (طلاقة الوجه) سجية له، إلا في مواضع الجد والحدب والزجر الشرعي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٢٦٢٦) عن أبي غسان المسمعي، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أبو عامر يعني الخزاز، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 46 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق

  • 📜 حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب