حديث: الحياء خير كله في الدنيا والآخرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الحياء

عن حميد بن عبد الرحمن قال: دخلت أنا وصاحب لي على رجل من أصحاب النبي ﷺ يقال له: أُسَير فقال: قال رسول الله ﷺ: «الحياء لا يأتي إلا بخير».

حسن: رواه أبو يعلى - المطالب العالية (٢٦٢٧) - ومن طريقه الضياء في المختارة (٤/ ٢٩٧) -، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (١٠٧٨) كلاهما من طريق محمد بن يحيى بن أبي سمينة، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، حدثنا داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن، قال: فذكره.

عن حميد بن عبد الرحمن قال: دخلت أنا وصاحب لي على رجل من أصحاب النبي ﷺ يقال له: أُسَير فقال: قال رسول الله ﷺ: «الحياء لا يأتي إلا بخير».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس ونفهم من سنة نبيه الكريم.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم في باب الأخلاق والسلوك، وإليك شرحه على النحو التالي:


1. شرح المفردات:


* الحياء: هو خُلُق يبعث على ترك القبيح من الأقوال والأفعال، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وهو انقباض النفس عن فعل ما يعاب به، وخوفٌ من الذم. وهو ليس مجرد الخجل، بل هو خلق إسلامي راقٍ يجمع بين الخوف من الله والحرص على مراعاة مشاعر الخلق.
* لا يأتي إلا بخير: أي أن نتائجه وآثاره ومآلاته كلها محمودة ومفيدة، لا شر فيها ولا ضرر.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الجامع أن خُلُق الحياء هو خُلُقٌ محمود بكليته، لا ينتج عنه إلا الأمور الطيبة والمصالح الحسنة في الدنيا والآخرة.
* معنى العموم في الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يأتي إلا بخير» يعتبر من العام الذي أريد به الخصوص، أي أن الحياء في الغالب والأعم الأغلب يأتي بخير، لكنه قد يمنع صاحبه من فعل بعض الأمور التي هي في ظاهرها قبيحة لكنها واجبة أحياناً (كأن يستحيي سائل أن يسأل عن مسألة دينية مهمة، أو أن يمنعه الحياء من إنكار منكر شاهده). لذلك فُسِّر هذا الحديث بحديث آخر يُكمِّله ويوضحه.
* الشرح المستند إلى الأحاديث الأخرى: ورد في الصحيحين من حديث عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحياء خير كله» أو قال: «الحياء كله خير». فقال الناس: يا رسول الله، إن من الحياء ضعفًا واحتشامًا (أي خجلاً مذموماً يمنع من الحق)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس ذلك، إنما الحياء من الإيمان».
* التوفيق بين الأحاديث: يُفهم من مجموع هذه الأحاديث أن الحياء الحقيقي الممدوح هو الذي لا يمنع من قول الحق أو فعل الواجب أو طلب العلم. أما الذي يمنع من ذلك فهو ضعف وخجل مذموم، وليس هو الحياء الشرعي الذي مدحه النبي صلى الله عليه وسلم. فالحياء الشرعي هو الذي يكون من الله أولاً، فيمنعك من معصيته، ثم من الناس فيمنعك من فعل القبائح أمامهم.


3. الدروس المستفادة منه:


1- فضيلة خلق الحياء: الحديث يرفع من قيمة هذا الخلق ويحث على التخلق به، فهو من صفات الأنبياء والصالحين، وهو شعبة من شعب الإيمان.
2- الحياء من الله: أعلى درجات الحياء أن تستحي من الله تعالى حق الحياء، بأن تمنع جوارحك من معاصيه، وتحمي قلبك من أن يغشاه ما يكره.
3- الحياء لا يتعارض مع الجرأة في الحق: المسلم الجيد هو الذي يجمع بين الحياء عن القبائح، والجرأة والشجاعة في قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم.
4- الحياء سبب لكل خير: الحياء يحفظ صاحبه من الوقوع في المعاصي والذنوب، ويؤدي به إلى فعل الطاعات، ويكسبه محبة الله ومحبة الناس.
5- تمييز الحياء الممدوح عن الخجل المذموم: من المهم التفريق بين الحياء الذي هو خلق إيماني، والخجل أو الضعف الذي يمنع الإنسان من القيام بواجباته الدينية والدنيوية.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* منزلة الحياء في الإسلام: الحياء والإيمان قرناء، إذا ذهب أحدها تبعه الآخر، كما في الحديث: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ».
* الحياء من الناس: من كمال الإيمان أن يستحي المسلم من الناس أن يروه على حالة قبيحة، وهذا من صفات المؤمن الذي يراقب الله في خلقه.
* الحياء من النفس: أن يستحي الإنسان من نفسه إذا همَّ بمعصية، وهذا من أعلى درجات الإحسان.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستحي منه حق الحياء، ويتخلق بأخلاق نبيه الكريم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى - المطالب العالية (٢٦٢٧) - ومن طريقه الضياء في المختارة (٤/ ٢٩٧) -، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (١٠٧٨) كلاهما من طريق محمد بن يحيى بن أبي سمينة، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، حدثنا داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن يحيى بن أبي سمينة فإنه حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 29 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الحياء خير كله في الدنيا والآخرة

  • 📜 حديث: الحياء خير كله في الدنيا والآخرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الحياء خير كله في الدنيا والآخرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الحياء خير كله في الدنيا والآخرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الحياء خير كله في الدنيا والآخرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب