حديث: الرفق في الأمر كله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل الرفق

عن عائشة، عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الله رفيق، يحبّ الرفق في الأمر كله».

صحيح: رواه ابن ماجه (٣٦٨٩)، وأحمد (٢٤٥٥٣) كلاهما من طريق محمد بن مصعب قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة، عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الله رفيق، يحبّ الرفق في الأمر كله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف:
الحديث:
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ، يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ».
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 6927)، ومسلم في صحيحه (رقم 2165).

### أولاً. شرح المفردات
* رَفِيقٌ: صفة لله تعالى، وهي من أسمائه الحسنى، وتعني: اللطيف بعباده، الذي يتفضل عليهم بالنعم وييسر أمورهم برحمة وحكمة، ولا يعاجلهم بالعقوبة، بل يصرف عنهم البلاء ويمهلهم ليتوبوا.
* يُحِبُّ: المحبة هنا من صفات الله تعالى التي تليق بجلاله، ومعناها: إرادته للخير والثواب لأهل الرفق، ورضاه عن هذا الخلق الكريم.
* الرِّفْق: هو اللين واللطف والتأني والسهولة في التعامل مع الخلق والأمور، وعكسها العنف والشدة والفظاظة.
* فِي الأَمْرِ كُلِّهِ: يشمل جميع الأمور دون استثناء؛ في أمور الدين والدنيا، في التعامل مع النفس، مع الأهل، مع الجيران، مع الناس جميعًا، وحتى مع الحيوان، وفي الدعوة إلى الله، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

### ثانيًا. شرح الحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم بحقيقتين جليلتين:
1- وصف الله تعالى بالرفق: "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ"، أي أن صفة الرفق صفة كمال لله عز وجل، فهو يعامل عباده بهذه الصفة. ييسر لهم سبل الخير، ويحلم عليهم مع قدرته على عقوبتهم، ويرزقهم ويرحمهم برفق ولطف، ويقبل التوبة عن التائبين ويعفو عن المذنبين. إنه الرفيق في أفعاله وأقداره وأحكامه.
2- محبة الله للرفق في كل شيء: "يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ"، أي أن الله تعالى يرضى عن عبده الذي يتخلق بهذا الخلق الحسن في جميع شؤون حياته، ويجازيه على ذلك أعظم الجزاء. هذه المحبة تستدعي من العبد أن يجتهد في التحلي بهذه الصفة لأنه يتقرب بها إلى محبة ربه.
ويؤكد قوله: "في الأمر كله" على شمولية الرفق وعمومه، فلا مجال للفظاظة أو العنف في أمر من الأمور، بل حتى في مواطن الشدة والحزم لا بد أن يكون هناك رفق وحكمة.

### ثالثًا. الدروس المستفادة والفؤائد
1- الاقتداء بالله تعالى في صفة الرفق: فإذا كان الله رفيقًا، فإن أحب الخلق إليه من اتصف بصفاته وأخلاقه. فالمسلم مأمور بالتخلق بأخلاق الله تعالى كما فهمها السلف، ومنها الرفق.
2- الرفق طريق لتحقيق المحبة والقبول: فمن عامل الناس برفق، أحبوه وقبلوه، وانقادوا لنصيحته. وفي الحديث الآخر: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ كُلَّهُ» (رواه مسلم).
3- الرفق يجلب الخير ويحقق النجاح: الأمور التي تُعامل بالرفق واللين تنجح وتثمر، بعكس تلك التي تُعامل بالعنف والشدّة فإنها تفسد وتنفر. الرفق في البيع والشراء، في التعليم، في تربية الأولاد، في معاملة الزوجة، كلها تؤتي ثمارها الطيبة.
4- الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة: خير ما يطبق فيه الرفق هو مجال الدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير. فالداعية الناجح هو الرفيق الذي يجادل بالتي هي أحسن، ويصبر على جهل الجاهل، ويتلطف في نصحه وإرشاده.
5- الرفق لا يعني الضعف أو التهاون في الحق: الرفق خلق قوي، فهو يعني الحكمة ووضع الأمور في مواضعها. فالحزم في موضعه رفق، والشدة على المعتدين الظالمين رفق بالضعفاء والمظلومين. والرفق ينفي الغلظة والفظاظة فقط، ولا ينفي القوة والعدل.
6- الرفق سبب لدخول الجنة: كما في الحديث الذي رواه مسلم أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ».

### رابعًا. معلومات إضافية مفيدة
* هذا الحديث يدخل في باب "الأخلاق والآداب" وهو من الأحاديث الجامعة التي ينبغي للمسلم أن يجعلها نبراسًا في حياته.
* ينبغي للمسلم أن يدعو بهذا الدعاء الذي علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» (رواه مسلم).
* من أعظم صور الرفق: الرفق بالنفس بعدم تحميلها ما لا تطيق من العبادات، والرفق بالحيوان وعدم إيذائه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٣٦٨٩)، وأحمد (٢٤٥٥٣) كلاهما من طريق محمد بن مصعب قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
ورواه ابن ماجه أيضا من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي به مثله.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 21 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرفق في الأمر كله

  • 📜 حديث: الرفق في الأمر كله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الرفق في الأمر كله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الرفق في الأمر كله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الرفق في الأمر كله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب