حديث: خلق هذا الدين الحياء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الحياء

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: لكل دين خلق، وخلق هذا الدين الحياء.

صحيح: رواه الطبراني في الصغير (١/ ١٣)، والخطيب في تاريخ بغداد (٨/ ٤) كلاهما من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي، حدثنا عيسى بن يونس، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، فذكره.

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: لكل دين خلق، وخلق هذا الدين الحياء.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فيسرني أن أقدم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ، وَخُلُقُ هَذَا الدِّينِ الحَيَاءُ».


1. شرح المفردات:


* دين: هنا يُقصد به الملة والشريعة التي يُتعبَّد الله بها. وقيل: المراد به هنا الطريقة والمنهج الذي يسير عليه أهل كل ملة.
* خُلُق: بضم الخاء واللام، أي صفة راسخة في النفس، وطبع وسجية تميز بها أهل ذلك الدين.
* الحَيَاء: هو خُلُق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وهو انقباض النفس عن القبائح خوفًا من اللوم. وهو من أعظم صفات القلب التي تظهر على الجوارح.


2. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الجليل حقيقة عظيمة، وهي أن كل أمة وكل ملة من الملل لها سمة أخلاقية تميزها وتظهر في سلوك أتباعها.
فالمعنى: لكل دين من الأديان السابقة أو لكل أمة من الأمم خُلُقٌ بارز تتميز به وتشتهر بين الناس به.
ثم يخبر صلى الله عليه وسلم أن الخُلُق البارز والسمة الظاهرة لهذا الدين الإسلامي العظيم هي "الحياء".
وليس المقصود أن الأديان الأخرى لا حياء لها، بل المقصود أن الحياء أصبح هو الغالب والطابع العام والصفة المميزة لأمة الإسلام، بحيث إذا رُؤي المسلم عُرف بحيائه، فهو شعاره وعنوانه. فكما أن الكفر قد يكون طابعه الجرأة والوقاحة، فإن الإسلام طابعه الحياء والستر والعفة.
ويؤكد هذا المعنى حديث آخر رواه الإمام مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله ﷺ: «دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ». فالحياء شعبة من شعب الإيمان، بل هو من كماله وثمرته.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- مكانة الحياء في الإسلام: الحديث يرفع من شأن خُلُق الحياء ويجعلها السمة الأساسية للمسلم الحق، مما يدل على أنه من أعظم أركان الأخلاق الإسلامية وأساسها.
2- الحياء لا يأتي إلا بخير: كما في الحديث الصحيح: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ» (متفق عليه). فهو يحجز صاحبه عن المعاصي والرذائل، ويحمله على فعل الطاعات والمعروف.
3- الفرق بين الحياء الممدوح والحياء المذموم: الحياء الممدوح هو الذي يمنع من القبائح والتقصير في حقوق الله وحقوق العباد. أما الحياء المذموم فهو الذي يمنع الإنسان من السؤال عن أمور دينه، أو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من قول الحق. فليس من الحياء أن يستحي المرء من طلب العلم.
4- الحياء من الله تعالى: أكمل أنواع الحياء هو الحياء من الله تعالى، بأن يستحي العبد من أن يراه الله حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره. وهذا الحياء هو الذي يحفظ الجوارح ويزين الأعمال.
5- الحياء شعبة من شعب الإيمان: فالحياء والإيمان قرينان، إذا ذهب أحدهما تبعه الآخر، كما ورد في الأثر.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* مصدر الحديث: هذا الحديث رواه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام ابن ماجه في "سننه"، وهو حديث حسن.
* الحياء من الإيمان: يستحب للمسلم أن يتحلى بالحياء في كل أموره: في ملبسه، ومشيه، وكلامه، وتعاملاته، مع الله ومع الخلق.
* الحياء لا يتعارض مع الجرأة في الحق: كما أسلفنا، فالمسلم يجمع بين الحياء في شكله وسلوكه، والجرأة والشجاعة في قول كلمة الحق والدفاع عن الدين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الصغير (١/ ١٣)، والخطيب في تاريخ بغداد (٨/ ٤) كلاهما من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي، حدثنا عيسى بن يونس، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، فذكره.
قال الطبراني: لم يروه عن مالك إلا عيسى بن يونس تفرد به ابن سهم.
قال الأعظمي: ولا يضر تفردهما فإنهما ثقتان، ولم يُذكر هذا الحديث في الموطأ، وإنما فيه عن زيد بن طلحة بن ركانة يرفعه إلى النبي ﷺ، فذكر مثله.
رواه مالك في حسن الخلق (٩) عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي، عن زيد بن طلحة بن ركانة، فذكره.
وهذا مرسل؛ فإن الصحيح أن زيد بن طلحة تابعي، وهذا المرسل يقوّي الموصول، لا سيما وقد رُويَ الموصول بإسناد ضعيف أيضا.
وهو ما رواه ابن ماجه (٤١٨١)، وأبو يعلى (٣٥٧٣)، والطبراني في الصغير (١/ ١٣) كلهم من طريق عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى الصدفي، عن الزهري، عن أنس بن مالك، فذكره.
ومعاوية بن يحيى هو الصدفي أبو رَوح الدمشقي ضعيف عند جمهور أهل العلم، قال ابن حبان: كان يشتري الكتب، ويحدث بها، ثم تغير حفظه فكان يحدّث بالوهم.
وعيسى بن يونس هو ابن أبي إسحاق السبيعي ثقة ضابط صاحب الروايات الكثيرة، فلا يمنع من روايته عن مالك، وعن يحيى بن معاوية معا كما جمع بينهما الطبراني في الصغير.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 35 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خلق هذا الدين الحياء

  • 📜 حديث: خلق هذا الدين الحياء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خلق هذا الدين الحياء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خلق هذا الدين الحياء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خلق هذا الدين الحياء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب