صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك

حديث: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك

عن عقبة بن عامر قال: لقيت رسول الله ﷺ، فقال لي: «يا عقبة بن عامر! صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك»، قال: ثم أتيت رسول الله ﷺ فقال لي: «يا عقبة بن عامر! أملك لسانك، وابك على خطيئتك، وليسعك بيتك».

حسن: رواه أحمد (١٧٤٥٢) عن حسين بن محمد، حدثنا ابن عياش، عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، عن فروة بن مجاهد اللخمي، عن عقبة بن عامر، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم جامع لخلق المسلم المتكامل، رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره، وهو حسن. وهو وصية نبوية كريمة من رسول الله ﷺ لصحابي جليل هو عقبة بن عامر رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● صِلْ مَنْ قَطَعَكَ: صِلْ: أي أقم الصلة والعلاقة الطيبة. قَطَعَكَ: أي انقطع عنك وجفاك وأساء إليك.
● أَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ: أَعْطِ: بذل العطاء والمنفعة. حَرَمَكَ: منعك وحجب عنك ما تحتاجه أو تستحقه.
● اعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ: اعْفُ: تجاوز عن الذنب وأسقط الحق. ظَلَمَكَ: اعتدى عليك في نفسك أو مالك أو عرضك.
● أَمْلِكْ لِسَانَكَ: احفظ لسانك وامسكه عن كل قول محرم أو غير نافع.
● ابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ: ابكِ: ندماً وتوبةً وخشيةً من الله. خَطِيئَتِكَ: ذنبك وتقصيرك في حق الله.
● وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ: لِيَكُنْ بيتك واسعاً لك، أي الزم بيتك وأكثر من الجلوس فيه للابتعاد عن مواطن الفتنة والشر.

ثانياً. شرح الحديث:

جاءت هذه الوصية النبوية على جزأين، كل جزء يحتوي على ثلاث وصايا ذهبية:
الجزء الأول: التعامل مع الناس بمكارم الأخلاق
1- "صِلْ مَنْ قَطَعَكَ": هذا أعلى درجات الإحسان، وهو أن تصل من قطعك من الأقارب أو الأصدقاء، فلا تقابل الإساءة بالإساءة، بل تقابلها بالإحسان. هذا من خلق الأنبياء والصالحين، وهو سبب لعزة النفس ومحبة الناس، وفيه اقتداء بالله تعالى الذي يواصل عباده وإن عصوه. قال تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17].
2- "أَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ": أن تبذل المعروف والعطاء لمن بخل عليك ومنعك، سواء كان عطاء مال أو علم أو خدمة أو حتى كلمة طيبة. هذا يدل على سمو النفس وعلو الهمة، ويُذهب الضغينة من القلب، ويجبر الخاطر، ويُذلّ النفس الأمارة بالسوء. وهو من أسباب البركة في المال والمكانة.
3- "اعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ": العفو والتسامح عند المقدرة من أشرف الأخلاق. فبدلاً من أن تنتصر لنفسك وتطالب بحقك، تعفو وتتجاوز، طمعاً في عفو الله تعالى عنك. قال الله: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور: 22]. والعفو لا يعني الضعف، بل هو قوة وشجاعة.
الجزء الثاني: تزكية النفس وحمايتها
1- "أَمْلِكْ لِسَانَكَ": اللسان هو ترجمان القلب، وبصلاحه يصلح العمل كله. فأمره النبي ﷺ أن يسيطر عليه ويحرسه، فلا يتكلم إلا بخير، ويجنبه الغيبة والنميمة والكذب والسب والشتم والجدال الباطل. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». حفظ اللسان طريق للسلامة في الدنيا والآخرة.
2- "ابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ": البكاء من خشية الله دليل على الإيمان ورقة القلب. فالمرء مأمور أن يتذكر ذنوبه ويحزن عليها ندماً وخوفاً من عقاب الله، لا أن يغفل عنها أو يتساهل فيها. هذا البكاء يمحو الخطايا ويرفع الدرجات. كان السلف الصالح يبكون على ذنوبهم ولو كانت صغيرة، ويقولون: "إنك لا تدري أي ذنبك الذي قبلت وأي ذنبك الذي رد".
3- "وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ": هذه وصية عظيمة في زمن الفتن. حثّ النبي ﷺ على لزوم البيت إلا لحاجة؛ لأن الخروج без داعٍ يعرّض الإنسان للفتن، ورؤية المنكرات، وإضاعة الوقت، و perhaps الوقوع في أذية الآخرين أو أذيتهم. لزوم البيت فيه حفظ للوقت، وصيانة للعرض، وطمأنينة للنفس، وبركة في الرزق. وهو من أسباب العفة والستر.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- بناء الشخصية الإسلامية المتوازنة: يجمع الحديث بين حق الله (بالبكاء على الخطيئة) وحقوق الناس (بالصلة والعطاء والعفو)، وبين العلاقة الاجتماعية (مع الناس) والعلاقة الفردية (مع النفس والله).
2- التربية على الإيجابية: الأمر بمقابلة الإساءة بالإحسان يدرب المسلم على أن يكون عنصر خير ونفع في المجتمع، لا مجرد رد فعل للآ

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧٤٥٢) عن حسين بن محمد، حدثنا ابن عياش، عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، عن فروة بن مجاهد اللخمي، عن عقبة بن عامر، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن عياش واسمه إسماعيل فإنه صدوق في روايته عن أهل الشام وهذا منه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 26 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك

📜 حديث: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية