حديث: الله يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل الرفق

عن عائشة زوج النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ قال: «يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه».

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٩٣) عن حرملة بن يحيى التجيبي، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني حيوة، حدثني ابن الهاد، عن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، يعني بنت عبد الرحمن، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة زوج النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ قال: «يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وفيه يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم زوجته ويوجهها إلى خلق عظيم، بل ويخبرها عن صفة من صفات الله عز وجل.

أولاً. شرح المفردات:


● رفيق: صيغة مبالغة من "الرفق"، أي شديد الرفق، واسع الرحمة واللين.
● الرفق: هو اللين واللطف والتأني وعدم التعجل أو الشدة في الأمور. وهو ضد العنف والغلظة.
● يحب الرفق: أي يرضاه ويثيب عليه.
● العنف: هو الشدة والغلظة والقسوة في المعاملة، وهو ضد الرفق.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة - ومن خلالها الأمة كلها - بحقيقة عظيمة، وهي:
1- وصف الله تعالى بالرفق: "إن الله رفيق" أي أن صفة الرفق واللين من صفات الله تعالى الكمالية. فالله تعالى يعامل عباده باللطف والرحمة والتدرج في التشريع، ولا يعاجلهم بالعقوبة، بل يصبر عليهم ويغفر لهم ويسترهم. فمن تأمل في خلق السماوات والأرض، وفي تشريع الأحكام، وفي تعامله مع عباده، وجد آثار الرفق والإحسان في كل شيء.
2- محبة الله للرفق: "يحب الرفق" أي أن الله تعالى يرضى هذا الخلق ويحبه من عباده، ويثيب عليه ثواباً عظيماً. فمن اتصف بالرفق في معاملة الناس، وفي عبادته لنفسه، وفي شؤون حياته كلها، فقد اتصف بخلق يحبه الله.
3- العطاء الخاص على الرفق: "ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" هذه هي الثمرة العملية العظيمة. فالعمل الذي يؤدى بالرفق واللين يحصل له من القبول والتيسير والبركة ما لا يحصل للعمل المؤدى بعنف وشدة. فمثلاً: الداعية الذي يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، يفتح الله قلوباً لا يفتحها لداعية آخر يستخدم الشدة والفظاظة. والمعلم الذي يعلم طلابه برفق، يحصل من استيعابهم وتفوقهم ما لا يحصل للمعلم العنيف. والأب الذي يربّي أولاده باللين والحكمة، ينشئهم على الاستقامة أكثر من الذي يستخدم القسوة.
4- تفضيل الرفق على جميع الأساليب الأخرى: "وما لا يعطي على ما سواه" وهذا تعميم بعد تخصيص، لتأكيد فضل الرفق وأن نتيجته وخيره أعظم من أي أسلوب آخر يُتخذ في التعامل، سواء كان وسطاً بين الشدة واللين، أو كان غير ذلك.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاقتداء بالله تعالى في صفة الرفق: فإذا كان الله رفيقاً، فإن أحب خلقه إليه هم من يتخلقون بأخلاقه.
2- الرفق هو الوسيلة الأنجح في تحقيق الأهداف: سواء في الدعوة إلى الله، أو في التربية، أو في الإدارة، أو في العلاقات الأسرية والاجتماعية. فالرفق يجلب المحبة ويؤلف القلوب.
3- تحذير من ضد الرفق وهو العنف: فالعنف والشدة ينتج عنهما النفور وفساد الأمور، وكثيراً ما يعجز صاحبهما عن تحقيق ما يريد، ولو كان محقاً في مقصده.
4- الرفق لا يعني الضعف أو التهاون: فالرفق هو اللين في موضع اللين، وهو الحكمة في التصرف. أما الضعف فهو عدم القدرة على اتخاذ الموقف المناسب. والرسول صلى الله عليه وسلم كان أرفق الناس، ولكنه كان أشجع الناس أيضاً وأقواهم في موطن القوة والحزم.
5- الرفق في العبادة: وذلك بأن يتعامل المسلم مع نفسه برفق، فلا يكلفها ما لا تطيق في العبادة فينقطع، بل يكون وسطاً ومعتدلاً، حتى تدوم العبادة ويحصل المقصود.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تحث على الرفق، مثل حديث: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» (رواه مسلم).
- كان النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الرفق، فكان رفيقاً بالصغير والكبير، بالصاحب والعدو، بالجن والإنس، حتى بالحيوان.
- من أعظم صور الرفق: الرفق بالنفس في طاعة الله، والرفق بالزوجة والأولاد، والرفق بالخدم والموظفين، والرفق بالعامة في الدعوة والتعليم.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل الرفق، وأن يعيننا على التخلق بهذا الخلق العظيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٩٣) عن حرملة بن يحيى التجيبي، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني حيوة، حدثني ابن الهاد، عن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، يعني بنت عبد الرحمن، عن عائشة، فذكرته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 19 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الله يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف

  • 📜 حديث: الله يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الله يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الله يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الله يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب