حديث: من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الشكر على المعروف
حسن: رواه أبو داود (٤٨١٤) عن عبد الله بن الجراح، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم في باب الشكر والصبر، وهاك شرحه على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام ابن ماجه في سننه، والإمام الحاكم في مستدركه، وغيرهم من طريق الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ. وحسنه عدد من أهل العلم كالألباني وغيره.
### ثانياً. شرح المفردات
* أبلي بلاءً: "أبلى" من البلاء، والبلاء هنا لا يقصد به المصيبة فقط، بل معناه أوسع- البلاء يشمل كل ما يبتلى به الإنسان، سواء كان نعمة كالصحة والمال والولد، أو كان نقمة كالمرض والفقر والهم.فالبلاء نوعان: بلاء خير (نعمة) وبلاء شر (مصيبة).
* فذكره: أي تحدث به وذكر الله تعالى به، ففي النعمة يذكرها شكراً لله، وفي المصيبة يذكرها صبراً واحتساباً.
* فقد شكره: أي فقد أدى شكر تلك النعمة أو ذلك الصبر.
* وإن كتمه: أي إذا أخفاه ولم يذكره.
* فقد كفره: أي كفر النعمة وجحدها، ولم يشكر الله عليها. وهو كفر أصغر لا يخرج من الملة، كقوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
### ثالثاً. شرح الحديث
يُرشدنا النبي ﷺ في هذا الحديث إلى أدب عظيم من آداب التعامل مع نعم الله وابتلاءاته:
* في حالة النعمة (البلاء الحسن): إذا أنعم الله عليك بنعمة من نعمه الظاهرة أو الباطنة (كالعافية، الرزق، الهداية، السلامة، حل مشكلة... إلخ)، فإن ذكرك لهذه النعمة والحديث عنها بهدف شكر الله تعالى والاعتراف بفضله هو من كمال الشكر. ليس المقصد التفاخر أو التكبر، بل المقصد الاعتراف لله بالمنة، وحمده على فضله، وأن يرى الآخرون نعم الله فيشكروه ويأملوا فضله.
* *مثال:* أن تقول: "الحمد لله الذي عافاني في بدني، الحمد لله الذي رزقني علماً نافعاً، الحمد لله الذي فرج همي".
* في حالة المصيبة (البلاء السيء): إذا أصابك مرض أو هم أو ضيق، فذكرك لهذا البلاء بهدف الصبر والاحتساب وطلب الأجر من الله، هو أيضاً شكل من أشكال الشكر. فالصبر على البلاء شكر، وذكره بالطريقة الصحيحة (كقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها) هو إعلان للصبر والرضا بقضاء الله.
* *مثال:* أن تقول عند المصيبة: "اللهم إني صبرت على بلائك فأجرني"، أو أن تخبر غيرك لتشاركك في الدعاء دون تسخط أو شكوى.
أما "كتمه" وهو إخفاء النعمة أو إخفاء الصبر على المصيبة وكتمانها، فمعناه:
* في النعمة: كتمان النعمة وجحدها وعدم الاعتراف بفضل الله فيها، وهذا من كفران النعم.
* في المصيبة: كتمان الصبر وعدم الذكر لله، مما قد يؤدي إلى التسخط والضجر بدلاً من الصبر والاحتساب.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- حث الإسلام على شكر النعم: فالشكر ليس مجرد كلام باللسان، بل يشملالاعتراف بالقلب، والتحدث بالنعمة لحمد الله، واستخدامها في طاعته.
2- الصبر على البلاء من أعظم أنواع الشكر: فصبرك على المرض أو الفقر مع الاحتساب هو شكر لله على اختباره إياك ورفع درجاتك.
3- الفرق بين التحدث بالنعمة والتفاخر: التحدث بالنعمة لشكر الله مشروع، أما التحدث بها للفخر والخيلاء والتكبر على الناس فهو محرم.
4- الفرق بين ذكر المصيبة للتسخط وذكرها للصبر: الشكوى لغير الله من القضاء والقدر من التسخط المحرم. أما ذكر المصيبة للصبر والاحتساب وطلب الدعاء من الآخرين فهو مشروع ومطلوب.
5- الحذر من كفران النعم: بإخفائها وجحدها ونسيان مصدرها وهو الله تعالى.
خامساً:
معلومات إضافية مفيدة* هذا الحديث يأتي في سياق الأحاديث الكثيرة التي تحث على "التحدث بنعم الله"، كقوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].
* من أعظم ما يشكر به العبد ربه استخدام النعمة في طاعته، فالصحة في الطاعة، والمال في الصدقة، والعلم في التعليم والدعوة.
* ينبغي للمسلم أن يكون معترفاً بالفضل لله في كل حال، فيسرائه وضرائه، في نعمائه وبلائه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الشاكرين الصابرين، وأن ينفعنا بما علمنا، ويجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن الجراح فإنه حسن الحديث.
وجوّده المنذري في الترغيب (١٤٥٤).
قوله: «أبلي» أي أنعم عليه. ومعنى الحديث: من أنعم الله عليه بنعمة فليُر أثر تلك النعمة، ومن لم يفعل ذلك فقد كفر بتلك النعمة، وقد أمر الله تعالى بالوسطية في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)﴾ [الفرقان: ٦٧].
قوله: ﴿قَوَامًا﴾ أي: الوسط لا تفريط ولا إسراف.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 63 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 38 المعروف كله صدقة
- 39 لقاء الأخ بوجه طلق
- 40 المعروف كله صدقة في الاسلام
- 41 شرح كل معروف صدقة
- 42 أدعو إلى الله وحده الذي إن مسك ضر فدعوته كشف...
- 43 تبسمك في وجه أخيك لك صدقة
- 44 من منح منيحة لبن كان له مثل عتق رقبة
- 45 منيحة العنز تدخل الجنة
- 46 لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه...
- 47 لقاء الأخ بوجه طلق من المعروف
- 48 ما رأيت النبي مستجمعا قط ضاحكا
- 49 امرأة تطلب العودة لزوجها الأول بعد الطلاق والزواج الثاني
- 50 تبادرن الحجاب لما سمعن صوت عمر
- 51 أعتق رقبة أو صم شهرين أو أطعم ستين مسكينا
- 52 ما حجبني النبي ﷺ منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم...
- 53 استسقى النبي ﷺ فمطروا حتى سالت مثاعب المدينة
- 54 ما سئل النبي عن شيء قط فقال لا
- 55 النبي ﷺ يعطي البردة التي أهديت له لرجل من الصحابة
- 56 ارضخي ما استطعت ولا توعي فيوعي الله عليك
- 57 لا تحصي فيحصي الله عليك
- 58 معنى من لا يشكر الناس لا يشكر الله
- 59 التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر
- 60 من لم يشكر الناس لم يشكر الله
- 61 من لا يشكر الناس لا يشكر الله
- 62 من أعطي عطاء فوجد فليجز به
- 63 من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
- 64 إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة
- 65 إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة
- 66 السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من النبوة
- 67 الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من النبوة
- 68 خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره
- 69 ذهب النبي ﷺ إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم
- 70 اذهبوا بنا نصلح بينهم
- 71 إصلاح ذات البين أفضل من الصيام والصلاة والصدقة
- 72 أفضل الأعمال الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن
- 73 ائذنوا له فبئس ابن العشيرة
- 74 خبأت هذا لك
- 75 تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد
- 76 تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض
- 77 من تواضع لله رفعه الله
- 78 ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم
- 79 اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا
- 80 معنى من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
- 81 شرح من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
- 82 تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم
- 83 لا تنزع الرحمة إلا من شقي
- 84 الراحمون يرحمهم الرحمن
- 85 ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
- 86 لا يضع الله رحمته إلا على رحيم
- 87 فنزل البئر، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى...
معلومات عن حديث: من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
📜 حديث: من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








