حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بيان معنى قول النبيّ ﷺ: «لا ترجعوا بعدي كفَّارًا»

عن جرير، أن النّبيّ ﷺ قال له في حجّة الوداع: «استنصت الناس» فقال: «لا ترجعوا بعدي كفَّارًا يضربُ بعضُكم رقاب بعض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (١٢١)، ومسلم في الإيمان (٦٥) كلاهما من حديث شعبة، قال: أخبرني عليّ بن مُدركة، عن أبي زرعة، عن جدّه جرير، فذكره، ولفظهما سواء.

عن جرير، أن النّبيّ ﷺ قال له في حجّة الوداع: «استنصت الناس» فقال: «لا ترجعوا بعدي كفَّارًا يضربُ بعضُكم رقاب بعض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فقال: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ».


1. شرح المفردات:


* استنصت الناس: (اسْتَنْصِتْ) من الاستنصات، أي اطلب منهم أن يسكتوا وينصتوا ليسمعوا كلامي. وهو أمر من النبي صلى الله عليه وسلم لجرير رضي الله عنه، لكونه كان فارسًا شجاعًا مهيبًا، فاستعان به ليُسكِت الجمع الكثير ويهيئهم للاستماع.
* لا ترجعوا بعدي: لا تصيروا حالكم بعد وفاتي.
* كفارًا: جمع كافر. والمقصود هنا الكفر الأصغر أو كفر النعمة، وليس الكفر الأكبر المخرج من الملة، بدليل أنهم يضرب بعضهم رقاب بعض، وهذا فعل لا يقع من كفار أصليين فحسب، بل يقع من المسلمين إذا تنازعوا وتقاتلوا. والمعنى: لا تكفروا نعمة الله بالاجتماع على الإسلام والألفة، فتعودوا إلى حال الكفر بالقتال والتناحر.
* يضرب بعضكم رقاب بعض: أي يقتل بعضكم بعضًا في حرب أهلية أو فتنة داخلية.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


في مشهد مهيب خلال حجة الوداع، حيث اجتمع آلاف الصحابة ليسمعوا من نبيهم صلى الله عليه وسلم آخر الوصايا، طلب النبي صلى الله عليه وسلم من جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن يسكت الناس ويهيئهم للاستماع، لينادي فيهم بهذه الكلمات التحذيرية الجليلة.
يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أمته خطابًا جامعًا، يحذرهم فيه من عاقبة وخيمة بعد وفاته، ألا وهي الوقوع في الفتن والاقتتال الداخلي، الذي يجعلهم -بفعله هذا- أشبه بالكفار في تناحرهم وعدائهم، فيضرب بعضهم رقاب بعض. إنه تحذير من الارتداد عن منهج الأخوة والوحدة الذي أسسه الإسلام، والعودة إلى حياة الجاهلية الأولى التي كانت فيها الحروب والغارات مستمرة بين القبائل.


3. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- عظم خطر الفتنة والاقتتال بين المسلمين: جعل النبي صلى الله عليه وسلم التقاتل والتناحر داخليًا منافٍ لحقيقة الإسلام والأخوة، وقريبًا من حال الكفر، لما فيه من هدم لأعظم ركائز المجتمع المسلم وهي الوحدة والألفة.
2- الحث على اللحمة والتماسك: الحديث يأمر بالتمسك بالجماعة ونهي عن التفرق، فالتناحر هو نقيض الأخوة الإيمانية التي قال عنها تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.
3- التحذير من أسباب الفرقة: يحث الحديث القادة والعلماء والأمة collectively على تجنب كل ما يؤدي إلى الفرقة والشتات، من التعصب للآراء، أو القبلية، أو المذهبية، أو غيرها من أسباب التمزق.
4- منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التبليغ: استعانته بجرير رضي الله عنه لاستنصات الناس تدل على الحكمة في إيصال الرسالة، واستخدام الوسائل المناسبة لضمان وصول الكلمة إلى الجميع.
5- بيان رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته: هذا تحذير نابع من شفقة عظيمة، كتحذير الأب الحاني لأبنائه من مصير مؤلم ينتظرهم إذا تفرقوا.
6- أن الاقتتال بين المسلمين من كبائر الذنوب: لأنه يشبه فعل الكفار في عدائهم وتقاتلهم.


4. معلومات إضافية:


* السياق التاريخي: جاء هذا الحديث في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم (حجة الوداع)، مما يزيده أهمية، إذ هو من آخر ما أوصى به أمته.
* الراوي: هو جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، صحابي جليل، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمِيرًا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَنِي بَجِيلَةَ».
* مصدر الحديث: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 121) ومسلم (رقم 65)، مما يجعله في أعلى درجات الصحة.
* رأي العلماء: يرى العلماء أن هذا الحديث نبوة ظاهرة، فقد وقع ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في تاريخ الأمة من فتن واقتتال داخلي، وهو تحذير دائم لكل زمان ومكان.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في العلم (١٢١)، ومسلم في الإيمان (٦٥) كلاهما من حديث شعبة، قال: أخبرني عليّ بن مُدركة، عن أبي زرعة، عن جدّه جرير، فذكره، ولفظهما سواء.
وجرير هو: ابن عبد اللَّه البجليّ، وهو جدّ أبي زرعة الراوي عنه، أي أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد اللَّه البجليّ.
قوله: «يضربُ» هو بضم الباء في الروايات، والمعنى: لا تفعلوا فعل الكفّار فتشبهوهم في حالة قتل بعضهم بعضًا. قاله الحافظ في «الفتح» (١/ ٢١٧).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 136 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض

  • 📜 حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب