حديث: إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب مراعاة مصلحة الدواب في السير، واختيار الليل للسفر
حظه من الكلأ، وإذا أجدبت فانجوا عليها بنقيها بالدلجة، وعليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل».
صحيح: رواه الترمذي في العلل الكبير (٢/ ٨٧٤)، واللفظ له، وابن خزيمة (٢٥٥٥)، والحاكم (١/ ٤٤٥) من طريق رويم بن يزيد اللخمي - وابن خزيمة (٢٥٥٥)، والحاكم (١/ ٢٤٥) من طريق قبيصة بن عقبة، كلاهما عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو حديث عظيم في باب الرحمة بالدواب والرفق بالحيوان، وفيه توجيهات نبوية كريمة في كيفية التعامل معها في حالتي الخصب والجدب.
أولاً. شرح المفردات:
● أخصبت الأرض: أي كثر خيرها ونباتها، وأعشبت، وصارت خصبة.
● الظهر: هو الدابة التي يُركب على ظهرها، كالإبل والخيل والبغال والحمير.
● حظه: أي نصيبه وحقه.
● الكلأ: هو العشب والمرعى.
● أجدبت: أي قحطت وأمسكت نباتها، وصارت جرداء.
● انجوا عليها: أي اسرعوا بها وأخفوا السير.
● بنقيها: أي بخيارها وأفضلها. والنقي: هو الصافي من الشيء وخياره.
● بالدلجة: السير بالليل.
● تطوى بالليل: أي تقصر المسافة ويصير السير فيها أخف وأسهل.
ثانياً. شرح الحديث:
يوجهنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أمرين رئيسيين يتعلقان برعاية الدواب والرفق بها:
1- في حالة الخصب والرغد: عندما تكون الأرض خضراء، ممطرة، كثيرة العشب والمرعى، فإن على صاحب الدابة أن يُعطي دابته حقها من هذا الكلأ. فلا يبخل عليها بالرعي والاستراحة، بل يتركها تأخذ كفايتها من الطعام، لأن هذا هو حقها عليه. فهي تعمل وتخدمه، وهو في مقابلة ذلك يجب أن يوفر لها طعامها وراحتها.
2- في حالة الجدب والقحط: عندما تكون الأرض قاحلة، قليلة العشب، شديدة الحر، فإن على صاحب الدابة أن يرفق بها أثناء السفر. ويكون هذا الرفق من خلال أمرين:
* أن ينجو عليها بنقيها: أي يسير بها سيراً حسناً سريعاً في الأوقات المناسبة (كالصباح الباكر أو وقت الاعتدال) ليُوصلها إلى المكان الذي فيه الكلأ والماء بأسرع وقت، وبأقل معاناة. والسير "بنقيها" يعني أن يختار لها أفضل الطرق وأسهلها.
* أن يُكثر من السير بالليل (الدلجة): لأن السير بالليل له فوائد عظيمة، منها:
● تطوى الأرض بالليل: أي تشعر المسافة بأنها أقصر، فالليل هادئ، والجو بارد، فلا تُرهق الدابة من حر الشمس ولا يعاني راكبها من شدة الحر.
- الراحة للدابة والإنسان معاً.
- تجنب وهج الشمس الذي يسبب الإعياء.
فالحديث يأمر بالسير بالليل في أوقات الجدب لحكمة عظيمة، وهي التخفيف عن الدابة وتقصير مدة معاناتها حتى تصل إلى مرعاها أو مقصدها.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- الرحمة بالحيوان: الحديث أصل عظيم من أصول الرحمة بالدواب والرفق بها، وجعل لها حقوقاً على صاحبها، تختلف باختلاف الظروف. وهذا من كمال الشريعة الإسلامية وعدلها.
2- مراعاة الظروف: الإسلام دين واقعي، يأمر بالمرونة ومراعاة أحوال الزمان والمكان. فالتعامل مع الدابة في الصيف يختلف عنه في الشتاء، وفي الخصب يختلف عنه في الجدب.
3- الحكمة في السفر: الحديث يعلّمنا الحكمة في اختيار أوقات السفر والترحال. فالسير في الأوقات المناسبة (كالليل والصباح الباكر) فيه توفير للجهد والوقت، وحفظ للصحة.
4- العدل وإنصاف الضعيف: الدابة كائن ضعيف لا يستطيع المطالبة بحقه، فجاء الشرع ليكفل لها هذا الحق ويأمر الإنسان بأن ينصفها ويحسن إليها.
5- أن الإحسان إلى الحيوان سبب للأجر والمغفرة: فقد قال صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له». قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجراً؟ فقال: «في كل كبد رطبة أجر».
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث يدخل في باب "الرفق بالحيوان" الذي أولته الشريعة الإسلامية عناية فائقة.
- نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتعاب الدواب وإرهاقها بالركوب والسفر الطويل دون راحة، فقال: «إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض، فعليها فأقضوا حاجاتكم».
- من أرهق دابته في السفر أو حمّلها فوق طاقتها فهو آثم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، اركبوها صالحة، وكلوها صالحة».
نسأل الله أن يجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
ورواه أيضا أبو داود (٢٥٧١) من وجه آخر عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس مختصرا بقوله: «عليكم بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل».
وأبو جعفر الرازي التميمي مولاهم مشهور بكنيته مختلف فيه، فقال ابن معين: «ثقة»، وقال ابن سعد: «كان ثقة» وقال أبو حاتم: «ثقة». وقال ابن عدي: «له أحاديث صالحة».
وتكلم فيه أحمد وأبو زرعة والنسائي والخلاصة فيه أنه لا بأس به في المتابعات وهذا منها.
ولكن رواه قتيبة بن سعيد كما في علل ابن أبي حاتم (٢٢٥٦)، وعبد الله بن صالح كاتب الليث كما في شرح المشكل للطحاوي (١١٤) كلاما عن عقيل، عن الزهري مرسلا.
قال مسلم بن الحجاج: «أخرج إلي عبد الملك بن شعيب بن الليث كتاب جده، فرأيت في كتاب الليث ما رواه قتيبة» انتهى.
وقد رجّح البخاري فيما نقل عنه الترمذي في العلل الكبير، والدارقطني في العلل (١٢/ ١٩٢) المرسل.
قال الأعظمي: الصنعة الحديثية ترجح المرسل، ولكن لا يمنع أن يكون الزهري نفسه رواه على وجهين: موصولا ومرسلا.
وتابعه في وصله الربيع بن أنس البكري أو الحنفي وهو لا بأس به في المتابعات.
وإسناده إليه حسن وهو يقوي الإسناد الأول. والأصل فيه الوصل لأنه كما يقال: مثل هذا لا يقال بالرأي ولكن الراوي رواه مرة مرسلا وأخرى موصولا.
وفي معناه ما روي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا سرتم في الخصب فأمكنوا الركاب أسنانها، ولا تجاوزوا المنازل، هاذا سرتم في الجدب فاستجدوا، وعليكم بالدلج فإن الأرض تطوى بالليل، وإذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان، وإياكم والصلاة على جواد الطريق والنزول عليها فإنها مأوى الحيات والسباع وقضاء الحاجة فإنها الملاعن».
رواه أحمد (١٤٢٧٧، ١٥٠٩١)، وأبو داود (٢٥٧٠) من طرق عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
واللفظ لأحمد ولم يذكر أبو داود لفظه.
والحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله كما قال ابن معين، وابن المديني، وأبو زرعة وغيرهم.
وأما ما رواه ابن ماجه (٣٢٩) من طريق محمد بن يحيى، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير قال: قال سالم: سمعت الحسن يقول: حدثنا جابر بن عبد الله فذكر جزء منه.
فالظاهر أنه خطأ فإن سالما هذا هو الخياط وكان يخطئ لا سيما في صيغ الأداء كما بين ذلك أبو حاتم الرازي وابن حبان، والراوي عنه زهير بن محمد التميمي روى عنه أهل الشام مناكير حتى قال أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقد روى عنه هذا الحديث عمرو بن أبي سلمة، وهو دمشقي شامي.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 851 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 826 أمر النبي ﷺ بقطع الأجراس من أعناق الإبل يوم بدر
- 827 من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه
- 828 لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو
- 829 جبريل قاعد على كرسي بين السماء والأرض
- 830 النبي ﷺ ينظر إلى السماء ويقرأ إن في خلق السماوات...
- 831 نهينا أن نتبعه أبصارنا
- 832 بشارة عثمان بالجنة على بلوى تصيبه
- 833 ليس منكم من أحد إلا وقد فرغ من مقعده من...
- 834 من أخَّر غصن شوك عن الطريق غفر الله له.
- 835 من قطع شجرة تؤذي الناس أدخل الجنة
- 836 اعزل الأذى عن طريق المسلمين
- 837 أمر الأذى عن الطريق
- 838 الأذى يماط عن الطريق من محاسن الأعمال
- 839 في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا فعليه أن يتصدق عن كل...
- 840 إعطاء الطريق حقه: غض البصر وكف الأذى ورد السلام
- 841 اجتنبوا مجالس الصعدات وأدوا حقها
- 842 نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات
- 843 قَدِّه بِيَدِهِ
- 844 كان النبي ﷺ إذا مشى كأنه يتوكأ
- 845 كان أبيض مليحا إذا مشى كأنما يهوي في صبوب
- 846 صلى النبي العصر فأسرع ثم دخل البيت
- 847 لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
- 848 لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين
- 849 أمر النبي ﷺ بإراقة الماء من آبار ثمود وإطعام العجين...
- 850 إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض
- 851 إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
- 852 عليكم بالنسلان
- 853 السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه
- 854 ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده
- 855 لا يبيتنَّ أحدكم وحده، ولا يسافرنَّ وحده.
- 856 نهى رسول الله ﷺ عن الخلوة
- 857 الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب
- 858 إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم
- 859 يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم
- 860 كان رسول الله ﷺ يخرج في سفر إلا يوم الخميس
- 861 خروج النبي في غزوة تبوك يوم الخميس
- 862 نهي السفر بالقرآن إلى أرض العدو
- 863 رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير
- 864 النبي ﷺ آخذٌ بيد عمر بن الخطاب
- 865 من رحم الشاة رحمه الله
- 866 إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا غذاء رباعهم
- 867 بغي سقت كلباً كاد يموت عطشاً فغفر لها.
- 868 في كل كبد رطبة أجر
- 869 الأجر في سقي كل كائن حي
- 870 في كل ذات كبد حرى أجر
- 871 في كل ذات كبد حرّى أجر
- 872 اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة
- 873 الجمل يشكو إلى النبي ﷺ من الجوع والتعب
- 874 ما تأتون إلى البهائم
- 875 لا نسبح حتى نحل الرحال
معلومات عن حديث: إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
📜 حديث: إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








