حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب أدب المرور بمساكن قوم معذبين
ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي».
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٤١٩)، ومسلم في الزهد (٢٩٨٠: ٣٩) كلاهما من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3380) ومسلم في صحيحه (رقم 2980) عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
أولاً. شرح المفردات:
● الحَجْر: هي المنطقة المعروفة باسم "مدائن صالح"، وهي ديار قوم ثمود الذين أهلكهم الله بكفرهم وعصيانهم. وتقع في شمال غرب المملكة العربية السعودية حالياً.
● الذين ظلموا أنفسهم: هم قوم ثمود، الذين كفروا بآيات الله وعصوا رسولهم صالح عليه السلام، وظلموا أنفسهم بالشرك والكفر والمعاصي.
● أن يصيبكم ما أصابهم: أي خشية أن ينزل بكم عذاب مثل العذاب الذي نزل بهم.
● بَاكِينَ: أي متضرعين إلى الله، خائفين من عذابه، متذكرين مصير الأمم السابقة، ليسوا متكبرين أو غافلين.
● قَنَّعَ رَأْسَهُ: أي غطى رأسه بثوبه أو بردائه، إما تعظيماً للمكان الذي حل به العذاب، أو استعجالاً في الخروج منه، أو خوفاً واحتراساً.
● أَسْرَعَ السَّيْرَ: أسرع في المشي.
● حَتَّى أَجَازَ الْوَادِي: حتى تجاوز الوادي وخرج منه.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن موقف حدث أثناء سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك. فلما مر صلى الله عليه وسلم بالمنطقة المعروفة بـ "الحجر" – وهي ديار قوم ثمود الذين أهلكهم الله بسبب كفرهم وعصيانهم لنبيهم صالح عليه السلام – نصح أصحابه وتحذّرهم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ» أي لا تدخلوا بيوتهم وديارهم التي حل بها العذاب.
علّة هذا النهي: «أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ» أي خشية أن يصيبكم عذاب مثل عذابهم إذا دخلتموها بغير حالة الخشوع والتعظيم لله.
ثم استثنى صلى الله عليه وسلم حالة واحدة يجوز فيها الدخول، فقال: «إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ» أي إلا إذا كنتم تدخلونها وأنتم في حالة من الخشية والبكاء من خشية الله، متذكرين عظمته وعقابه للأمم المكذبة، متعظين بمصيرهم، خائفين من أن يصيبكم ما أصابهم.
ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بالقول، بل فعل ما يؤكد الخوف من الله وتعظيم أمره، ف«قَنَّعَ رَأْسَهُ» أي غطى رأسه بثوبه، و«أَسْرَعَ السَّيْرَ» أي أسرع في المشي «حَتَّى أَجَازَ الْوَادِي» أي حتى خرج تماماً من تلك البقعة التي حل فيها العذاب.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- وجوب التعظيم لأماكن العذاب: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم وجوب احترام وتعظيم الأماكن التي نزل فيها غضب الله وعذابه، وعدم التهاون في دخولها أو التماسها للسياحة أو الفضول إلا مع حالة قلبية خاصة.
2- التعظيم يكون بالقلب والجوارح: لم يكن نهي النبي مجرد كلمة، بل قرنه بفعل يدل على الخشية والتعظيم، وهو تغطية الرأس والإسراع في الخروج، مما يدل على أن تعظيم الله وآياته يكون بالقلب (البكاء والخوف) وبالجوارح (الإسراع وتغطية الرأس).
3- الاعتبار بمصير الأمم السابقة: في هذا الحديث توجيه للأمة للاعتبار والاتعاظ بمصير الأمم السابقة التي كذبت رسلها، وأن ذكرى هلاكهم يجب أن تبعث في القلب الخشية والوجل من الله تعالى.
4- التحذير من الظلم: وصف الله تعالى قوم ثمود بأنهم "ظلموا أنفسهم" والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وأعظمه الشرك بالله، ففيه تحذير من كل ظلم، صغيره وكبيره.
5- جواز الدخول للاعتبار مع الخشية: الحديث ليس تحريماً مطلقاً للدخول، بل يبين أن الدخول له حكمه الخاص، وهو الجواز مع وجود حالة البكاء من خشية الله والاعتبار، وليس للتنزه أو التباهي.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- قوم ثمود هم الذين جاءهم نبي الله صالح عليه السلام، وآتاهم الله الآية العظيمة وهي الناقة، فأمروا أن يتركوا تشرب من بئرهم يوماً وتشرب هم يوماً، فعقروها فاستحقوا العذاب.
- هذا الحديث أصل في نهي المسلمين عن سكنى أماكن الظالمين والمعتدين، أو التماسها للتنزه، لما في ذلك من الإعراض عن الاعتبار والاتعاظ.
- فعل النبي صلى الله عليه وسلم (الإسراع وتغطية الرأس) يدل على مشروعية إظهار الخشوع والخوف من الله عند المرور بمواضع العذاب، تأدباً مع الله وتعظيماً له.
أسأل الله أن يجعلنا من المتعظين بآياته، الخائفين من عذابه، وأن يحفظنا من ظلم أنفسنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قوله: «بالحجر»: هو مساكن ثمود.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 847 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 822 تحبين أن تُغنيك فأعطاها طبقا فغنتها
- 823 ابن عمر يضع إصبعيه على أذنيه عند سماع المزمار.
- 824 الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب او جرس
- 825 الجرس من مزامير الشيطان
- 826 أمر النبي ﷺ بقطع الأجراس من أعناق الإبل يوم بدر
- 827 من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه
- 828 لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو
- 829 جبريل قاعد على كرسي بين السماء والأرض
- 830 النبي ﷺ ينظر إلى السماء ويقرأ إن في خلق السماوات...
- 831 نهينا أن نتبعه أبصارنا
- 832 بشارة عثمان بالجنة على بلوى تصيبه
- 833 ليس منكم من أحد إلا وقد فرغ من مقعده من...
- 834 من أخَّر غصن شوك عن الطريق غفر الله له.
- 835 من قطع شجرة تؤذي الناس أدخل الجنة
- 836 اعزل الأذى عن طريق المسلمين
- 837 أمر الأذى عن الطريق
- 838 الأذى يماط عن الطريق من محاسن الأعمال
- 839 في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا فعليه أن يتصدق عن كل...
- 840 إعطاء الطريق حقه: غض البصر وكف الأذى ورد السلام
- 841 اجتنبوا مجالس الصعدات وأدوا حقها
- 842 نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات
- 843 قَدِّه بِيَدِهِ
- 844 كان النبي ﷺ إذا مشى كأنه يتوكأ
- 845 كان أبيض مليحا إذا مشى كأنما يهوي في صبوب
- 846 صلى النبي العصر فأسرع ثم دخل البيت
- 847 لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
- 848 لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين
- 849 أمر النبي ﷺ بإراقة الماء من آبار ثمود وإطعام العجين...
- 850 إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض
- 851 إذا أخصبت الأرض فأعطوا الظهر حظه من الكلأ
- 852 عليكم بالنسلان
- 853 السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه
- 854 ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده
- 855 لا يبيتنَّ أحدكم وحده، ولا يسافرنَّ وحده.
- 856 نهى رسول الله ﷺ عن الخلوة
- 857 الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب
- 858 إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم
- 859 يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم
- 860 كان رسول الله ﷺ يخرج في سفر إلا يوم الخميس
- 861 خروج النبي في غزوة تبوك يوم الخميس
- 862 نهي السفر بالقرآن إلى أرض العدو
- 863 رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير
- 864 النبي ﷺ آخذٌ بيد عمر بن الخطاب
- 865 من رحم الشاة رحمه الله
- 866 إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا غذاء رباعهم
- 867 بغي سقت كلباً كاد يموت عطشاً فغفر لها.
- 868 في كل كبد رطبة أجر
- 869 الأجر في سقي كل كائن حي
- 870 في كل ذات كبد حرى أجر
- 871 في كل ذات كبد حرّى أجر
معلومات عن حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
📜 حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








