حديث: نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في حقوق الطريق

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن أن تجلسوا بأفنية الصعدات، قالوا: يا رسول الله! إنا لا نستطيع ذلك ولا نطيقه، قال: «إما لا، فأدوا حقها» قالوا: وما حقها يا رسول الله؟، قال: «رد التحية، وتشميت العاطس إذا حمد الله، وغض البصر، وإرشاد السبيل».

حسن: رواه أبو داود (٤٨١٦)، وصحّحه ابن حبان (٥٩٦)، والحاكم (٤/ ٢٦٤، ٢٦٥) كلهم من طريق بشر بن المفضل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: فذكره.

عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله ﷺ عن أن تجلسوا بأفنية الصعدات، قالوا: يا رسول الله! إنا لا نستطيع ذلك ولا نطيقه، قال: «إما لا، فأدوا حقها» قالوا: وما حقها يا رسول الله؟، قال: «رد التحية، وتشميت العاطس إذا حمد الله، وغض البصر، وإرشاد السبيل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه توجيه نبوي كريم لأدب اجتماعي عظيم. وإليك الشرح المفصل له:

أولاً. شرح المفردات:


* أفنية الصعدات: "الفِناء" هو الساحة أو المكان الواسع أمام الدار أو بين الدور. و"الصَّعَدَات" جمع "صَعْدَة"، وهي الطريق أو الشارع الواسع. فالمعنى: النهي عن الجلوس في الساحات والأماكن العامة الواقعة أمام البيوت وعلى جوانب الطرق.
* لا نستطيع ذلك ولا نطيقه: أي لا نستطيع ترك الجلوس في هذه الأماكن؛ إما للراحة، أو للقاء الناس، أو للتجارة، أو لضيق البيوت.
* إما لا: أسلوب عربي يفيد معنى "إذا كنتم لا بد فاعلين" أو "حيث أنكم لا تستطيعون تركه".
* فأدوا حقها: أي اؤتوا الحق الواجب لهذا المكان الذي تجلسون فيه.
* تشميت العاطس: "التشميت" من الشمات، وهو الدعاء للعاطس بالرحمة والبركة. ويُقال للعاطس إذا حمد الله: "يرحمك الله".
* إرشاد السبيل: أي دلالة الضال أو التائه على الطريق الصحيح، وإعانته إن احتاج إلى مساعدة.


ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن الجلوس في الأفنية والساحات العامة على الطرقات. وهذا النهي ليس للتحريم المطلق، بل للكراهة التنزيهية، وهو من باب سد الذرائع؛ لأن هذه الجلسات قد تؤدي إلى مفاسد عدة، منها:
* إيذاء المارة بالنظر إليهم أو التحدث عنهم.
* سماع ما لا يحل سماعه من أحاديث البيوت.
* إعاقة طريق الناس.
* تضييع الوقت فيما لا فائدة فيه.
فلما سمع الصحابة هذا النهي، اعتذروا بأنهم مضطرون للجلوس في هذه الأماكن لأسباب اجتماعية ومعيشية، فلم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمنع التام، بل عدل إلى تعليمهم البديل الأخلاقي والعلاج العملي لما قد يحدث من مضار. فقال لهم: إذا كنتم لا بد فاعلين، فليكن جلوسكم مقرونًا بأداء الحقوق الواجبة تجاه هذا المكان وتجاه الناس الذين يمرون بكم.
ثم بين صلى الله عليه وسلم هذه الحقوق في أربع خصال هي من كمال المروءة وحسن الخلق:
1- رد التحية: وهو واجب شرعي، فمن سلم عليك وجب عليك رد السلام بأحسن منه أو بمثله. وهو يمثل صلة الأرحام والمجتمع ويبث روح المحبة والألفة.
2- تشميت العاطس إذا حمد الله: وهذا من الحقوق الاجتماعية التي تدل على المشاركة الوجدانية والاهتمام بالآخرين. فالعاطس يحمد الله على العطاس، والمستمع يدعو له بالرحمة، فيدعو لهما الآخر بالخير.
3- غض البصر: وهو من أعظم أسباب حفظ المجتمع من الفتنة والفساد. فالجالس في الطريق يرى من يمر به من الرجال والنساء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغض بصره عما حرم الله، حفظًا لعينه وقلبه، وحماية للمجتمع من نظرات السوء.
4- إرشاد السبيل: وهو من أعمال البر والتعاون على الخير. فالجالس في الطريق يكون كالمرجع لمن يحتاج إلى توجيه أو مساعدة، فيدل الضال على طريقه، ويعين المحتاج، فيتحول جلوسه من مجرد تضييع للوقت إلى عمل خيري واجتماعي نافع.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- المرونة في التوجيه النبوي: حيث راعى النبي صلى الله عليه وسلم ظروف الصحابة وحاجاتهم، فلم يشق عليهم بالمنع التام، بل وجههم إلى العلاج العملي للمشكلة. وهذا من حكمته صلى الله عليه وسلم ورفقه بأمته.
2- تحويل العادات إلى عبادات: يمكن تحويل أي عمل دنيوي عادي إلى طاعة وقربة إلى الله بتحري الآداب الشرعية فيه. فجلوسك في الطريق يمكن أن يكون وسيلة لكسب الأجر بإرشادك للضال أو ردك للسلام.
3- بناء المجتمع المتعاون: الحديث يبني مجتمعًا قائمًا على التكافل والأخلاق، حيث يهتم كل فرد بالآخر، فيسلم عليه، يدعو له، يصون عرضه، ويعينه في حاجته.
4- الأخلاق قبل المظهر: يعلمنا الحديث أن الإسلام لا يهتم فقط بالمظهر الخارجي (ترك الجلوس) بل يهتم بالجوهر والباطن (آداب الجلوس). فالأهم هو تغيير ما في النفوس من نوايا وأخلاق.
5- غض البصر وصيانة المجتمع: تأكيد على عظمة هذا الخلق وأهميته في حفظ أمن المجتمع وعفته من الفواحش ما ظهر منها وما بطن.


رابعًا. معلومات إضافية:


* هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة أسس التعامل الاجتماعي الراقي.
* هذه الآداب ليست خاصة بمن يجلس في الطريق فقط، بل هي قيم يجب أن يتحلى بها المسلم في كل مكان وزمان.
* يرى العلماء أن النهي هنا للكراهة وليس للتحريم، خاصة مع اعتذار الصحابة وعدم إلزامهم النبي صلى الله عليه وسلم بالترك.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا حسن الخلق والتعامل مع الناس.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصح
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٨١٦)، وصحّحه ابن حبان (٥٩٦)، والحاكم (٤/ ٢٦٤، ٢٦٥) كلهم من طريق بشر بن المفضل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث المدني فإنه حسن الحديث.
قوله: «الصعدات» هي الطرق، صعيد وصعُد وصعدات مثل طريق وطرق وطرقات.
وفي معناه ما روي عن البراء أن رسول الله ﷺ مرَّ بناس من الأنصار، وهم جلوس في الطريق فقال: «إن كنتم لا بد فاعلين فردوا السلام وأعينوا المظلوم، وأهدوا السبيل».
رواه الترمذي (٢٧٢٦)، وأحمد (١٨٤٨٣)، والطيالسي (٧١١) كلهم من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، فذكره.
قال شعبة: ولم يسمعه منه، يعني أن أبا إسحاق لم يسمعْه من البراء.
وقول الترمذي: «حسن غريب» يُحمل على أنه حسّنه لشواهده.
وأما ما رواه أحمد (١٨٤٨٤)، وابن حبان (٨٩٧) كلاهما من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء مثله. وإسرائيل لم ينص على أن أبا إسحاق سمعه من البراء، فعنعنته تحمل على التدليس كما قال شعبة.
وأما ما روي عن أبي شريح بن عمرو الخزاعي قال قال رسول الله ﷺ: «إياكم والجلوس على الصعدات فمن جلس منكم على الصعيد فليعطه حقه» قال: قلنا: يا رسول الله وما حقه؟ قال: «غضوض البصر، ورد التحية، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر». فهو ضعيف.
رواه أحمد (٢٧١٦٣)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ١٨٧) كلاهما من طريق عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي شريح بن عمرو الخزاعي، فذكره.
وعبد الله بن سعيد هو ابن سعيد المقبري أبو عباد الليثي مولاهم ضعيف عند جمهور أهل العلم.
وقال الحاكم: «ذاهب الحكم» وبه أعله الهيثمي في المجمع (٨/ ٦١).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 842 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات

  • 📜 حديث: نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى رسول الله عن الجلوس بأفنية الصعدات

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب