حديث: لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن الخذف

عن عبد الله بن مغفل قال: نهى النبي ﷺ عن الخذف، وقال: «إنه لا يقتل الصيد، ولا ينكأ العدو، وإنه يفقأ العين، ويكسر السن».

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٦٢٢٠)، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٥٤: ٥٥)
كلاهما من طريق شعبة، عن قتادة قال: سمعت عقبة بن صهبان الأزدي، يحدث عن عبد الله بن مغفل المزني، فذكره.

عن عبد الله بن مغفل قال: نهى النبي ﷺ عن الخذف، وقال: «إنه لا يقتل الصيد، ولا ينكأ العدو، وإنه يفقأ العين، ويكسر السن».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن الصحابي الجليل عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه، وفيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن فعل معين وبيان حكمته.

أولاً. شرح المفردات:


● الخَذْف: هو قذف الحصاة الصغيرة أو ما يشبهها بإصبعي السبابة والإبهام (أو الإبهام والوسطى في بعض الروايات) دون استخدام آلة كالمقلاع. وهو شكل من أشكال الرمي، لكنه غير دقيق.
● لا يقتل الصيد: أي ليس وسيلة ناجحة أو مضمونة لاصطياد الحيوان المباح وإراقة دمه بالطريقة الشرعية (الذكاة).
● لا ينكأ العدو: (ينكأ) من النكء، وهو الجرح أو الإيذاء. أي أن هذه الطريقة في الرمي لا تؤثر في العدو تأثيراً يُذكر في القتال.
● يفقأ العين: (الفقء) هو شق الشيء وإخراجه، والمقصود أنه قد يصيب العين فيعميها.
● يكسر السن: أي قد يصيب الأسنان فيكسرها.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن فعل يسمى "الخَذْف".
والنهي في الأصل يدل على التحريم، إلا إذا جاء ما يصرفه إلى الكراهة. والجمهور على أن النهي هنا للتحريم، لأنه يؤدي إلى إضرار غير مضمون النتائج.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمة هذا النهي بأمور أربعة:
1- «إنه لا يقتل الصيد»: إذا كان القصد من الرمي الصيد، فإن هذه الطريقة غير مجدية، فالحصاة صغيرة وضعيفة، وغالباً لا تقتل الصيد قتلاً شرعياً يجعله حلالاً، بل قد تجرحه وتعذبه دون فائدة.
2- «ولا ينكأ العدو»: إذا كان القصد هو القتال والجهاد في سبيل الله، فهذه الطريقة غير مجدية أيضاً، فهي لا تصيب العدو إصابة قاتلة أو مؤثرة، فلا تحقق الهدف من القتال.
3- «وإنه يفقأ العين»: هنا يبين النبي صلى الله عليه وسلم الجانب السلبي الخطير لهذا الفعل. فبالرغم من عدم نفعه في الصيد أو القتال، إلا أنه ضار جداً. فقد تصيب الحصاة عين إنسان أو حيوان بريء فتفقؤها وتعميه. وهذا ضرر عظيم.
4- «ويكسر السن»: وكذلك قد تصيب الحصاة فم إنسان فتكسر سنه، مما يسبب ألماً ومشقة وضرراً بالغاً.
فالحديث يصور لنا أن "الخَذْف" هو فعل عبثي، لا خير فيه ولا نفع مرجو منه، بل فيه ضرر محقق على الآخرين. فهو إضاعة للجهد وإيذاء للخلق بلا فائدة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم إضرار المسلم وإيذائه: النهي عن "الخَذْف" يأتي في سياق سد الذرائع المفضية إلى الضرر. فالشريعة الإسلامية تحرص كل الحرص على سلامة الإنسان وجسده، وتحرم كل ما يؤدي إلى إيذائه أو إتلاف عضو من أعضائه بغير حق.
2- النهي عن العبث وإضاعة الجهد: الإسلام يدعو إلى الفعالية وعدم إضاعة الوقت والجهد في ما لا طائل منه. فالفعل الذي لا يحقق نفعاً ولا يدفع ضراً هو من العبث المذموم.
3- الحكمة من التشريع: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الفعل فقط، بل بين حكمته وعلته، مما يجعل المسلم يقتنع بالحكم وينفذه عن رغبة واقتناع، لا مجرد امتثال أعمى.
4- التربية على المسؤولية: الحديث يربي المسلم على تحمل مسؤولية أفعاله، وأن يكون لديه وعي بما قد تسببه تصرفاته من أذى للآخرين، حتى لو لم يقصد ذلك.
5- التوسط والاعتدال: النهي عن "الخَذْف" لا يعني النهي عن الرمي مطلقاً، بل النهي عن طريقة غير مجدية وضارة. أما الرمي بالوسائل المفيدة كالقوس والسهم والبندقية اليوم، فهو مندوب إليه ومشروع في الصيد والجهاد، بل هو من أهم الرياضات النافعة.

رابعاً. معلومات إضافية:


- يدخل في معنى "الخَذْف" في عصرنا كل فعل مشابه يكون عبثياً ويحتمل إحداث ضرر، مثل: رشق الآخرين بقطع صغيرة من الورق أو المطاط باستخدام "الخَذْف" أو استخدام المسدسات玩具 التي تطلق كرات بلاستيكية بشكل عشوائي قد تؤذي العين.
- الفقهاء استدلوا بهذا الحديث على تحريم كل ما يؤدي إلى إيذاء المسلم بغير حق، سواء كان بالخذف أو بغيره.
- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في جمل قصيرة معاني عظيمة.
نسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين، والالتزام بشرعه، وحفظ جوارحنا عن إيذاء المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦٢٢٠)، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٥٤: ٥٥)
كلاهما من طريق شعبة، عن قتادة قال: سمعت عقبة بن صهبان الأزدي، يحدث عن عبد الله بن مغفل المزني، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 828 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو

  • 📜 حديث: لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب