حديث: لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن العُجب

عن أنس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكثر منه العُجْبُ».

حسن: رواه البزار (٦٩٣٦) عن محمد بن عبد الملك القرشي، حدّثنا سلام أبو المنذر، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

عن أنس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكثر منه العُجْبُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، له معانٍ جليلة ودروس بليغة، وإليك شرحه الوافي على منهج أهل السنة والجماعة:

الحديث بلفظه كاملاً:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» وفي رواية: «لَوْ لَمْ تَكُونُوا تُذْنِبُونَ لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ: العُجْبُ».
مصدر الحديث: أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب التوبة، باب سقوط الذنوب بالاستغفار توبة.


1. شرح المفردات:


● تذنبون: ترتكبون المعاصي والذنوب (الصغائر منها خاصة).
● لخشيت: لأشفقت وخفت.
● العُجْب: هو أن يرى العبد نفسه بخير وحالٍ حسنة، فيتعاظم في نفسه ويرى أنه أفضل من غيره، وينسى فضل الله عليه ومنته.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحقيقة نفس الإنسان وطبيعتها، ويبين لنا حكمة الله تعالى في خلقه.
● الجزء الأول: "لَوْ لَمْ تَكُونُوا تُذْنِبُونَ..."
هذا أسلوب شرط، يفيد أن عدم الوقوع في الذنب أصلاً أمر غير واقعي بالنسبة للبشر، لأن الإنسان مجبول على الضعف والنسيان، وكما قال الله تعالى: {وخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]. فطبيعة الإنسان أنه لا يخلو من زلل أو تقصير.
● الجزء الثاني: "...لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ: العُجْبُ"
هنا جوهر التحذير والنصح. يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك شراً أعظم من الذنب نفسها، وهو داء العُجب. فلو أن الإنسان لم يذنب قط، لربما أدى به ذلك إلى ظن الكمال في نفسه، فيدخل في قلبه العُجب والكبر، فيرى نفسه مستغنياً عن رحمة الله، معتمداً على "كماله" المزعوم، وهذا هو الهلاك بعينه. فالعُجب يطمس القلب، ويقطع صاحبه عن الله، لأنه ينسيه فضل الله ويجعله يعتمد على نفسه.
● الحكمة من وقوع الذنب (الصغائر):
الوقوع في الذنب – مع عدم الاستمرار عليه – يذكّر العبد بضعفه، ويُكسره بين يدي ربه، ويدفعه إلى الخضوع والانكسار والاستغفار. هذا الانكسار هو سبب رئيسي في نيل رحمة الله، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. الذنب الذي يعقبه ندم واستغفار خير من سلامة لا تعقبها إلا عُجب.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- التوازن في فهم الذنب: الحديث لا يحض على ارتكاب الذنوب، بل يبين حكمة الله وطبيعة البشر. فالمطلوب هو اجتناب الكبائر، وأما الصغائر فيكفرها الاستغفار والتوبة واجتنابها.
2- خطر داء العُجب: التحذير من أخطر أمراض القلوب، وهو العُجب والكبر، الذي قد يكون أشد إهلاكاً من بعض الذنوب لأنه يمنع من التوبة.
3- الاستغفار دائمًا: الحديث يحثنا على ملازمة الاستغفار، فالعبد بين نعمة من الله يحتاج أن يشكر عليها، وذنب منه يحتاج أن يستغفر منه، كما في الأثر.
4- رحمة الله وسعة مغفرته: الحديث يزرع في قلب المسلم الأمل في رحمة الله ومغفرته، فلا يقنط من رحمة الله مهما كثرت ذنوبه إذا تاب وأناب.
5- التذلل والانكسار لله: أعظم الأحوال التي يكون فيها العبد مقبلاً على الله هي حال ذله وفقره وحاجته إليه، والذنب – مع التوبة – يوصل إلى هذه الحال.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر جمال وسعة رحمة الله تعالى بعباده.
- يجب التفريق بين أن يذنب العبد ثم يتوب، وبين أن يتساهل بالذنب ويعتمد على المغفرة دون عمل (الأمن من مكر الله)، وهو أمرٌ محذرٌ منه.
- يجمع العلماء بين هذا الحديث والأمر باجتناب الذنوب، بأن المقصود هو بيان أن من رحمة الله أن جعل لعباده مخرجاً من ذنوبهم بالاستغفار، وحذرهم من شرٍ أعظم وهو العُجب الذي لا مخرج له إلا بالعلم بربوبية الله وتوحيده.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المستغفرين التوابين، المعترفين بذنوبهم، المتواضعين لربهم، الخائفين من عذابه، الراجين لرحمته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار (٦٩٣٦) عن محمد بن عبد الملك القرشي، حدّثنا سلام أبو المنذر، عن ثابت، عن أنس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وسلام بن سليمان أبو المنذر فإنهما حسنا الحديث.
وجوّدَ إسناده المنذري في الترغيب (٤٤٣٢)، وتبعه الهيثمي.
وفي إسناد البزار سلّام أبو المنذر هو سلام بن سليمان المزني قال البزار: «وهو رجل مشهور روى عنه عفان والمتقدمون».
ورواه البيهقي في الشعب (٦٨٦٨) من طريق عبد اللَّه بن عبد الوهاب، حدّثنا سلام بن أبي الصهباء، عن ثابت، عن أنس به مثله.
وسلام بن أبي الصهباء هو الفزاري العدوي ضعيف.
وفرّق الجمهور بين سلام بن سليمان وسلام بن أبي الصهباء وهو الصواب؛ فإن كل واحد منهما من أصحاب ثابت ورويا عنه، وقد ذكرهما الدارقطني في أصحاب ثابت البناني في العلل (٢٣٨٥) إلا أن ابن عدي جعلهما واحدا.
معنى الحديث: أن الإنسان فُطِرَ على الخطأ والنسيان، ولولا كان ذلك لوقع في عجب وهو من أشد الذنوب. وليس فيه ترغيب في ارتكاب المعاصي والذنوب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1039 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب

  • 📜 حديث: لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب