الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل

حديث: الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل

عن أبي سعيد الخدري قال: خرج علينا رسول اللَّه ﷺ ونحن نتذاكر المسيح الدجال، فقال: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قال: قلنا بلى. فقال: «الشرك الخفي: أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل»

حسن: رواه ابن ماجه (٤٢٠٤) عن عبد اللَّه بن سعيد، حدّثنا أبو خالد الأحمر، عن كثير بن زيد، عن رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى خطر عظيم قد يقع فيه المسلم وهو لا يشعر. وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وغيرهم، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع.
### ثانياً. شرح المفردات
● نتذاكر: نتحدث ونتحاور ونتذكر صفاته وأشراطه.
● المسيح الدجال: هو أعظم فتنة على وجه الأرض حتى قيام الساعة، وسمي مسيحاً لأن إحدى عينيه ممسوحة (غير بارزة)، أو لأنه يمسح الأرض في سرعة تجواله.
● الشرك الخفي: هو الرياء، وسُمي خفياً لأنه يدخل على القلب من حيث لا يشعر به صاحبه أحياناً.
● فيزين صلاته: يحسنها ويزيد في خشوعها وطمأنينتها.
● لما يرى من نظر رجل: بسبب رؤيته أن رجلاً ما ينظر إليه ويشاهده.
### ثالثاً. شرح الحديث
يحدثنا الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنهم كانوا مجتمعين يتحاورون ويتذاكرون أمر المسيح الدجال وصفاته وخطره العظيم، فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.
فاستوقفه هذا المشهد، وأراد أن ينبههم إلى خطر آخر، قد يكون أخفى ولكن ضرره على الدين والإيمان ليس بأقل خطراً، فقال: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟».
فاستغرب الصحابة! فما هذا الشيء الذي يخافه النبي صلى الله عليه وسلم عليهم أكثر من الدجال؟ فأجابوا بلهفة: "بلى" (أي نعم أخبرنا).
فكشف لهم النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الخطر، وهو: الشرك الخفي، ثم ضرب له مثلاً يجلّيه ويوضحه، فقال: «أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ».
أي: أن يقوم الرجل ليصلي لله، ولكن حين يرى أن أحداً ينظر إليه، يحسن صلاته ويزيد في خشوعها وطمأنينتها ليس لله، ولكن ليراه ذلك الشخص فيمدحه ويثني على عبادته. فهذا هو عين الرياء، وهو الشرك الخفي.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- خطورة الرياء: سماه النبي صلى الله عليه وسلم "شركاً" لأنه يصرف شيئاً من حق الله الخالص في العبادة لغير الله. وهو "خفي" لأنه يدخل على القلوب بتسلسل وتدرج، وقد يعمل الإنسان العمل وهو يحسب أنه يحسن صنعاً.
2- النية أساس العمل: قيمة العمل عند الله تعالى تابعة لنيته وإخلاصه لله عز وجل. فالصلاة التي يُراءى فيها الإنسان لا ثمرة لها في الميزان، بل may تكون وبالاً على صاحبها.
3- حفظ القلب أولى من حفظ الجوارح: فالنبي صلى الله عليه وسلم يخاف على أمته من أمر قلبي خفي، هو أشد عنده من فتنة دجال يرى بالعيون، مما يدل على أن صلاح الباطن هو أساس صلاح الظاهر.
4- التحذير من فتنة المدح والثناء: فحب الظهور والسمعة والثناء من الناس مدخل كبير للرياء، فيجب على المسلم أن يحذر منه ويجاهد نفسه على الإخلاص.
5- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم التربوية: حيث ضرب المثال العملي الذي يقع فيه الناس كثيراً ليجسد لهم المعنى المجرد ويجعلهم يحذرونه.

خامساً:

العلاج والوقاية
● الدعاء: وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم».
● مجاهدة النفس: وتذكيرها دائماً بأن الناظر الحقيقي هو الله عز وجل.
● إخفاء الطاعة: فمن استطاع أن يعمل عملاً صالحاً لا يعلم به أحد إلا الله فهذا دليل على الإخلاص.
● معرفة ثمرات الإخلاص: بأنه سبب لقبول العمل ورفع الدرجات في الآخرة، بينما الرياء يحبط كل ذلك.
نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من الشرك كله، دقه وجله، ظاهره وخبيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٤٢٠٤) عن عبد اللَّه بن سعيد، حدّثنا أبو خالد الأحمر، عن كثير بن زيد، عن رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: فذكره. وإسناده حسن من أجل ربيح بن عبد الرحمن مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، قال أبو زرعة: شيخ، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، فيُحسّن حديثه إذا كان له أصل، وهذا منه. وقد حسّنه أيضًا البوصيري في الزوائد.
وفي معناه ما رُويَ عن أبي موسى الأشعري قال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك؟ فإنه أخفى من دبيب النمل، فقام إليه عبد اللَّه بن حزن وقيس بن المضارب فقالا: واللَّه لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر، مأذون لنا أو غير مأذون، قال: بل أخرج مما قلت خطبنا رسول اللَّه ﷺ ذات يوم فقال: «أيها الناس اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل» فقال له من شاء اللَّه أن يقول وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول اللَّه؟ قال: قولوا: «اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم»
رواه أحمد (١٩٦٠٦) واللفظ له، والطبراني في الأوسط (٣٥٠٣) كلاهما من طريق عبد اللَّه بن نمير، حدّثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان العرزمي عن أبي علي رجل من بني كاهل قال خطبنا أبو موسى الأشعري فقال: فذكره.
وأبو علي مجهول، وهو من رجال التعجيل (١٣٥١) لم يروه عنه سوى عبد الملك بن أبي سليمان. وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٢٤): «رجاله رجال الصحيح غير أبي علي، ووثّقه ابن حبان».
وفي معناه ما رويَ أيضًا عن أبي بكر الصديق، أخرجه أبو يعلى (٥٨، ٥٩، ٦٠، ٦١) بأسانيد منها: من طريق ليث بن أبي سليم، عن أبي محمد، عن حذيفة، عن أبي بكر -إما حضر ذلك
حذيفة من النبي ﷺ وإما أخبره أبو بكر- أن النبي ﷺ قال: «الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل».
وذكر فيه أشياء أخرى، هذا هو الإسناد الأول، وفيه ليث بن أبي سُليم وهو صدوق اختلط أخيرا، ولم يتميز حديثه فترك، وشيخه أبو محمد مجهول، وقد أشار إلى ذلك الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٢٤).
والإسناد الثاني من وجه آخر عن ليث بن أبي سليم، عن أبي محمد، عن معقل بن يسار قال: حدثني أبو بكر عن النبي ﷺ فذكر مثله. وفيه مع ليث بن أبي سليم وشيخه أبي محمد، شيخ أبي يعلى عمرو بن الحصين متروك، وبه أعله الهيثمي.
والإسناد الثالث (٦٠، ٦١) من وجه آخر عن ليث بن أبي سليم، عن أبي محمد، عن معقل بن يسار قال: شهدت النبي ﷺ مع أبي بكر -أو قال: حدثني أبو بكر- عن النبي ﷺ أنه قال: وهذا أحد ألفاظه: «الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل «ثم قال: «ألا أدلك على ما يذهب عنك صغير ذلك وكبيره؟ قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك مما لا أعلم«وفيه أيضًا ليث بن أبي سليم، وشيخه أبو محمد.
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٣٣٩): «هذا الحديث رواه ليث بن أبي سُليم عن أبي محمد شيخ له، عن حذيفة، عن أبي بكر، وتارة يقول: عن أبي محمد، عن معقل بن يسار، وتارة يقول: عن عثمان، عن رفيع، عن معقل بن يسار عن أبي بكر. قال أحمد: «ليث مضطرب الحديث»، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: «لا نشتغل به». وأطال في إعلاله.
وفي معناه ما روي أيضًا عن عائشة، وابن عباس وفي إسنادهما مقال، إلا أن كثرة الشواهد تدل على أن له أصلا، فيجب على المسلم أن يخاف من الشرك الأصغر والخفي وهو الرياء.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1049 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل

📜 حديث: الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية