حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب متى يجوز الغضب
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (٦١١٠)، ومسلم في الصلاة (٤٦٦) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، حدّثنا قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته دروساً عظيمة في فقه الإمامة ومراعاة أحوال المأمومين.
### أولاً. نص الحديث ورواته
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (باب: تخفيف الإمام في القيام)، والإمام مسلم في صحيحه، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه، وهو صحابي جليل شهد بدراً وأحداً والخندق، وكان من فقهاء الصحابة.
### ثانياً. شرح المفردات
● صلاة الغداة: أي صلاة الفجر.
● مما يطيل بنا: أي بسبب إطالة ذلك الإمام في الصلاة.
● أشد غضباً في موعظة: أي أن غضبه كان لأجل الموعظة والتعليم، لا غضباً شخصياً.
● منفرين: جمع منفر، أي الذين ينفرون الناس عن الخير والدين بسلوكهم أو تصرفاتهم.
● فليتجوز: من التَجْوِيز، أي فليخفف في الصلاة ولا يطل.
● المريض: الذي يعاني من مرض يجعله غير قادر على تحمل طول القيام.
● الكبير: الشيخ الكبير في السن.
● ذا الحاجة: الذي تكون له حاجة ملحة أو شغل مهم.
### ثالثاً. شرح الحديث
القصة والموقف:
يشكو رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يتأخر عن صلاة الفجر في الجماعة بسبب إمام المسجد الذي يطيل في الصلاة إطالة شديدة تثقل على المأمومين. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً – وهو الغضب الذي يكون لله تعالى – حتى إن الراوي يقول أنه لم يره أشد غضباً في موعظة منه ذلك اليوم.
الموعظة النبوية:
فانبرى صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس قائلاً: «يا أيها الناس! إن منكم منفرين»، أي أن بعضكم – بفعله وسلوكه – يكون سبباً في تنفير الناس عن الدين والخير، بدلاً من أن يكون سبباً في جذبهم. وهذا تحذير شديد لكل داعية وإمام وقائد.
ثم وجه صلى الله عليه وسلم التوجيه العملي بقوله: «فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز»، أي فليخفف في صلاته، فيقتصر على الواجب والمستحب من غير إطالة مملة.
ثم بين صلى الله عليه وسلم الحكمة من ذلك فقال: «فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة»، أي أن جماعة المصلين ليست على درجة واحدة من القوة والصبر، بل فيهم الضعيف والمريض والشيخ الكبير الذي لا يقوى على طول القيام، وفيهم أيضاً من له حاجات دنيوية ملحة يجب أن يسرع لقضائها بعد الصلاة.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته: حيث غضب لله تعالى لما رأى من فعل قد يؤدي إلى تنفير الناس عن الصلاة والجماعة، والتي هي من أعظم شعائر الإسلام.
2- فقه التيسير ورفع الحرج: من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير على الناس وعدم إلحاق المشقة بهم. قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]. والإطالة الشديدة في الصلاة خلاف هذا المقصد العظيم.
3- مراعاة أحوال المأمومين: على الإمام أن يكون قريباً من الناس، عالماً بأحوالهم، فيرحم الضعيف، ويشفق على المريض، ويتفهم حاجة المحتاج. فالإمامة أمانة ومسؤولية، وليست مجالاً للتفرد أو إظهار القدرة على التحمل.
4- التحذير من التنفير عن الدين: هذا الحديث يضع قاعدة ذهبية لكل داعية ومعلم وأب وأم: "لا تكونوا منفرين". فالدعوة بالحكمة واللين والرحمة، وليس بالشدة والغلو والتطويل الممل.
5- التوسط في العبادة: المستحب للإمام أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، فيطيل أحياناً ويخفف أحياناً حسب الحال، ولكن في الغالب كان صلى الله عليه وسلم يصلي صلاةً خفيفةً في غاية الكمال، لا إخلال فيها ولا إملال.
6- تقديم المصلحة العامة: مصلحة بقاء الناس على ارتباطهم بالمسجد والجماعة أعظم من مصلطة إطالة الإمام لصلاته حسب هواه.
خامساً:
معلومات إضافية مفيدة- هذا الحديث أصل عظيم من أصول فقه الإمامة، ويستدل به العلماء على وجوب تخفيف الإمام مراعاة لضعفاء المأمومين.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم القدوة في ذلك، فكان يقول: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه» (رواه البخاري).
- ينبغي للإمام أن يجمع بين الخشوع في الصلاة والتخفيف على الناس، وذلك بأن يحسن قراءته وأركانه دون إسراع مخل أو إطالة مملة.
نسأل الله أن يعين أئمتنا على حمل هذه الأمانة، وأن يجعلنا جميعاً ممن يقيم الصلاة ولا ينفر الناس عنها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1063 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 1038 رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره
- 1039 لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب
- 1040 من أشرك معي غيري تركته وشركه
- 1041 من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يرائي الله به
- 1042 من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به
- 1043 من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه
- 1044 من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به يوم القيامة
- 1045 من سمّع سمّع الله به ومن راءى راءى الله به
- 1046 الرياء هو الشرك الأصغر
- 1047 الرياء شرك السرائر
- 1048 من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك
- 1049 الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى...
- 1050 اتقوا الظلم فانه ظلمات يوم القيامة
- 1051 شح هالع وجبن خالع
- 1052 هذا أبخل الناس
- 1053 بعني عذقك بعذق في الجنة
- 1054 أن رجلا قال للنبي ﷺ: أوصني، قال: «لا تغضب»
- 1055 لا تغضب
- 1056 اجتنب الغضب
- 1057 ماذا يباعدني من غضب الله؟ قال: «لا تغضب»
- 1058 الذي يملك نفسه عند الغضب
- 1059 ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
- 1060 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم تذهب الغضب
- 1061 من غضب وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا...
- 1062 أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور
- 1063 من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
- 1064 لا تتَنَخَّمَنَّ حيال وجهك في الصلاة
- 1065 عن اللقطة: عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها
- 1066 فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته
- 1067 من يعذبون في الدنيا يعذبهم الله
- 1068 السام عليكم فقالت عائشة عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم
- 1069 من خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من...
- 1070 ما بال دعوى الجاهلية
- 1071 لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما
- 1072 أن تعين قومك على الظلم
- 1073 من فحم جهنم أو أهون على الله من الجعلان
- 1074 الجعل يدهده عن منخريه خير من آبائكم في الجاهلية
- 1075 من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح فيكشفه
- 1076 إلام يضحك أحدكم مما يفعل؟
- 1077 كثرة الضحك تميت القلب
- 1078 أعظم المسلمين جرما، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم...
- 1079 لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل...
- 1080 سلوني عن أبي
- 1081 قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال
- 1082 كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف
- 1083 معنى هلك المتنطعون
- 1084 لا تأخذ متاع أخيك لاعبا ولا جادا
- 1085 إياكم والقسامة
- 1086 إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمِن خان
- 1087 إذا ائتمن خان
معلومات عن حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
📜 حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








