حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب متى يجوز الغضب

عن أبي مسعود قال: أتى رجل النبي ﷺ فقال: إني لأتأخر عن صلاة الغداة، من أجل فلان مما يطيل بنا، قال: فما رأيت رسول اللَّه ﷺ قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ، قال: فقال: «يا أيها الناس! إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة»

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (٦١١٠)، ومسلم في الصلاة (٤٦٦) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، حدّثنا قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود، فذكره.

عن أبي مسعود قال: أتى رجل النبي ﷺ فقال: إني لأتأخر عن صلاة الغداة، من أجل فلان مما يطيل بنا، قال: فما رأيت رسول اللَّه ﷺ قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ، قال: فقال: «يا أيها الناس! إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة»

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته دروساً عظيمة في فقه الإمامة ومراعاة أحوال المأمومين.
### أولاً. نص الحديث ورواته
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (باب: تخفيف الإمام في القيام)، والإمام مسلم في صحيحه، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه، وهو صحابي جليل شهد بدراً وأحداً والخندق، وكان من فقهاء الصحابة.

### ثانياً. شرح المفردات
● صلاة الغداة: أي صلاة الفجر.
● مما يطيل بنا: أي بسبب إطالة ذلك الإمام في الصلاة.
● أشد غضباً في موعظة: أي أن غضبه كان لأجل الموعظة والتعليم، لا غضباً شخصياً.
● منفرين: جمع منفر، أي الذين ينفرون الناس عن الخير والدين بسلوكهم أو تصرفاتهم.
● فليتجوز: من التَجْوِيز، أي فليخفف في الصلاة ولا يطل.
● المريض: الذي يعاني من مرض يجعله غير قادر على تحمل طول القيام.
● الكبير: الشيخ الكبير في السن.
● ذا الحاجة: الذي تكون له حاجة ملحة أو شغل مهم.

### ثالثاً. شرح الحديث
القصة والموقف:
يشكو رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يتأخر عن صلاة الفجر في الجماعة بسبب إمام المسجد الذي يطيل في الصلاة إطالة شديدة تثقل على المأمومين. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً – وهو الغضب الذي يكون لله تعالى – حتى إن الراوي يقول أنه لم يره أشد غضباً في موعظة منه ذلك اليوم.
الموعظة النبوية:
فانبرى صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس قائلاً: «يا أيها الناس! إن منكم منفرين»، أي أن بعضكم – بفعله وسلوكه – يكون سبباً في تنفير الناس عن الدين والخير، بدلاً من أن يكون سبباً في جذبهم. وهذا تحذير شديد لكل داعية وإمام وقائد.
ثم وجه صلى الله عليه وسلم التوجيه العملي بقوله: «فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز»، أي فليخفف في صلاته، فيقتصر على الواجب والمستحب من غير إطالة مملة.
ثم بين صلى الله عليه وسلم الحكمة من ذلك فقال: «فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة»، أي أن جماعة المصلين ليست على درجة واحدة من القوة والصبر، بل فيهم الضعيف والمريض والشيخ الكبير الذي لا يقوى على طول القيام، وفيهم أيضاً من له حاجات دنيوية ملحة يجب أن يسرع لقضائها بعد الصلاة.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته: حيث غضب لله تعالى لما رأى من فعل قد يؤدي إلى تنفير الناس عن الصلاة والجماعة، والتي هي من أعظم شعائر الإسلام.
2- فقه التيسير ورفع الحرج: من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير على الناس وعدم إلحاق المشقة بهم. قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]. والإطالة الشديدة في الصلاة خلاف هذا المقصد العظيم.
3- مراعاة أحوال المأمومين: على الإمام أن يكون قريباً من الناس، عالماً بأحوالهم، فيرحم الضعيف، ويشفق على المريض، ويتفهم حاجة المحتاج. فالإمامة أمانة ومسؤولية، وليست مجالاً للتفرد أو إظهار القدرة على التحمل.
4- التحذير من التنفير عن الدين: هذا الحديث يضع قاعدة ذهبية لكل داعية ومعلم وأب وأم: "لا تكونوا منفرين". فالدعوة بالحكمة واللين والرحمة، وليس بالشدة والغلو والتطويل الممل.
5- التوسط في العبادة: المستحب للإمام أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، فيطيل أحياناً ويخفف أحياناً حسب الحال، ولكن في الغالب كان صلى الله عليه وسلم يصلي صلاةً خفيفةً في غاية الكمال، لا إخلال فيها ولا إملال.
6- تقديم المصلحة العامة: مصلحة بقاء الناس على ارتباطهم بالمسجد والجماعة أعظم من مصلطة إطالة الإمام لصلاته حسب هواه.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث أصل عظيم من أصول فقه الإمامة، ويستدل به العلماء على وجوب تخفيف الإمام مراعاة لضعفاء المأمومين.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم القدوة في ذلك، فكان يقول: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه» (رواه البخاري).
- ينبغي للإمام أن يجمع بين الخشوع في الصلاة والتخفيف على الناس، وذلك بأن يحسن قراءته وأركانه دون إسراع مخل أو إطالة مملة.
نسأل الله أن يعين أئمتنا على حمل هذه الأمانة، وأن يجعلنا جميعاً ممن يقيم الصلاة ولا ينفر الناس عنها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٦١١٠)، ومسلم في الصلاة (٤٦٦) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، حدّثنا قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1063 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة

  • 📜 حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب