حديث: من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الشرك الأصغر والخفي

عن شهر بن حوشب أنه سمع، يقول: لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء لقينا عبادة بن الصامت، فأخذ يميني بشماله وشمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي بيننا ونحن ننتجي واللَّه أعلم بما نتناجى وذاك قوله، فقال عبادة بن الصامت: لئن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما لتوشكان أن تريا الرجل من ثبج المسلمين -يعني من وسط- قرأ القرآن على لسان محمد ﷺ. فأعاده وأبدأه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، ونزل عند منازله، أو قرأه على لسان أخيه قراءة على لسان محمد ﷺ، فأعاده وأبداه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، ونزل عند منازله، لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت. قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع شداد بن أوس وعوف بن مالك، فجلسا إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت من رسول اللَّه ﷺ يقول: «من الشهوة الخفية والشرك» فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء: اللهم غفرا، أولم يكن رسول اللَّه ﷺ قد حدّثنا: «إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب»؟ فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها، هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتكم لو رأيتم رجلا يصلي لرجل، أو يصوم له، أو يتصدق له، أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نعم واللَّه، إنه من صلى لرجل، أو صام له، أو تصدق له، لقد أشرك. فقال شداد: فإني قد سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك» فقال عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد إلى ما ابتغي فيه وجهه من ذلك العمل كله، فيقبل ما خلص له، ويدع ما يشرك به؟ فقال شداد عند ذلك: فإني قد سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن اللَّه عز وجل يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئًا فإن حشده عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشركه به، وأنا عنه غني».

حسن: رواه أحمد (١٧١٤٠) واللفظ له، والطبراني في الكبير (٧/ ٣٣٧)، والحاكم (٤/
٣٢٩)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٢٨٦، ٢٦٩) كلهم من حديث عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الرحمن بن غنم يقول: فذكره.

عن شهر بن حوشب أنه سمع، يقول: لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء لقينا عبادة بن الصامت، فأخذ يميني بشماله وشمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي بيننا ونحن ننتجي واللَّه أعلم بما نتناجى وذاك قوله، فقال عبادة بن الصامت: لئن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما لتوشكان أن تريا الرجل من ثبج المسلمين -يعني من وسط- قرأ القرآن على لسان محمد ﷺ. فأعاده وأبدأه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، ونزل عند منازله، أو قرأه على لسان أخيه قراءة على لسان محمد ﷺ، فأعاده وأبداه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، ونزل عند منازله، لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت. قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع شداد بن أوس وعوف بن مالك، فجلسا إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت من رسول اللَّه ﷺ يقول: «من الشهوة الخفية والشرك» فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء: اللهم غفرا، أولم يكن رسول اللَّه ﷺ قد حدّثنا: «إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب»؟ فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها، هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتكم لو رأيتم رجلا يصلي لرجل، أو يصوم له، أو يتصدق له، أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نعم واللَّه، إنه من صلى لرجل، أو صام له، أو تصدق له، لقد أشرك. فقال شداد: فإني قد سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك» فقال عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد إلى ما ابتغي فيه وجهه من ذلك العمل كله، فيقبل ما خلص له، ويدع ما يشرك به؟ فقال شداد عند ذلك: فإني قد سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن اللَّه ﷿ يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئًا فإن حشده عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشركه به، وأنا عنه غني».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يجمع بين عدد من الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - ويحتوي على تحذيرات نبوية شديدة من أمرين خطيرين: الرياء والشرك الخفي. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بحسب الطلب:

أولاً. شرح المفردات:


● ثبج المسلمين: وسطهم وخيارهم.
● لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت: أي لا يعود إليكم بخير ولا نفع، كما أن رأس الحمار الميت لا يعود إلى الحياة.
● الشهوة الخفية: الرغبات الدنيوية التي تُخفى في النفوس.
● يرائي: يفعل العمل ليراه الناس فيمدحوه، لا خالصًا لله.
● أنا خير قسيم لمن أشرك بي: أي أنا أحكم وأعدل من يقسم العمل بيني وبين شريكي المزعوم.


ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بلقاء مجموعة من الصحابة - رضي الله عنهم - في مسجد الجابية، وهم: عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وشهر بن حوشب (الراوي). ثم انضم إليهم لاحقًا شداد بن أوس وعوف بن مالك.

# 1. تحذير عبادة بن الصامت من الانحراف في فهم القرآن:


يحذر عبادة بن الصامت من ظهور أناس من "وسط المسلمين" يقرؤون القرآن بلسان محمد ﷺ، ويحلّون حلاله ويحرّمون حرامه، لكنهم لا ينتفعون به ولا يعملون به حق العمل، بل يكونون مثل رأس الحمار الميت الذي لا حياة فيه ولا نفع. وهذا تحذير من العلم بلا عمل، أو من الانحراف عن روح الشريعة وجوهرها مع المحافظة على شكلها الظاهري.

# 2. تحذير شداد بن أوس من الرياء (الشرك الخفي):


ينقل شداد بن أوس تحذير النبي ﷺ من "الشهوة الخفية والشرك"، فيستغرب الصحابة لأن النبي ﷺ قد أخبر أن الشيطان قد يئس أن يُعبد في جزيرة العرب، فكيف بالشرك؟ فيوضح شداد أن الرياء هو شرك خفي، لأنه يصرف شيئًا من حق الله - وهو العبادة - لغير الله (أي للناس). ويضرب مثالاً: من صلى ليراه الناس، أو صام ليمدحوه، أو تصدق ليشكروه، فقد أشرك.

# 3. رد عوف بن مالك وبيان حكم العمل المخلوط:


يسأل عوف بن مالك سؤالاً مهماً: إذا عمل الإنسان عملاً فيه خلوص لله وفيه رياء، فماذا يفعل؟ فيجيب شداد بن أوس بنص الحديث القدسي الذي يبين أن الله تعالى يقبل فقط ما كان خالصًا له، وأما ما أشرك فيه معه غيره فإنه يرد على صاحبه ولا يقبله الله، لأن الله غني عن الشرك.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- خطورة الرياء: فهو شرك خفي، لأنه يناقض أساس العبادة وهو الإخلاص لله.
2- ضرورة الإخلاص: العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصًا لله، موافقًا للسنة.
3- التحذير من الانحراف عن مقاصد الشريعة: حتى لو تظاهر الإنسان بالالتزام الظاهري بالدين.
4- العلم بلا عمل لا ينفع: كما في تشبيه المنافقين برأس الحمار الميت.
5- حكمة الله في تقسيم العمل: فمن أشرك مع الله أحدًا في عبادته، حرم ثوابها وكانت حظًا لذلك الشريك الوهمي.


رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند"، وابن حبان في "صحيحه"، وغيرهما، وهو حسن.
- الرياء من أخطر أمراض القلوب، لأنه يفسد العمل ويبطل أجره.
- ينبغي للمسلم أن يستعيذ بالله من الشرك ولو كان خفيًا، كما في الدعاء: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم".
أسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، وأن يتقبل منا صالح الأعمال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧١٤٠) واللفظ له، والطبراني في الكبير (٧/ ٣٣٧)، والحاكم (٤/
٣٢٩)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٢٨٦، ٢٦٩) كلهم من حديث عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الرحمن بن غنم يقول: فذكره.
إلا أن البعض لم يذكر فيه سماعه من عبد الرحمن بن غنم.
وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب غير أنه حسن الحديث، فقد وثقه ابن معين وأحمد ويعقوب بن سفيان والبخاري وغيرهم، وتكلم فيه شعبة وأبو حاتم والنسائي وابن حبان وغيرهم، وسبب كلامهم أنه كان يخطيء كثيرا فإذا ثبت خطؤه ضعِّف وإلا فهو حسن الحديث.
وأما عبد الحميد بن بهرأم فهو ممن ضبط حديث شهر بن حوشب إلا أنه لم يرتق إلى درجة الثقة فإنه حسن الحديث أيضًا. وقد حسّنه أيضًا الهيثمي في المجمع (١٠/ ٥٣).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1048 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك

  • 📜 حديث: من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب