حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب فضل من يملك نفسه عند الغضب
متفق عليه: رواه مالك في حسن الخلق (١٢) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يضع فيه ميزاناً حقيقياً للقوة، وينقلنا من المفهوم المادي القائم على العضلات والهيئة إلى مفهوم أعمق وأسمى، وهو قوة النفس والتحكم في الذات.
الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ».
[متفق عليه: أخرجه البخاري (6114) ومسلم (2609)]
1. شرح المفردات:
* الشديد: هو القوي.
* بالصرعة: (بضم الصاد وفتح الراء) الصرعة هو الذي يصرع الناس كثيراً، أي يغلبهم في المصارعة والمقاتلة ويطرحهم أرضاً. وهو رمز للقوة البدنية والبطولة الجسدية في نظر الناس.
* يملك نفسه: أي يسيطر عليها ويكبح جماحها، ويضبط مشاعره وأفعاله فلا تتحكم فيه.
* عند الغضب: في حال ثوران الغضب، وهي اللحظة التي تضعف فيها سيطرة العقل على الجوارح، وتغلب فيها طاقة الانفعال.
2. شرح الحديث:
يُغيّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المفهوم السائد للقوة والشدة، ويؤسس لمفهوم إسلامي أصيل. فالناس قديماً وحديثاً ينظرون إلى صاحب الجسم القوي، والمقاتل الشجاع، الذي يهزم خصومه في الميدان على أنه ذروة القوة والشدة.
فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم ليقول: ليست هذه هي القوة الحقيقية. إن القوة الحقيقية والشدة التي تستحق الإعجاب والثناء ليست في قوة البدن وحده، بل هي في قوة القلب والروح والإرادة. إنها قوة الشخص الذي يواجه أقسى اختبار للنفس، وهو نار الغضب، فيستطيع أن يتحكم في نفسه، ويكبح جماح غضبه، ولا يسمح لهذا الانفعال أن يدفعه إلى قول أو فعل يندم عليه لاحقاً، أو يترتب عليه إثم أو مفسدة.
فالشديد حقاً هو من ينتصر على عدوه الحقيقي الأول: هو نفسه الأمارة بالسوء، خاصة عند الغضب.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- إعادة تعريف القوة: الإسلام يرفع من شأن القوة المعنوية والأخلاقية والروحية إلى مستوى يساوي أو يفوق القوة الجسدية.
2- الغضب محك للأخلاق: لحظة الغضب هي الاختبار الحقيقي لأخلاق الإنسان وسيطرته على نفسه. فالكريم يكرم عند الغضب، واللئيم يظهر لؤمه عند الغضب.
3- التحذير من آثار الغضب: الغضب جمرة من نار يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم، وهو باب عظيم من أبواب الشر، يجر إلى المشاكل والخصومات، والضرب والجراح، والطلاق، وقطيعة الأرحام، وربما القتل. فمن ملك نفسه عند الغضب فقد سدّ باباً كبيراً من أبواب الشرور.
4- التربية على ضبط النفس: الحديث يحث المسلم على تدريب نفسه على كظم الغيظ والحلم والأناة، وهي صفات يحبها الله تعالى. قال الله تعالى: *{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}* [آل عمران: 134].
5- القدوة العملية: كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في هذا، فلم يكن فظاً غليظ القلب، بل كان يعفو ويصفح، ولا ينتقم لنفسه أبداً.
4. معلومات إضافية ونصائح عملية:
* وصايا نبوية للتعامل مع الغضب: علمنا النبي صلى الله عليه وسلم علاجاً عملياً إذا غضب الإنسان:
* التعوذ بالله من الشيطان: قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا غَضِبَ الرَّجُلُ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ. سَكَنَ غَضَبُهُ».
* تغيير الحالة والوضعية: قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ».
* الوضوء: قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ».
* السكوت: قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ» (كررها ثلاثاً).
* التفكير في العواقب: تذكر عواقب الغضب الوخيمة في الدنيا (ندم، خسائر، قطيعة) وفي الآخرة (إثم، حساب) يساعد في كبحه.
* التدريب المستمر: ضبط النفس مهارة تحتاج إلى تمرين ومجاهدة دائمة، وكلما تمرن الإنسان عليها قويت فيه.
فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وأ
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1059 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 1034 ثلاثة لا يكلّمهم اللَّه يوم القيامة ولا يُزكّيهم ولهم عذاب...
- 1035 الشيخ الزاني لا يدخل الجنة
- 1036 ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف
- 1037 حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم
- 1038 رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره
- 1039 لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم العجب
- 1040 من أشرك معي غيري تركته وشركه
- 1041 من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يرائي الله به
- 1042 من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به
- 1043 من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه
- 1044 من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به يوم القيامة
- 1045 من سمّع سمّع الله به ومن راءى راءى الله به
- 1046 الرياء هو الشرك الأصغر
- 1047 الرياء شرك السرائر
- 1048 من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك
- 1049 الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى...
- 1050 اتقوا الظلم فانه ظلمات يوم القيامة
- 1051 شح هالع وجبن خالع
- 1052 هذا أبخل الناس
- 1053 بعني عذقك بعذق في الجنة
- 1054 أن رجلا قال للنبي ﷺ: أوصني، قال: «لا تغضب»
- 1055 لا تغضب
- 1056 اجتنب الغضب
- 1057 ماذا يباعدني من غضب الله؟ قال: «لا تغضب»
- 1058 الذي يملك نفسه عند الغضب
- 1059 ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
- 1060 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم تذهب الغضب
- 1061 من غضب وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا...
- 1062 أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور
- 1063 من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
- 1064 لا تتَنَخَّمَنَّ حيال وجهك في الصلاة
- 1065 عن اللقطة: عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها
- 1066 فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته
- 1067 من يعذبون في الدنيا يعذبهم الله
- 1068 السام عليكم فقالت عائشة عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم
- 1069 من خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من...
- 1070 ما بال دعوى الجاهلية
- 1071 لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما
- 1072 أن تعين قومك على الظلم
- 1073 من فحم جهنم أو أهون على الله من الجعلان
- 1074 الجعل يدهده عن منخريه خير من آبائكم في الجاهلية
- 1075 من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح فيكشفه
- 1076 إلام يضحك أحدكم مما يفعل؟
- 1077 كثرة الضحك تميت القلب
- 1078 أعظم المسلمين جرما، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم...
- 1079 لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل...
- 1080 سلوني عن أبي
- 1081 قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال
- 1082 كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف
- 1083 معنى هلك المتنطعون
معلومات عن حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
📜 حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








