حديث: لن يُدخل الجنة أحدًا عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لن ينجو أحدٌ بعمله ولا يدخل الجنة

عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «سدّدوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يُدخل الجنة أحدًا عملُه» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه منه برحمة، واعلموا أن أحمبّ العملِ إلى اللَّه أدومه وإن قلَّ».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٤٦٧، ٦٤٦٤)، ومسلم في صفة القيامة (٢٨١٨) كلاهما من طريق موسى بن عقبة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «سدّدوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يُدخل الجنة أحدًا عملُه» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه منه برحمة، واعلموا أن أحمبّ العملِ إلى اللَّه أدومه وإن قلَّ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف الذي جمع بين التوجيه العملي والبشارة الربانية، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «سدّدوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يُدخل الجنة أحدًا عملُه» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه منه برحمة، واعلموا أن أحمبّ العملِ إلى اللَّه أدومه وإن قلَّ».

1. شرح المفردات:


● سدّدوا: من التَّسديد، وهو الإصابة في القول والعمل، بأن يقصد المسلم الحق والصواب في كل أموره، ويطلب الوسطية والاعتدال دون إفراط أو تفريط.
● قاربوا: أي اقتربوا من الصواب والحق حتى لو لم تبلغوا كمال التسديد، فالمقاربة هي أن يعمل الإنسان ما يستطيع من الطاعات ويجتهد في ذلك.
● أبشروا: البشارة هنا بالخير والثواب والأجر من الله تعالى، وهي تحفيز للنفس على الاستمرار في الطاعة.
● يتغمدني: من الغَمْد، وهو الستر والتغطية بالرحمة والمغفرة، أي إلا أن يغطيني الله برحمته ويسترني بها.
● أحب العمل: أي العمل الأكثر محبةً وقبولاً عند الله تعالى.
● أدومه: الأكثر دوامًا واستمرارًا وملازمةً، حتى لو كان قليلاً في كميته.

2. شرح الحديث:


يحتوي هذا الحديث على توجيهات نبوية عظيمة:
● "سدّدوا وقاربوا": يأمر النبي ﷺ أمته بأن يجتهدوا في تحقيق التسديد في أعمالهم، أي إصابة الصواب والاعتدال، فإن لم يستطيعوا ذلك فليقاربوا وليقتربوا منه. وهذا توجيه للوسطية والبعد عن الغلو والتطرف، كما فيه تيسير على الأمة ورفع للحرج.
● "وأبشروا": بعد الأمر بالسداد والمقاربة يأتي الأمر بالبشارة والتفاؤل برحمة الله وفضله، لئلا ييأس المسلم من رحمة الله أو يقنط من روحه.
● "فإنه لن يدخل الجنة أحدًا عمله": هنا يبين النبي ﷺ حقيقة عظيمة، وهي أن الأعمال وحدها -مهما بلغت- لا تكفي لدخول الجنة، بل إن دخول الجنة فضل من الله ورحمة، لأن الأعمال لا توفي حق الله تعالى، ولا تكافئ نعيم الجنة. وهذا يؤكد على أن رحمة الله هي السبب الحقيقي لدخول الجنة.
● "قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا": هذا تواضع عظيم من النبي ﷺ، حيث يقر أنه هو أيضًا لا يدخل الجنة بعمله، بل برحمة الله تعالى، مع أن عمله ﷺ أعلى وأكمل من عمل جميع الخلق. وفي هذا تربية للأمة على التواضع وعدم الاغترار بالأعمال.
● "إلا أن يتغمدني الله منه برحمة": الاستثناء هنا يؤكد أن السبب في دخول الجنة هو رحمة الله وتغمده لعباده، حتى للأنبياء والصالحين.
● "واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل": هذه الجملة تقدم معيارًا مهمًا لقبول العمل عند الله، فليس المهم كثرة العمل وانقطاعه، بل المهم دوامه ومداومته، حتى لو كان قليلاً. لأن الدوام يدل على صدق المحبة والاستمرار في الطاعة، وهو أبلغ في تأثير العمل على النفس.

3. الدروس المستفادة منه:


● الوسطية والاعتدال: في الدين والعبادة، والبعد عن الغلو والتشدد.
● التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: بأن يجتهد العبد ثم يتوكل على الله ويبشر برحمته.
● التواضع وعدم الاغترار بالأعمال: فالعبد لا ينبغي له أن يعجب بعمله أو يرى أنه قد حصل خيرًا كثيرًا، بل يرجو رحمة الله ويخاف من تقصيره.
● الأمل والتفاؤل برحمة الله: فالبشارة في الحديث تفتح باب الأمل لكل مسلم يسير على الطريق.
● قيمة العمل الدائم: فالقليل الدائم خير من الكثير المنقطع، وهذا يشمل جميع العبادات من صلاة وصيام وذكر وقراءة قرآن وغيرها.
● أن رحمة الله هي السبب في نجاتنا: وهذا يربي في القلب محبة الله ورجاءه والخوف منه.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 6467) ومسلم (رقم 2818).
- قول النبي ﷺ "ولا أنا" لا يعني أن له ذنوبًا كذنوبنا، حاشاه ﷺ، بل معناه أن عمله وإن كان عظيماً إلا أنه لا يكافئ نعيم الجنة، فدخوله الجنة برحمة الله كما دخلها الآخرون.
- الحديث يدعو إلى الاستمرارية في الطاعة، فمن داوم على قراءة ورد من القرآن يوميًا، أو على صلاة النوافل، أو على الأذكار، فهذا أحب إلى الله من من يعمل كثيرًا ثم ينقطع.
- يستفاد من الحديث أهمية ملازمة الأعمال الصالحة ولو كانت قليلة، كمن يحافظ على ركعتي الضحى يوميًا، أو على الوتر، أو على صدقة صغيرة بشكل دائم.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا للسداد والمقاربة في القول والعمل، وأن يتغمدنا برحمته ويدخلنا جناته برحمته لا بأعمالنا، إنه جواد كريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الرقاق (٦٤٦٧، ٦٤٦٤)، ومسلم في صفة القيامة (٢٨١٨) كلاهما من طريق موسى بن عقبة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة، فذكرته. والسياق لمسلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 78 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لن يُدخل الجنة أحدًا عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

  • 📜 حديث: لن يُدخل الجنة أحدًا عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لن يُدخل الجنة أحدًا عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لن يُدخل الجنة أحدًا عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لن يُدخل الجنة أحدًا عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب