حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لن ينجو أحدٌ بعمله ولا يدخل الجنة

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لن يُنجي أحدًا منكم عملُه» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه برحمة، سدّدوا وقاربوا، واغدوا، وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا».

صحيح: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٤٦٣) عن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لن يُنجي أحدًا منكم عملُه» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه برحمة، سدّدوا وقاربوا، واغدوا، وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع والعمل الصالح.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح فيه حقيقة النجاة في الآخرة، ويروى عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، وهو في الصحيحين (البخاري ومسلم).

أولاً. شرح المفردات:


● لن يُنجي أحدًا منكم عملُه: أي لن يدخله الجنة ويُعصمه من النار مجرد عمله الصالح وحده.
● إلا أن يتغمدني اللَّه برحمة: إلا أن يغطيني الله ويدخلني في رحمته الواسعة.
● سدّدوا: اطلبوا السداد، أي الإصابة والصواب في القول والعمل، واقصدوا الأعمال الصالحة.
● وقاربوا: اقتربوا من الصواب وإن لم تبلغوا كماله، واعملوا ما تستطيعون من الخير ولو كان قليلاً.
● واغدوا: اذهبوا إلى العمل الصالح في أول النهار (وقت الغداة).
● وروحوا: اذهبوا إليه في آخر النهار (وقت الرواح).
● وشيء من الدلجة: واعملوا شيئاً من العمل في آخر الليل (وقت الدلجة).
● والقصد القصد: الزموا الاعتدال والتوسط في الأمور، لا إفراط ولا تفريط.
● تبلغوا: تصلوا إلى ما تريدون من الخير والنجاة.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بحقيقة دينية عميقة، وهي أن الأعمال الصالحة وحدها -مع عظمها- لا تكفي لضمان النجاة ودخول الجنة، لأن النجاة محض فضل من الله ورحمة منه سبحانه. فمهما عمل العبد وبذل من جهد، فإن عمله لا يكافئ نعمة الله عليه، ولا يبلغ درجة استحقاق الجنة التي هي دار كرامة الله تعالى.
وحتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الخلق وأعظمهم عملاً، يقر بأن نجاته ليست بعمله، بل برحمة الله تعالى وتغمده له بها. وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم واعترافه بفضل ربه.
ثم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بوصايا عملية لبلوغ هذه الرحمة:
● السداد والمقاربة: أي بذل الجهد في إصابة الحق والصواب في الأقوال والأعمال، فإن لم يستطع فأقرب ما يمكن إليه.
● الاغتداء والرواح وأخذ شيء من الدلجة: الحث على المداومة على العمل الصالح في أوقات اليوم المختلفة (الصباح، المساء، والليل)، والإكثار من الطاعة في جميع الأوقات.
● القصد والقصد: الحث على الاعتدال والتوسط في العبادة والعمل، وعدم المغالاة أو الإفراط الذي يؤدي إلى الملل والترك، فخير الأمور أوسطها.
فالخلاصة: أن العبد يجتهد في العمل ويقصد الصواب ويواظب عليه باعتدال، ولكن يعلق رجاءه في النجاة برحمة الله تعالى لا بعمله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التوكل على الله والاعتراف بفضله: يجب على المسلم أن يجمع بين بذل الجهد في العمل الصالح والاعتماد الكلي على رحمة الله ومغفرته.
2- التواضع وعدم العجب: الحديث يقتل العجب في قلب العبد، فلا ينظر إلى عمله بعين الرضا والكبر، بل يظل خائفاً يرجو رحمة ربه.
3- المواظبة على العمل الصالح: الحث على استغلال أوقات اليوم كله في الطاعة، مما يدل على أهمية المداومة والإكثار من الخير.
4- الاعتدال في العبادة: النهي عن الغلو والتشدد الذي يضر بالعبد ويبعده عن الاستمرارية، والأخذ بمبدأ التيسير والتدرج.
5- الربط بين الأسباب والنتائج: المسلم مأمور بالأخذ بالأسباب (العمل الصالح) مع اليقين أن النتيجة (النجاة) بيد الله تعالى.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في إثبات أن الإيمان لا بد فيه من العمل، ولكن النجاة لا تكون بالعمل فقط، بل بعمل العبد وفضل ربه ورحمته.
- فيه بيان أن رحمة الله هي التي تحيط بالعبد وتكمل نقص عمله، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156].
- ينبغي للمسلم أن يجمع في قلبه بين الخوف من عدم قبول العمل والرجاء في رحمة الله، فهذا من كمال الإيمان.
أسأل الله تعالى أن يتغمدنا برحمته، وأن يوفقنا للسداد والقصد في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الرقاق (٦٤٦٣) عن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكره.
وفي الباب ما رواه ابن حبان (٦٥٧، ٦٥٩) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن فضيل بن عياض، عن هشام، عن محمد (هو ابن سيرين)، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو يؤاخذني اللَّه، وابنَ مريم بما جَنَتْ هاتان -يعني الابهام والتي تليها- لعذّبنا، ثم لم يظلمنا شيئًا».
ورواه أبو نعيم في الحلية (٨/ ١٣٢) بهذا الإسناد وقال: «غريب من حديث الفضيل وهشام، تفرد به عنه الحسين بن علي الجعفي». وهو كما قال.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 77 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

  • 📜 حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله إلا أن يتغمد الله برحمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب