حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب اغتنام الصحة والفراغ قبل فوات الأوان
صحيح: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٤١٢) عن المكي بن إبراهيم، أخبرنا عبد اللَّه بن سعيد (وهو ابن أبي هند)، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
أولاً. شرح المفردات:
● نعمتان: النعمة هي كل ما ينعم الله به على العبد من خير ديني أو دنيوي. والمراد هنا نعمتان عظيمتان.
● مغبون فيهما: الغبن في اللغة: هو الخسارة في البيع والشراء، أي أن يبيع الإنسان سلعته بأقل من قيمتها الحقيقية. فكأن الإنسان لديه نعمتان ثمينتان لكنه يبيعهما بأقل من قيمتهما الحقيقية، أو يضيعهما دون أن يستفيد منهما الاستفادة الحقيقية.
● كثير من الناس: هذا تصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بأن الخاسرين في هاتين النعمتين هم الأكثرية، بينما الرابحون فيهما قلة. وهذا يحمل في طياته تحذيراً شديداً لئلا نكون من تلك الأكثرية المغبونة.
● الصحة: هي سلامة البدن من الأمراض والأسقام، وهي أعظم نعمة بعد نعمة الإيمان.
● الفراغ: هو الوقت الخالي من المشاغل الكبيرة والشواغل الملحة. وهو رأس مال الإنسان في هذه الحياة.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن هناك نعمتين عظيمتين من نعم الله تعالى على عباده، لكن معظم الناس - للأسف - لا يعرفون قيمتهما الحقيقية، فيضيعونهما ويخسرون خسارة كبيرة، كتاجر يملك بضاعة ثمينة ثم يبيعها بثمن بخس.
1- نعمة الصحة: فالإنسان الصحيح المعافى في بدنه قادر على العمل والعبادة والطاعة والكدح في سبيل الله، ولكنه كثيراً ما يغفل عن شكر هذه النعمة باستعمالها في طاعة الله، حتى إذا مرض وضعف تذكر ما كان يقدر عليه فلم يفعل، فندم حيث لا ينفع الندم.
يقول الحسن البصري رحمه الله: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".
2- نعمة الفراغ: وهي الوقت الذي ليس فيه شواغل تمنع من العمل الصالح. كثير من الناس لديه أوقات فراغ طويلة، ولكن بدلاً من أن يملأها بما ينفعه في دينه ودنياه وآخرته، يضيعها في اللهو واللغو ومتابعة ما لا فائدة فيه، أو حتى في المعاصي والآثام. فإذا شغله شاغل، أو تقدم به العمر، تمنى لو رجع إليه وقت من هذه الأوقات ليعمل فيه صالحاً.
والحديث يربط بين النعمتين، فالصحة تمكنك من العمل، والفراغ يمنحك الوقت للعمل. فإذا اجتمعت للعبد الصحة والفراغ فهو في غنى عن كثير من المشاغل، وعليه أن يغتنمهما قبل أن يحل به المرض أو تشغله الشواغل.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- ضرورة شكر النعم: النعمة لا تُشكر باللسان فقط، بل باستعمالها في طاعة من أنعم بها، وهو الله تعالى. فشكر نعمة الصحة يكون باستعمالها في الطاعات، وشكر نعمة الوقت يكون بملئه بالخير.
2- التحذير من الغفلة والإضاعة: الحديث تحذير صريح من أن نكون من "الكثير من الناس" المغبونين، الذين يضيعون أعز ما يملكون.
3- قيمة الوقت في حياة المسلم: الوقت هو الحياة، وهو رأس مال الإنسان. من أضاع وقته فقد أضاع حياته. وكان السلف الصالح أحرص الناس على أوقاتهم، لا يضيعون منها لحظة في غير فائدة.
4- المسارعة إلى العمل الصالح: لا يؤجل الإنسان العمل الصالح بحجة أنه لا يزال شاباً صحيحاً، فالموت يأتي بغتة، والمرض قد يعجز الإنسان عن العمل، والمشاغل قد تتراكم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بادر بالأعمال سبعاً: هل تنتظر إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر» (رواه الترمذي وهو حسن).
5- التوازن في الحياة: ليس المقصود أن لا يستريح الإنسان أو يأخذ حظه من الدنيا، بل المقصود ألا يكون ذلك هو الغالب على وقته، وأن يكون راحته فيما يعود عليه بالنفع في الآخرة.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث جزء من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم التي تحث على اغتنام الأوقات والنعم قبل فواتها، مثل قوله: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» (رواه الحاكم وصححه الألباني).
- من أعظم ما يعين على اغتنام الصحة والفراغ: وضع برنامج يومي للحياة، يشمل الوقت المخصص للعبادة، والعلم، والعمل، والراحة، وصلة الرحم، وغير ذلك.
- من الأمثلة العملية لاغتنام الوقت: حفظ بعض الأذكار في أوقات الانتظار والمواصلات، أو الاستماع للقرآن والمحاضرات المفيدة، أو قراءة كتاب نافع.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على شكر نعمه، وأن يوفقنا لاغ
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 81 من أصل 227 حديثاً له شرح
- 56 هذا خير من ملء الأرض من مثله
- 57 ارفع بصرك فانظر أرفع رجل تراه في المسجد
- 58 الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى
- 59 الذين إذا رؤوا ذكر الله
- 60 من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة
- 61 توكّل على اللَّه يرزقك كما يرزق الطير
- 62 لعلك ترزق به
- 63 اعقلها وتوكَّل
- 64 بسم الله توكّلت على الله، اللهم إنا نعوذ بك من...
- 65 المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله
- 66 لا يزال لسانك رَطْبا من ذكر اللَّه
- 67 خياركم أطولكم أعمارًا وأحسنكم أعمالًا
- 68 خيار الناس من طال عمره وحسن عمله
- 69 من طال عمره وحسن عمله
- 70 أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين
- 71 أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة
- 72 انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو...
- 73 إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق
- 74 أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو...
- 75 من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين...
- 76 لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل...
- 77 لن ينجي أحدًا منكم عمله إلا أن يتغمد الله برحمة
- 78 لن يُدخل الجنة أحدًا عمله إلا أن يتغمد الله برحمة
- 79 إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر
- 80 إياكم ومحقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد
- 81 نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ
- 82 الإسلام يهدم ما كان قبله، والهجرة تهدم ما كان قبلها،...
- 83 من أساء أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام
- 84 ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى
- 85 تجتمع ملائكة الليل والنهار في صلاة الصبح والعصر
- 86 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَوْ أَخَذَتْ مَا فِي رَحْيَيْهَا وَلَمْ...
- 87 إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء...
- 88 لا عيش إلا عيش الآخرة فأصلح الأنصار والمهاجرة
- 89 لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
- 90 اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا
- 91 ما شبع نبي الله وأهله ثلاثة أيام تباعا من خبز...
- 92 ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين
- 93 ما شبع آل محمد من خبز بر فوق ثلاث
- 94 ما أكل آل محمد أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر
- 95 ما شبع رسول الله من خبز وزيت في يوم واحد...
- 96 شبعنا من الأسودين التمر والماء
- 97 توفي رسول الله ﷺ حين شبع الناس من الأسودين: التمر...
- 98 كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارًا إنما هو...
- 99 ما كان يعيشنا إلا الأسودان التمر والماء
- 100 توفي رسول الله وما في رفّي من شيء يأكله ذو...
- 101 فراش رسول الله ﷺ أدما حشوه ليف.
- 102 وسادة النبي ﷺ مصنوعة من جلد وحشوها ليف
- 103 شعر رسول الله فوق الوفرة ودون الجمة
- 104 عن عائشة: كان يأتي على آل محمد الشهر ما يرى...
- 105 ترغبون فيما كان رسول الله يزهد فيه
معلومات عن حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ
📜 حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








