حديث: خمس صلوات كتبهن الله على العباد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تأكيد الوتر وأنه سنة وليس بواجب

عن أبي مُحيريز أنَّ رجلًا من بني كِنانة يُدعى المُخْدَجِيَّ سمع رجلًا بالشام يكنَّى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب. فقال المُخْدَجِيَّ: فَرُحتُ إلى عبادة بن الصَّامت، فاعترضتُ له وهو رائع إلى المسجد. فأخبرته بالذي قال أبو محمد، فقال عبادةُ: كذب أبو محمد، سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله عز وجل على العباد، فمن جاء بهن لم يُضيّعْ مِنه شيئًا استخفافًا بحقهنّ كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة. ومن لم يأت بهِنَّ فليس له عند الله عهد. إن شاء عذَّبه، وإن شاء أدْخَلَه الجنّة».

صحيح: رواه مالك في صلاة الليل (١٤) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن ابن محيريز فذكره.

عن أبي مُحيريز أنَّ رجلًا من بني كِنانة يُدعى المُخْدَجِيَّ سمع رجلًا بالشام يكنَّى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب. فقال المُخْدَجِيَّ: فَرُحتُ إلى عبادة بن الصَّامت، فاعترضتُ له وهو رائع إلى المسجد. فأخبرته بالذي قال أبو محمد، فقال عبادةُ: كذب أبو محمد، سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله ﷿ على العباد، فمن جاء بهن لم يُضيّعْ مِنه شيئًا استخفافًا بحقهنّ كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة. ومن لم يأت بهِنَّ فليس له عند الله عهد. إن شاء عذَّبه، وإن شاء أدْخَلَه الجنّة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة:

1. شرح المفردات:


● المُخْدَجِيَّ: نسبة إلى "مخدج"، وهو اسم لجد لهذا الرجل الكناني.
● يُكنَّى أبا محمد: أي أن لقبه أو كنيته التي يُعرف بها هي "أبو محمد".
● الوتر: صلاة الوتر، وهي الصلاة التي تؤدى بعد صلاة العشاء وعدد ركعاتها فردي (ركعة واحدة أو ثلاث أو أكثر).
● رائع: ذاهب أو متوجه.
● استخفافًا بحقهنّ: أي يحتقرها ويستهين بها ويتركها دون سبب شرعي معتقدًا أنها غير مهمة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الحديث عن قصة حصلت في زمن الصحابة، حيث سمع رجل من بني كنانة (المخدجي) رجلاً في الشام يُكنى أبا محمد يقول: "إن الوتر واجب". فأنكر المخدجي هذا القول، ولم يكتف بإنكاره، بل ذهب إلى الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه ليستفتيه ويستوثق من الحكم الشرعي.
فأخبر عبادةَ بن الصامت بقول أبي محمد، فأنكر عليه عبادة إنكارًا شديدًا، وشهد بأن أبا محمد قد كذب في قوله، ثم استدلّ بكلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي أفاد أن الصلوات المفروضة هي خمس فقط في اليوم والليلة، وليس ضمنهن صلاة الوتر. فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الخمس فرض عين على كل مسلم، وأن من حافظ عليها وأداها كاملة دون نقص أو استخفاف، فإن له عند الله عهدًا بأن يدخله الجنة. أما من ضيعها ولم يأت بها، فليس له هذا العهد، بل هو تحت مشيئة الله تعالى: إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وأدخله الجنة.

3. الدروس المستفادة منه:


● بيان عدد الصلوات المفروضة: الحديث نص صريح في أن الفروض الخمسة هي التي كتبها الله على عباده، وهي عماد الدين.
● الرد على بدعة القول بوجوب الوتر: الحديث حجة قاطعة على أن صلاة الوتر ليست فرضًا عينًا كالصلوات الخمس، بل هي سنة مؤكدة وحث النبي صلى الله عليه وسلم عليها، ولكنها ليست بفرض. وهذا هو مذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
● الحرص على التثبت في الدين: فعل المخدجي في الذهاب إلى الصحابي الجليل للتأكد من صحة القول دليل على وجوب التثبت وعدم قبول أي قول في الدين دون الرجوع إلى أهل العلم المعتبرين.
● خطورة القول على الله بغير علم: وصف عبادة بن الصامت قول أبي محمد بالكذب، وهذا تحذير شديد من التجرؤ على الفتوى بغير علم.
● عظم أجر المحافظة على الصلوات الخمس: أن من يحافظ عليها يكون له عهد عند الله بدخول الجنة.
● مشيئة الله في حق تارك الصلاة: الحديث يبين أن تارك الصلاة كاملةً ليس له عهد بالجنة، بل هو تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. وهذا في حق من تركها جحودًا أو تكاسلًا، وهو موضع خلاف بين العلماء في كفره.
● الحث على عدم الاستخفاف بالعبادات: التحذير من الاستخفاف بحق الصلوات وتركها.

4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم صلاة الوتر: جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) على أن الوتر سنة مؤكدة وليس فرضًا، وهو قول绝大多数 أهل السنة.
● الفرق بين الفرض والسنة المؤكدة: الفرض必須 الإتيان به، وتركه بإثم. أما السنة المؤكدة فمن حافظ عليها نال أجرًا عظيمًا، ومن تركها فلا إثم عليه ولكنّه فوت على نفسه خيرًا كبيرًا.
● الاستدلال بالحديث: يستدل به العلماء على أن تارك الصلاة تكاسلًا لا يَكفُر كفرًا يخرج من الملة عند جمهورهم (خلافًا للحنابلة في المشهور عنهم)، وإنما هو تحت مشيئة الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في صلاة الليل (١٤) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن ابن محيريز فذكره.
ورواه أبو داود (١٤٢٠)، والنسائي (٤٦١) كلاهما من طريق مالك به مثله. ورواه ابن ماجة (١٤٠١) من طريق محمد بن يحيى بن حبَّان به مثله.
قال المنذري: «قال أبو عمر النَّمْري»: «لم يُخْتَلَف عن مالك في إستاد هذا الحديث وهو حديث صحيح ثابت».
وصحّحه ابن حبَّان (١٧٣٢) ورواه من طريق يحيى بن سعيد به مثله.
إِلَّا أنه قال: جاء رجل إلى عُبادة بن الصَّامت ولم يسمه. ورواه أيضًا من طرق عن محمد بن يحيى بن حبَّان به مثله وسمي الرّجل المُخْدَجِيّ - وهو - أبو رفيع (١٧٣١، ٢٤٧١).
وأبو محمد: رجل من الأنصار له صحبة.
وقوله: كذب بمعنى أخطأ، لم يرد به تعمدَ الكذبِ الذي هو ضِدُّ الصدقِ، لأنَّ الكذب إنّما يجري في الأخبار، وأبو محمد هذا إنّما أفتى فتيا، ورأي رأيًا فأخطأ فيما أفتي به، أفاده الخطّابي.
والمُخْدَجِيّ هو: أبو رافع، وقيل: رُفَيع، تفرّد بالرواية عنه عبد الله بن مُحَيريز، ولم يُؤثَر توثيقه عن غير ابن حبَّان ورواية مالك عنه توثيق عند بعض أهل العلم، لأنَّه لا يروي إِلَّا عن ثقات. إِلَّا أنَّه لم ينفرد به بل تابعه عبد الله الصُّنابحي وسبق تخريجه في أوائل كتاب الصّلاة، باب في تأكيد الصلوات والمحافظة عليها. كما تابعه أيضًا أبو إدريس الخولاني عند أبي داود الطيالسي (٥٧٤)
فرواه عن زمعة، عن الزّهريّ، عن أبي إدريس الخولاني قال: كنت في مجلسٍ من أصحاب النَّبِيّ ﷺ فيهم عُبادة بن الصَّامت فذكروا الوتر. فقال بعضهم: واجب، وقال بعضهم: سنة، فقال عبادة بن الصَّامت فذكر نحوه إِلَّا أنَّ فيه: قال جبريل: يا محمد! إن الله عز وجل يقول: إنِّي قد فرضت على أمَّتك خَمسَ صلوات إلخ. فجعل الحديث قدسيًّا، وزمعة هو: ابن صالح الجَنَدي ضعيف وحديثه عند مسلم مقرون. فلعلَّ هذا التصرُّف منه. فجعل فرضية الصلوات الخمس منسوبة إلى الله على الأصل الثابت، وإن كان في حديث عُبادة بن الصَّامت ليس من الحديث القدسي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1006 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خمس صلوات كتبهن الله على العباد

  • 📜 حديث: خمس صلوات كتبهن الله على العباد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خمس صلوات كتبهن الله على العباد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خمس صلوات كتبهن الله على العباد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خمس صلوات كتبهن الله على العباد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب