خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا

حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا

عن عائشة أن النَّبِيّ ﷺ دخل عليها وعندها امرأة قال: «من هذه؟» قالت: فلانة، تذكر من صلاتها. قال: «مَهْ! عليكم بما تطيقون، فواللهِ! لا يملُّ اللهُ حتَّى تَمَلُّوا».
وكان أحبَّ الدينِ إليهِ ما دام عليه صاحبه.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (٤٣)، ومسلم في صلاة المسافرين (٧٨٥/ ٢٢١) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: أخبرني أبي، عن عائشة فذكرت مثله واللّفظ للبخاريّ.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

الحديث:

عن عائشة أن النَّبِيّ ﷺ دخل عليها وعندها امرأة قال: «من هذه؟» قالت: فلانة، تذكر من صلاتها. قال: «مَهْ! عليكم بما تطيقون، فواللهِ! لا يملُّ اللهُ حتَّى تَمَلُّوا». وكان أحبَّ الدينِ إليهِ ما دام عليه صاحبه.

1. شرح المفردات:

● «مَهْ!»: كلمة زجر للنهي عن الاستمرار في الشيء، ومعناها: اكففي أو دعيكِ من ذلك.
● «عليكم بما تطيقون»: التزموا من الأعمال ما تستطيعون أداءه دون مشقة.
● «لا يملُّ اللهُ»: لا يقطع الله ثوابه وأجره.
● «حتى تملوا»: حتى تتركوا العمل بسبب الملل أو المشقة.
● «ما دام عليه صاحبه»: العمل الذي يداوم عليه العبد ويواظب عليه.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

دخل النبي ﷺ على عائشة رضي الله عنها فرأى عندها امرأة أخرى، فسأل عنها، فأخبرته عائشة أنها تتحدث عن كثرة صلاتها (أي تتباهى أو تذكر كثرة عبادتها). فنهاها النبي ﷺ عن ذلك بقوله: «مَهْ!» أي اكففي عن هذا الكلام، ثم أرشد إلى الاعتدال في العبادة بقوله: «عليكم بما تطيقون»، أي الزموا من الأعمال ما تستطيعون المداومة عليه دون كلل أو ملل، ثم أكد بقسم: «فوالله! لا يمل الله حتى تملوا»، أي أن الله تعالى لا ينقطع ثوابه عنكم ما دمتم مواظبين على العمل، فإذا تركتموه مللاً أو كسلاً انقطع الأجر. ثم بين الحديث أن أحب الدين إلى الله هو العمل الذي يداوم عليه العبد، ولو كان قليلاً، لأنه أدوم وأبقى.

3. الدروس المستفادة منه:

● النهي عن التباهي بالعبادة: فلا يجوز للمسلم أن يفتخر بعبادته أو يذكرها ليمدحه الناس، فإن ذلك من الرياء.
● التوسط والاعتدال في العبادة: فلا إفراط ولا تفريط، بل يأخذ المسلم من العمل ما يستطيع المداومة عليه.
● الحث على المداومة على العمل الصالح: فالعمل القليل الدائم خير من العمل الكثير المنقطع.
● الترغيب في الاستمرارية: لأن الله لا يمل من الثواب حتى يمل العبد من العمل.
● التيسير ورفع الحرج: الإسلام دين يسر، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في قواعد العبادة، وفيه الرد على من يتشدد في الدين أو يتحمل ما لا يطيق.
- فيه إشارة إلى أن الملل من العبادة قد يؤدي إلى تركها بالكلية، فالأولى الاقتصاد فيها.
- يستفاد منه أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ، كما في الحديث الآخر: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ».
- ينبه إلى خطر المنافسة غير الصحية في العبادة، التي قد توقع في الرياء أو الكسل لاحقاً.

أسأل الله أن يجعلنا من المقتصدين في عبادتهم، المداومين على طاعته، وأن يتقبل منا صالح الأعمال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الإيمان (٤٣)، ومسلم في صلاة المسافرين (٧٨٥/ ٢٢١) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: أخبرني أبي، عن عائشة فذكرت مثله واللّفظ للبخاريّ.
ورواه البخاريّ أيضًا في التهجد (١١٥١) عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت عندي امرأة من بني أسد، ثمّ ذكرت مثله، إِلَّا أن مالكًا لم يرو هذه الرواية في رواية يحيى الليثي المتداول عندنا، وإنما رواه في صلاة الليل (٤) عن إسماعيل بن أبي حكيم، أنه بلغه أن رسول الله ﷺ سمع امرأة من الليل تُصَلِّي فقال: «من هذه؟» فقيل له: هذه الحولاءُ بنتُ تُوَيْتِ لا تنامُ الليلَ. فكره ذلك رسول الله ﷺ حتَّى عُرفت الكراهية في وجهه ثمّ قال: فذكرت الحديث نحوه.
وهذا منقطع، والذي وصله البخاريّ لم يكن من هذا الطريق، بل رواه من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبيّ، وهو تفرّد بروايته عن مالك في الموطأ دون بقية رواته، فإنهم اقتصروا منه على طرف مختصر. كذا قاله ابن عبد البر. انظر: «الفتح» (٣/ ٣٧).
قال الأعظمي: ورواه مسلم (٧٨٥) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروةُ بن الزُّبير أن عائشة أخبرتْه أن الحولاءَ بنتَ تُوَيْتِ بن حبيب بن أسد بن عبد العُزَّى مرتْ بها، وعندها رسول الله ﷺ. فقلت: هذه الحولاءَ بنتَ تُوَيْتِ، وزعموا أنها لا تنام الليلَ. فقال رسول الله ﷺ: «لا تنامُ الليل! خذوا من العمل ما تطيقون. فواللهِ لا يَسْأَمُ الله حتَّى تسْأَمُوا» ووقعت القصة مثل هذا لزينب كما في الذي بعده.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 998 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا

📜 حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية