حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الاقتصاد في العبادة وكراهية التّشديد فيها
حسن: رواه الدَّارميّ (٢١٧٣) عن محمد بن يزيد الحزاميّ، ثنا يونس بن بكير، قال: حَدَّثَنِي ابن إسحاق، حَدَّثَنِي الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقَّاص فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، معتمدًا في ذلك على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان ممن ترك النساء بعث إليه رسولُ الله ﷺ فقال: «يا عثمان! إني لم أُومَر بالرهبانيّة، أَرَغِبْتَ عن سنّتي؟» قال: لا يا رسول الله! قال: «إنَّ من سنَّتِي أن أصلِّي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق، فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي، يا عثمان! إنَّ لأهلك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا». قال سعد: فوالله! لقد كان أجمع رجالٌ من المسلمين على أنَّ رسول الله ﷺ إن هو أقرَّ عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتَّلَ.
1. شرح المفردات:
● عثمان بن مظعون: صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، وكان معروفًا بالزهد والعبادة.
● ترك النساء: أي امتنع عن معاشرتهن والتزوج بهن رغبة في التفرغ للعبادة.
● الرهبانية: هي الانقطاع للعبادة وترك ملذات الدنيا، بما في ذلك الزواج والأكل من الطيبات، وهي من مبتدعات النصارى.
● أَرَغِبْتَ عن سنّتي؟: أي هل أعرضت عن طريقتي وهديي الذي جئت به؟
● أنكح وأطلق: أي أتزوج وأطلق الزوجات عند الحاجة، فالنكاح من سنتي والطلاق مباح عند الحاجة.
● لأهلك عليك حقًّا: أي لزوجتك وأولادك حقوقٌ عليك من النفقة والصحبة والمعاشرة بالمعروف.
● لنفسك عليك حقًّا: أي أن لك حقًّا في الراحة والاستمتاع بطيبات الحياة بما أحل الله.
● نختصي: أي نستأصل ذكرانا (الخصاء) رغبة في كمال العبادة وترك الشهوات.
● نتبتَّلَ: ننقطع للعبادة ونترك الزواج.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن عثمان بن مظعون رغب عن الزواج وملذات الدنيا طلبًا للزهد والانقطاع للعبادة، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، دعاه وعاتبه قائلاً: إن الله لم يأمرني بالرهبانية، بل جعل ديني وسطًا بين الإفراط والتفريط. ثم بين له أن من سنته الاعتدال في العبادة، فلا يمنع النوم ولا الأكل ولا الزواج، بل يوازن بين حقوق الله وحقوق النفس والأهل. وحذره من أن الرغبة عن سنته تعني الخروج عن ملته. ثم ختم بتذكيره بحقوق أهله وحقوق نفسه.
ويختم سعد رضي الله عنه بأن الصحابة كانوا متأهبين لاتباع طريقة عثمان في الزهد المفرط لو أقرها النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على حرصهم على الخير واتباع السنة.
3. الدروس المستفادة منه:
1- ذم الرهبانية المبتدعة: الإسلام يرفض الانقطاع التام للعبادة وترك الطيبات المباحة، لأن الله لم يشرع ذلك.
2- الاعتدال في العبادة: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الموازنة بين العبادة والراحة، وبين حق الله وحق النفس والأهل.
3- الزواج من السنة: الترغيب في الزواج وذم التبتل والانقطاع عنه.
4- اتباع السنة واجب: من رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد برئ منه، كما في قوله: «فمن رغب عن سنتي فليس مني».
5- مراعاة الحقوق: للإنسان حقوق على نفسه وأهله، فلا يجوز إهمالها بحجة العبادة.
6- حرص الصحابة على اتباع السنة: فهم كانوا ينتظرون توجيه النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمر، ولا يتقدمون بين يديه.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
- فيه رد على من يتشدد في الدين ويحرم على نفسه ما أحل الله طلبًا للزهد، كبعض الصوفية المتطرفين.
- يؤكد الإسلام على مبدأ الوسطية، كما قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143].
- كان عثمان بن مظعون من أهل التقوى والصلاح، لكنه اجتهد فأخطأ، فبين له النبي الصواب، فعاد إلى السنة.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويوفقنا لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا الغلو والتقصير. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن لأجل الكلام في يونس بن بكير فقد تكلم فيه النسائيّ، ومشاه غيره. وهو لا بأس به في الشواهد.
والحديث مخرج في الصحيحين البخاريّ (٨٠٧٤)، ومسلم (١٤٠٢) من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقَّاص باختصار بلفظ: «رد رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل، لو أذن له لاختصينا» وسيأتي في كتاب النكاح وللحديث شاهد من حديث أبي موسى قال: دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النَّبِيّ ﷺ فرأَيْنَها سَيِّئَةَ الهيْئَةِ، فقُلن: ما لَكِ،
مَا فِي قُرَيْشٍ رَجُلٌ أَغْنَى مِنْ بَعْلِكِ، قَالَتْ مَا لَنَا مِنْهُ شَيْءٌ؟ أَمَّا نَهَارُهُ فَصَائِمٌ وَأَمَّا لَيْلُهُ فَقَائِمٌ، قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَذَكَرْنَ ذَلِكَ لَهُ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ ﷺ فقَالَ: «يَا عُثْمَانُ أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٍ قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: «أَمَّا أَنْتَ فَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، صَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ» قَالَ: فَأَتَتْهُمُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَطِرَةً كَأَنَّهَا عَرُوسٌ، فَقُلْنَ لَهَا: مَهْ، قَالَتْ: أَصَابَنَا مَا أَصَابَ النَّاسَ.
رواه ابن حبان (٣١٦) عن أحمد بن عليّ بن المثنى، حَدَّثَنَا محمد بن الخطّاب البلدي الزاهد، حَدَّثَنَا أبو جابر محمد بن عبد الملك، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكره.
وفيه محمد بن الخطّاب البلدي الزاهد قال فيه أبو حاتم: «ليس بقوي»، «الجرح والتعديل» (٨/ ٥).
وقال الهيثميّ في «المجمع» (٤/ ٣٠١، ٣٠٢): رواه أبو يعلى والطَّبرانيّ بأسانيد، وبعض أسانيد الطبرانيّ رجالها ثقات».
وسيأتي في كتاب النكاح حديث أنس بن مالك المخرج في الصحيحين البخاريّ (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١) وفيه: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا. أما والله! إني لأخشاكم الله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». واللّفظ للبخاريّ.
وله شاهد آخر عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله ﷺ من بيت عثمان بن مظعون فوقف على الباب فقال: «ما لك يا كحيلة متبذلةً؟ أليس عثمان شاهدًا«قالت: بلى، وما اضْطَجَعَ على فراشٍ منذ كذا وكذا، يصوم النهار فلا يُفطر، فقال: «مُرِيه أن يَأتيني«، فلمّا جاء، قالت له: فانطلق إليه، فوجده في المسجد، فجلس إليه فأعرض عنه، فبكى، ثمّ قال: قد علمت أنه قد بلغك عني أمر، قال: «أنت الذي تصُومُ النهار، وتقومُ الليل، لا يَقَعُ جَنْبُك على فِراش، قال عثمان: قد فعلت ذلك ألتمس الخبر، فقال النَّبِيّ ﷺ: «لِعَيْنِك حَظٌّ، ولِجِسدِكَ حَظٌّ، ولزوجِكَ حَظٌّ، فصُم وأفطر، ونَمْ وقُم، وأْتِ زوجكَ، فإني أنا أصوم وأفطرُ، وأنام وأصلي، وآتِي النساء، فمن أخذ بسُنَّتِي فقد اهْتَدى، وَمَنْ تَرَكَهَا ضَلَّ، وإنَّ لِكُلِّ عَمل شِرَّةً، ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فإذا كانتِ الفَتْرَةُ إلى الغَفْلَة، فهِيَ الهَلَكَةُ، وإذا كانتِ الفَتْرَةُ إلى الفَريضة، فلا يَضُر صِاحبَها شيئًا، فخُذْ منَ العَمَل ما تُطِيقُ، فإني إنَّما بُعِثْتُ بالحنيفيَّة السَّمْحَة، فلا تُثْقِل عليكَ عبادَة رَبِّكَ لا تدري ما طُولُ عُمْرِك؟».
قال الهيثميّ في «المجمع» (٣٥٦٩): «رواه الطبرانيّ في الكبير، وفيه عليّ بن زيد وهو ضعيف.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1003 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 978 كان يُصَلِّي ليلًا طويلًا قائمًا وليلًا طويلًا قاعدًا
- 979 رسول الله يقرأ قاعدًا ثم يقوم لركوعه
- 980 من صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم
- 981 صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة
- 982 يُصَلِّي متربِّعًا
- 983 من نام عن حزبه فقرأه بين الفجر والظهر كتب له...
- 984 من نوى قيام الليل فغلبه النوم كتب له ما نوى.
- 985 من يغلبه النوم عن صلاة الليل كتب له أجرها
- 986 النَّبِيّ ﷺ اشتكى فلم يَقُم ليلةً أو ليلتين.
- 987 كان النبي ﷺ إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام...
- 988 سألت الله أن لا يهلك أمتي بسنة فأعطانيها
- 989 لا أعلم نبي الله قرأ القرآن كله في ليلة
- 990 إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد
- 991 إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقرأ
- 992 إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن فليضطجع
- 993 أيكم يستطيع ما كان النبي ﷺ يستطيع
- 994 الدائم أحب العمل إلى رسول الله ﷺ
- 995 أي الأعمال أحب إلى الله؟ أدومها وإن قل
- 996 خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى...
- 997 أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل
- 998 خذوا من العمل ما تطيقون فالله لا يمل حتى تملوا
- 999 حلوا ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد
- 1000 صُم وأفطِر وقُم ونَمُ فإن لنفسك حقًا
- 1001 من اقتدي بي فهو مني ومن رغب عن سنتي فليس...
- 1002 يا عثمان إن لأهلك عليك حقا ولضيفك عليك حقا ولنفسك...
- 1003 إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
- 1004 إنه سينهاه ما تقول
- 1005 صلاة من يسرق لا تنفعه
- 1006 خمس صلوات كتبهن الله على العباد
- 1007 إن الله وتر يحب الوتر
- 1008 أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر
- 1009 صلاة الوتر بين العشاء والفجر
- 1010 كان رسول الله يُوتر على البعير
- 1011 كان النبي يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه
- 1012 اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا
- 1013 لا وتران في ليلة
- 1014 عن عائشة: أوتر رسول الله ﷺ من كل الليل وانتهى...
- 1015 اغتسل رسول الله أول الليل وربما في آخره
- 1016 من كل الليل قد أوتر رسول الله ﷺ
- 1017 من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله
- 1018 أخذ هذا بالحزم وأخذ هذا بالقوة
- 1019 أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة
- 1020 صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على...
- 1021 صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى وألا أنام...
- 1022 أوصاني بصلاة الضحى، وبالوتر قبل النوم، وبصيام ثلاثة أيام من...
- 1023 أوتروا قبل أن تصبحوا
- 1024 مَن أدرك الصبحَ فلم يوتر فَلا وِتْر له
- 1025 بادروا الصبح بالوتر
- 1026 أوتروا قبل طلوع الفجر
- 1027 من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا أصبح أو...
معلومات عن حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
📜 حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








