حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الاقتصاد في العبادة وكراهية التّشديد فيها

عن سعد بن أبي وقَّاص قال: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان ممن ترك النساء بعث إليه رسولُ الله ﷺ فقال: «يا عثمان! إني لم أُومَر بالرهبانيّة، أَرَغِبْتَ عن سنّتي؟ قال: لا يا رسول الله! قال: «إنَّ من سنَّتِي أن أصلِّي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق، فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي، يا عثمان! إنَّ لأهلك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا» قال سعد: فوالله! لقد كان أجمع رجالٌ من المسلمين على أنَّ رسول الله ﷺ إن هو أقرَّ عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتَّلَ.

حسن: رواه الدَّارميّ (٢١٧٣) عن محمد بن يزيد الحزاميّ، ثنا يونس بن بكير، قال: حَدَّثَنِي ابن إسحاق، حَدَّثَنِي الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقَّاص فذكره.

عن سعد بن أبي وقَّاص قال: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان ممن ترك النساء بعث إليه رسولُ الله ﷺ فقال: «يا عثمان! إني لم أُومَر بالرهبانيّة، أَرَغِبْتَ عن سنّتي؟ قال: لا يا رسول الله! قال: «إنَّ من سنَّتِي أن أصلِّي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق، فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي، يا عثمان! إنَّ لأهلك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا» قال سعد: فوالله! لقد كان أجمع رجالٌ من المسلمين على أنَّ رسول الله ﷺ إن هو أقرَّ عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتَّلَ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، معتمدًا في ذلك على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

الحديث:


عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان ممن ترك النساء بعث إليه رسولُ الله ﷺ فقال: «يا عثمان! إني لم أُومَر بالرهبانيّة، أَرَغِبْتَ عن سنّتي؟» قال: لا يا رسول الله! قال: «إنَّ من سنَّتِي أن أصلِّي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق، فمن رغب عن سنَّتي فليس منِّي، يا عثمان! إنَّ لأهلك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا». قال سعد: فوالله! لقد كان أجمع رجالٌ من المسلمين على أنَّ رسول الله ﷺ إن هو أقرَّ عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتَّلَ.


1. شرح المفردات:


● عثمان بن مظعون: صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، وكان معروفًا بالزهد والعبادة.
● ترك النساء: أي امتنع عن معاشرتهن والتزوج بهن رغبة في التفرغ للعبادة.
● الرهبانية: هي الانقطاع للعبادة وترك ملذات الدنيا، بما في ذلك الزواج والأكل من الطيبات، وهي من مبتدعات النصارى.
● أَرَغِبْتَ عن سنّتي؟: أي هل أعرضت عن طريقتي وهديي الذي جئت به؟
● أنكح وأطلق: أي أتزوج وأطلق الزوجات عند الحاجة، فالنكاح من سنتي والطلاق مباح عند الحاجة.
● لأهلك عليك حقًّا: أي لزوجتك وأولادك حقوقٌ عليك من النفقة والصحبة والمعاشرة بالمعروف.
● لنفسك عليك حقًّا: أي أن لك حقًّا في الراحة والاستمتاع بطيبات الحياة بما أحل الله.
● نختصي: أي نستأصل ذكرانا (الخصاء) رغبة في كمال العبادة وترك الشهوات.
● نتبتَّلَ: ننقطع للعبادة ونترك الزواج.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن عثمان بن مظعون رغب عن الزواج وملذات الدنيا طلبًا للزهد والانقطاع للعبادة، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، دعاه وعاتبه قائلاً: إن الله لم يأمرني بالرهبانية، بل جعل ديني وسطًا بين الإفراط والتفريط. ثم بين له أن من سنته الاعتدال في العبادة، فلا يمنع النوم ولا الأكل ولا الزواج، بل يوازن بين حقوق الله وحقوق النفس والأهل. وحذره من أن الرغبة عن سنته تعني الخروج عن ملته. ثم ختم بتذكيره بحقوق أهله وحقوق نفسه.
ويختم سعد رضي الله عنه بأن الصحابة كانوا متأهبين لاتباع طريقة عثمان في الزهد المفرط لو أقرها النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على حرصهم على الخير واتباع السنة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- ذم الرهبانية المبتدعة: الإسلام يرفض الانقطاع التام للعبادة وترك الطيبات المباحة، لأن الله لم يشرع ذلك.
2- الاعتدال في العبادة: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الموازنة بين العبادة والراحة، وبين حق الله وحق النفس والأهل.
3- الزواج من السنة: الترغيب في الزواج وذم التبتل والانقطاع عنه.
4- اتباع السنة واجب: من رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد برئ منه، كما في قوله: «فمن رغب عن سنتي فليس مني».
5- مراعاة الحقوق: للإنسان حقوق على نفسه وأهله، فلا يجوز إهمالها بحجة العبادة.
6- حرص الصحابة على اتباع السنة: فهم كانوا ينتظرون توجيه النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمر، ولا يتقدمون بين يديه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
- فيه رد على من يتشدد في الدين ويحرم على نفسه ما أحل الله طلبًا للزهد، كبعض الصوفية المتطرفين.
- يؤكد الإسلام على مبدأ الوسطية، كما قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143].
- كان عثمان بن مظعون من أهل التقوى والصلاح، لكنه اجتهد فأخطأ، فبين له النبي الصواب، فعاد إلى السنة.

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويوفقنا لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا الغلو والتقصير. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الدَّارميّ (٢١٧٣) عن محمد بن يزيد الحزاميّ، ثنا يونس بن بكير، قال: حَدَّثَنِي ابن إسحاق، حَدَّثَنِي الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقَّاص فذكره.
وإسناده حسن لأجل الكلام في يونس بن بكير فقد تكلم فيه النسائيّ، ومشاه غيره. وهو لا بأس به في الشواهد.
والحديث مخرج في الصحيحين البخاريّ (٨٠٧٤)، ومسلم (١٤٠٢) من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقَّاص باختصار بلفظ: «رد رسول الله ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل، لو أذن له لاختصينا» وسيأتي في كتاب النكاح وللحديث شاهد من حديث أبي موسى قال: دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النَّبِيّ ﷺ فرأَيْنَها سَيِّئَةَ الهيْئَةِ، فقُلن: ما لَكِ،
مَا فِي قُرَيْشٍ رَجُلٌ أَغْنَى مِنْ بَعْلِكِ، قَالَتْ مَا لَنَا مِنْهُ شَيْءٌ؟ أَمَّا نَهَارُهُ فَصَائِمٌ وَأَمَّا لَيْلُهُ فَقَائِمٌ، قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَذَكَرْنَ ذَلِكَ لَهُ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ ﷺ فقَالَ: «يَا عُثْمَانُ أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٍ قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: «أَمَّا أَنْتَ فَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، صَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ» قَالَ: فَأَتَتْهُمُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَطِرَةً كَأَنَّهَا عَرُوسٌ، فَقُلْنَ لَهَا: مَهْ، قَالَتْ: أَصَابَنَا مَا أَصَابَ النَّاسَ.
رواه ابن حبان (٣١٦) عن أحمد بن عليّ بن المثنى، حَدَّثَنَا محمد بن الخطّاب البلدي الزاهد، حَدَّثَنَا أبو جابر محمد بن عبد الملك، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكره.
وفيه محمد بن الخطّاب البلدي الزاهد قال فيه أبو حاتم: «ليس بقوي»، «الجرح والتعديل» (٨/ ٥).
وقال الهيثميّ في «المجمع» (٤/ ٣٠١، ٣٠٢): رواه أبو يعلى والطَّبرانيّ بأسانيد، وبعض أسانيد الطبرانيّ رجالها ثقات».
وسيأتي في كتاب النكاح حديث أنس بن مالك المخرج في الصحيحين البخاريّ (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١) وفيه: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا. أما والله! إني لأخشاكم الله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». واللّفظ للبخاريّ.
وله شاهد آخر عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله ﷺ من بيت عثمان بن مظعون فوقف على الباب فقال: «ما لك يا كحيلة متبذلةً؟ أليس عثمان شاهدًا«قالت: بلى، وما اضْطَجَعَ على فراشٍ منذ كذا وكذا، يصوم النهار فلا يُفطر، فقال: «مُرِيه أن يَأتيني«، فلمّا جاء، قالت له: فانطلق إليه، فوجده في المسجد، فجلس إليه فأعرض عنه، فبكى، ثمّ قال: قد علمت أنه قد بلغك عني أمر، قال: «أنت الذي تصُومُ النهار، وتقومُ الليل، لا يَقَعُ جَنْبُك على فِراش، قال عثمان: قد فعلت ذلك ألتمس الخبر، فقال النَّبِيّ ﷺ: «لِعَيْنِك حَظٌّ، ولِجِسدِكَ حَظٌّ، ولزوجِكَ حَظٌّ، فصُم وأفطر، ونَمْ وقُم، وأْتِ زوجكَ، فإني أنا أصوم وأفطرُ، وأنام وأصلي، وآتِي النساء، فمن أخذ بسُنَّتِي فقد اهْتَدى، وَمَنْ تَرَكَهَا ضَلَّ، وإنَّ لِكُلِّ عَمل شِرَّةً، ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فإذا كانتِ الفَتْرَةُ إلى الغَفْلَة، فهِيَ الهَلَكَةُ، وإذا كانتِ الفَتْرَةُ إلى الفَريضة، فلا يَضُر صِاحبَها شيئًا، فخُذْ منَ العَمَل ما تُطِيقُ، فإني إنَّما بُعِثْتُ بالحنيفيَّة السَّمْحَة، فلا تُثْقِل عليكَ عبادَة رَبِّكَ لا تدري ما طُولُ عُمْرِك؟».
قال الهيثميّ في «المجمع» (٣٥٦٩): «رواه الطبرانيّ في الكبير، وفيه عليّ بن زيد وهو ضعيف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1003 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق

  • 📜 حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب