أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة

حديث: أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة

عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ لأبي بكر: «أي حينٍ تُوتِر؟ قال: أول الليل بعد العتمة. قال: «فأنت يا عمر؟ «فقال: آخر الليل. فقال النَّبِيّ ﷺ: «أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالوُثْقى، وأمّا أنت يا عمر فأخذت بالقوة».

حسن: رواه ابن ماجة (١٢٠٢) قال: حَدَّثَنَا أبو داود سليمان بن تَوْبة، قال: حَدَّثَنَا يحيى بن أبي بكر، قال: حَدَّثَنَا زائدة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه توجيه نبوي كريم لخير القرون بعد الأنبياء، وهما الصديق والفاروق رضي الله عنهما، في مسألة من أهم مسائل العبادة، وهي وقت صلاة الوتر.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث وفق الخطوات المطلوبة:

1. شرح المفردات:

● تُوتِرُ: تصلي صلاة الوتر، وهي الصلاة التي تختم بها صلاة الليل، وسميت وتراً لأنها تُصلى وتراً (ركعة واحدة، أو ثلاث، أو خمس... إلخ).
● العتمة: هي صلاة العشاء، سُميت بذلك لأنها تُصلى في وقت العتمة، أي وقت اشتداد الظلام.
● الوُثْقَى: اسم تفضيل من "الوثاقة"، وتعني الأقوى والأمتن والأحوط.
● القُوَّة: الشدة والجلد والهمة العالية.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يسأل النبي ﷺ صاحبيه العظيمين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما عن وقت أدائهما لصلاة الوتر، فيجيب أبو بكر أنه يوتر في أول الليل بعد صلاة العشاء مباشرة، بينما يجيب عمر أنه يؤخر الوتر إلى آخر الليل. فيقرر النبي ﷺ كلاً منهما على اختياره، ويبين ميزة كل وقت، فيقول لأبي بكر إن وقته هو الأحوط والأكثر أماناً من النوم عن الصلاة، ويقول لعمر إن وقته هو الأقوى لأنه يتطلب جلداً وهمة عالية للقيام في آخر الليل.

3. الدروس المستفادة منه:

● سعة رحمة الإسلام ومرونته: حيث أقر النبي ﷺ كلا الأمرين، مما يدل على جواز الوتر في أول الليل وآخره، وهذا من يسر الإسلام وسماحته.
● مراعاة أحوال المكلفين: الناس ليسوا سواءً في هممهم وقدراتهم، فمنهم الضعيف الذي يخاف ألا يقوم آخر الليل، ومنهم القوي الذي يثق من نفسه بالقيام. والشريعة راعت هذه الفروق.
● فضل الوقتين: لكل وقت فضله ومزيته. فالأول (أول الليل) فيه احتياط وخوف من فوات الصلاة، والثاني (آخر الليل) فيه مشقة واجتهاد، وهو وقت النزول الإلهي واستجابة الدعاء.
● الأخذ بالأحوط: حيث مدح النبي ﷺ أبا بكر لأخذه بالوثقى، وهو الأمر الأحوط الذي يضمن أداء العبادة ويقطع الوسواس والخوف من فواتها.
● الحث على الهمة العالية: حيث مدح النبي ﷺ عمر لأخذه بالقوة والهمة، وحثه على الاستمرار في هذا الجلد والعزيمة.
● أدب الصحابة مع النبي ﷺ: في تواضعهم في الإجابة وحرصهم على معرفة الأفضل.
● أن الأمر إذا تعددت وجوهه وكان كل وجه مشروعاً، فإن الأفضل يختلف باختلاف حال الشخص: فالأفضل للعاجز أو الخائف من النوم هو المبادرة، والأفضل للقوي الواثق من قيامه هو التأخير.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● حكم صلاة الوتر: جمهور العلماء على أنها سنة مؤكدة وليست فرضاً، ولكنها من أعظم قربات التطوع.
● أفضل وقت للوتر: ذهب كثير من العلماء إلى أن التأخير أفضل لمن وثق من قيامه، لقوله ﷺ: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً» (متفق عليه). أما من خاف ألا يقوم آخر الليل، فالأفضل أن يوتر قبل نومه.
● الجميع في الخير: كما في رواية أخرى للحديث، قال ﷺ: «أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالحزم وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة، وكلاكما محسن ومصيب».
● الاستنباط الفقهي: يستنبط من الحديث مشروعية التنويع في العبادات بما يتناسب مع ظروف الناس وقدراتهم، وأن الاختلاف في الأمور الاجتهادية التي للعبادة فيها أكثر من وجه مشروع لا يؤدي إلى التفرق أو التنازع.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفهم في الدين والاقتداء بسنة نبيه ﷺ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجة (١٢٠٢) قال: حَدَّثَنَا أبو داود سليمان بن تَوْبة، قال: حَدَّثَنَا يحيى بن أبي بكر، قال: حَدَّثَنَا زائدة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله فذكره.
وإسناده حسن لأجل الكلام في عبد الله بن محمد بن عقيل غير أنه حسن الحديث.
وزائدة هو: ابن قدامة. ومن طريقه رواه الإمام أحمد (١٤٣٢٣)، وأبو داود الطيالسي (١٧٧٦)، وأبو يعلى (١٨٢١) وغيرهم.
ويشهد له حديث ابن عمر أن النَّبِيّ ﷺ قال لأبي بكر: «متى توتر؟ «قال: أوتر ثمّ أنام. قال: «بالحزم أخذت«، وسأل عمر فقال: متى توتر؟» فقال: أنام ثمّ أقوم من الليل فأوتر قال: «فِعْلي فعلتَ».
وفي رواية: «فعلَ القويّ فعلت».
رواه ابن خزيمة (١٩٨٥)، وابن حبَّان (٢٤٤٦)، والحاكم (١/ ٣٠١)، والبيهقي (٣/ ٣٦) كلّهم من طريق محمد بن عباد المكيّ، قال: حَدَّثَنَا يحيى بن سُليم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكر الحديث.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا ابن ماجة إثر رواية جابر بن عبد الله إِلَّا أنه لم يسق لفظه.
قال الحاكم: صحيح. وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة»: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».
قال الأعظمي: فيه يحيى بن سُلَيم الطائفي تكلم في حفظه، وخاصة من روايته عن عبيد الله بن عمر، قال البخاريّ: يروي أحاديث عن عبيد الله بهم فيها. وقال النسائيّ: ليس به بأسٌ، وهو منكر الحديث
عن عبيد الله بن عمر، ولذا تجنب الشيخان من روايته عنه.
والخلاصة فيه: أنه حسن الحديث فيما روي عن غير عبيد الله بن عمر.
وأمَّا أبو حاتم فقال: «شيخ صالح محله الصدق، لم يكن بالحافظ، يكتب حديثه ولا يحتج به».
وفي الباب عن أبي هريرة: رواه البزار «كشف الأستار» (٧٣٦)، والطبراني في الأوسط (٥٠٥٩) وفيه سليمان بن داود اليمامي ضعيف.
قال البزار: سليمان بن داود لا يتابع على حديثه، وليس بالقوي، وأحاديثه تدل على ضعفه.
انتهى. وبه ضعَّفه الهيثمي في «مجمعه» (٢/ ٢٤٥).
وعن عقبة بن عامر: رواه الطبراني في «الكبير» (١٧/ ٣٠٣) وفيه ابن لهيعة، وبه أعلّه الهيثميّ في «مجمعه» أيضًا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1019 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة

📜 حديث: أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أخذت بالوثقى وأخذت بالقوة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية