حديث: صلاة الرغائب أول ليلة جمعة من رجب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب صلاة الرغائب

لم يثبت في صلاة الرغائب شيء، وأمَّا ما رُوي عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ ذكر صلاة الرغائب -وهي أول ليلة جمعة من رجب- فصلي ما بين المغرب
والعشاء ثنتي عشرة ركعة بستّ تسليمات، كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، والقدر ثلاثًا، و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ثنتي عشرة مرة، فإذا فرغ من صلاته قال: «اللهم صَلِّ على محمد النبي الأمي وعلى آله«-بعد ما يُسلم- سبعين مرة، ثم يسجد سجدة ويقول في سجوده: «سُبُّوح قُدُّوسٌ ربُّ الملائكة والروح«، سبعين مرة، ثم يرفع رأسه ويقول: «رب اغفر لي وارحم وتجاوزْ عما تعلم، إنك أنت العلي الأعظم«- وفي أخرى- الأعز الأكرم- سبعين مرة، ثم يسجد ويقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله -وهو ساجد- حاجته، فإن الله لا يرد سائله» فهو حديث موضوع.

موضوع: قال ابن الأثير في «جامع الأصول» (٦/ ١٥٤): «هذا الحديث مما وجدته في كتاب رزين، ولم أجده في أحد من الكتب الستة، والحديث مطعون فيه» انتهى.

لم يثبت في صلاة الرغائب شيء، وأمَّا ما رُوي عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ ذكر صلاة الرغائب -وهي أول ليلة جمعة من رجب- فصلي ما بين المغرب
والعشاء ثنتي عشرة ركعة بستّ تسليمات، كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، والقدر ثلاثًا، و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ثنتي عشرة مرة، فإذا فرغ من صلاته قال: «اللهم صَلِّ على محمد النبي الأمي وعلى آله«-بعد ما يُسلم- سبعين مرة، ثم يسجد سجدة ويقول في سجوده: «سُبُّوح قُدُّوسٌ ربُّ الملائكة والروح«، سبعين مرة، ثم يرفع رأسه ويقول: «رب اغفر لي وارحم وتجاوزْ عما تعلم، إنك أنت العلي الأعظم«- وفي أخرى- الأعز الأكرم- سبعين مرة، ثم يسجد ويقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله -وهو ساجد- حاجته، فإن الله لا يرد سائله» فهو حديث موضوع.

شرح الحديث:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
فالحديث الذي ذكرتَه في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكرتَ في نهاية السؤال. وهذا هو قول جمهور العلماء والمحدثين.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث من حيث سنده ومتنه، والموقف الشرعي منه:
### أولاً. شرح مفردات الحديث
* صلاة الرغائب: الصلاة التي يُرغب في ثوابها، وسميت بذلك لعظيم فضلها المزعوم وكثرة ثوابها.
* موضوع: أي مكذوب مختلق على النبي صلى الله عليه وسلم.
* ثنتي عشرة ركعة بست تسليمات: أي يصلي 12 ركعة، يسلم بعد كل ركعتين، فيكون المجموع 6 تسليمات.
* القدر: أي سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.
* سُبُّوح قُدُّوس: "سبوح" يعني المنزه عن كل نقص، و"قدوس" يعني الطاهر المبارك.
* رب اغفر لي وارحم وتجاوز عما تعلم: دعاء بالغفران والرحمة والعفو عن الذنوب والمعاصي.
### ثانياً. حكم الحديث وسنده
هذا الحديث ضعيف جداً بل موضوع، وقد حكم بوضعه عدد كبير من أئمة الحديث، منهم:
* الإمام النووي في "المجموع": قال عنه: "حديث باطل لا أصل له".
* شيخ الإسلام ابن تيمية: ذكر أن هذه الصلاة بدعة مبتدعة، والحديث المروي فيها كذب.
* الحافظ ابن حجر العسقلاني: نص على أنه حديث موضوع.
* الإمام الذهبي: وصفه بالبطلان.
* الإمام ابن الجوزي: أورد الحديث في كتابه "الموضوعات" (كتاب يجمع الأحاديث المكذوبة).
الراوي الرئيسي للحديث هو علي بن عبد الله بن جحش، وهو متهم بالكذب ووضع الحديث. وقد أنكر العلماء هذا الحديث قديماً وحديثاً، ولم يثبت في فضل هذه الليلة أو هذه الصلاة أي دليل صحيح.
### ثالثاً. المعنى الإجمالي والموقف الشرعي
يدعو الحديث المكذوب إلى إقامة صلاة خاصة في أول ليلة جمعة من رجب، يصف عدد ركعاتها وقراءاتها وأذكارها الخاصة بعد السلام، ويزعم أن من فعل ذلك غفر الله له ذنوبه وقضى حاجته.
والحكم الشرعي فيها: أنها بدعة محدثة لا أصل لها في الدين.
وذلك للأسباب التالية:
1- كذب الحديث: لا يجوز بناء عبادة على حديث موضوع مكذوب.
2- البدعية: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام أنهم صلوا هذه الصلاة أو حضوا عليها. والأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع إلا ما جاء به النص الصحيح.
3- التوقيت: تخصيص أول ليلة جمعة من رجب بهذه العبادة يحتاج إلى دليل صحيح، وهو غير موجود.
4- كثرة الردود من العلماء: أجمع علماء أهل السنة على إنكار هذه الصلاة والتحذير منها.
### رابعاً. الدروس المستفادة والفَوائد
1- التمسك بالسنة والحذر من البدع: يجب على المسلم أن يقتصر في عبادته على ما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة، وأن يحذر من الابتداع في الدين.
2- التثبت في نقل الأحاديث: لا يجوز للمسلم أن ينقل أو يعمل بحديث حتى يتأكد من صحته، خاصة في أمور العبادات.
3- تحذير العلماء أمانة: بيان العلماء لحقيقة هذه الصلاة والحديث فيها هو من النصيحة لله ورسوله ولعامة المسلمين، وحماية للدين من التحريف.
4- شهر رجب: لم يرد في فضل شهر رجب نفسه، أو تخصيص أي ليلة فيه بعبادة معينة، حديث صحيح إلا ما كان من السنن العامة التي تفعل في جميع الأوقات (كالصيام مثلاً). وأما الصلوات المخصوصة فيه كصلاة الرغائب أو صلاة أم داود فكلها بدع لا أصل لها.
5- سد الذرائع: مشروعية مثل هذه العبادات المبتدعة تفتح الباب للابتداع في الدين واختراع عبادات لم يشرعها الله.

خامساً:

ما يشرع في رجب وغيره من الشهور
يشرع للمسلم في رجب وغيره من الأشهر ما يشرع في سائر العام من:
* المحافظة على الصلوات المفروضة.
* الإكثار من النوافل والسنن الرواتب.
* الصيام كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم في غير رمضان (كصيام الاثنين والخميس، وأيام البيض، etc.).
* ذكر الله، وتلاوة القرآن، والاستغفار، والدعاء.
* فعل الخيرات واجتناب المنكرات.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

قال ابن الأثير في «جامع الأصول» (٦/ ١٥٤): «هذا الحديث مما وجدته في كتاب رزين، ولم أجده في أحد من الكتب الستة، والحديث مطعون فيه» انتهى.
قال الأعظمي: رزين هو: أبو الحسن رزين بن معاوية بن عمار الأندلسي المتوفي (سنة ٥٣٥ هـ) له تصانيف منها: كتاب «تجريد الصحاح» جمع فيه ما في «الخمسة» و«الموطأ» من الأحاديث الصحيحة، واستفاد منه ابن الأثير عند تأليفه «جامع الأصول في أحاديث الرسول» وذكر الزيادات التي وجدها في كتاب رزين. والحديث المذكور باسم «صلاة الرغائب» لم يكن معروفًا في القرون الثلاثة.
ويدل عليه ما قال العز بن عبد السلام: «ومما يدل على ابتداء هذه الصلاة، أن العلماء الذين هم أعلام الدين، وأئمة المسلمين، من الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين، وغيرهم ممن دوَّن الكتب في الشريعة، مع شدة حرصهم على تعليم الناس الفرائض والسنن، لم ينقل عن أحد منهم أنه ذكر هذه الصلاة، ولا دوَّنها في كتابه، ولا تعرض لها في مجالسه، والعادة تُحيل أن تكون مثل هذه سنة، وتغيب عن هؤلاء الذين هم أعلام الدين، وقدوة المؤمنين، وهم الذين إليهم الرجوع في جميع الأحكام من الفرائض والسنن، والحلال والحرام، وهذه الصلاة لا يصليها أهل المغرب الذين شهد رسول الله ﷺ لطائفة منهم أنهم لا يزالون على الحق حتي تقوم الساعة، ولذلك لا تُفعل بالإسكندرية لتمسكهم بالسنة، ولما صحَّ عند السلطان الملك الكامل ﵀ أنها من البدع المفتراة على رسول الله ﷺ أبطلها من الديار المصرية، فطوبى لمن تولي شيئًا من أمور المسلمين فأعان على إماتة البدع، وإحياء السنن» «المساجلة العلمية» (ص ٩، ١٠).
وقال النووي في «المجموع» (٤/ ٥٦): «الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي ثنتي عشرة ركعة تصلي بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكرتان قبيحتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب: قوت القلوب (لأبي طالب مكي) و إحياء علوم الدين (للغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ هـ) ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل. ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة، فصنف ورقات في استحبابها، فإنه غالط في ذلك، وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابًا
نفيسًا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد ﵀» انتهى.
وقال نحو ذلك في: الخلاصة (١/ ٢١٥ - ٢١٧) وزاد: «وقد قال النبي ﷺ: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة»، وقال ﷺ: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» وهاتان محدثتان لا أصل لهما» انتهى.
وقال الحافظ ابن الصلاح: «هذه الصلاة شاعت بين الناس بعد المائة الرابعة، ولم تكن تعرف، وقد قيل: إن منشأها من بيت المقدس -صانها الله تبارك وتعالى والحديث الوارد بها بعينها وخصوصها ضعيف، ساقط الاسناد عند أهل الحديث، ثم منهم من يقول: هو موضوع، وذلك الذي نظنه. ومنهم من يقتصر على وصفه بالضعف، ولا يستفاد له صحة من ذكر رزين بن معاوية إياه في كتابه في «تجريد الصحاح»، ولا من ذكر صاحب كتاب «الإحياء» له فيه، واعتماده عليه، لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف، وإيراد رزين مثله في مثل كتابه من العجب» انتهى.
وقد جرتْ مساجلةٌ علميةٌ بين العِزّ بن عبد السلام وبين ابن الصلاح، فإن الأخير بعد ما ذكر بأن الصلاة المذكورة لم تشتهر إلا في القرن الرابع، وإن الحديث الوارد فيها موضوع قال: «ثم إنه لا يلزم من ضعف الحديث بطلان صلاة الرغائب والمنع منها، لأنها داخلة تحت مطلق الأمر الوارد في الكتاب والسنة بمطلق الصلاة، فهي إذا مستحبة بعمومات نصوص الشريعة الكثيرة الناطقة باستحباب مطلق الصلاة ... ثم ذكر بعض هذه الأحاديث.
وقد فَنَّد العز بن عبد اللام أدلة ابن الصلاح واحدة تلو أخرى ومما قال فيه: «أن تعاطي صلاة الرغائب يوقع العامة في أن يكذبوا على رسول الله ﷺ، وينسبوه إلى أنه سنَّها بخصوصياتها فيكون متسببًا إلى الكذب على رسول الله ﷺ بخلاف الصلاة التي مثَّل بها». «المساجلة» (ص ٣٣).
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: هل صلاةُ الرغائب مستحبة أم لا؟ فأجاب: «هذه الصلاة لم يصلها النبي ﷺ ولا أحد من السلف، ولا الأئمة. ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها -والحديث المروي في ذلك عن النبي ﷺ كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك، ولهذا قال المحققون: إنها مكروهة غير مستحبة» مجموع الفتاوي (١/ ١٤٩).
انظر للمزيد «مساجلة علمية بين الإمامَين الجليلين العز بن عبد السلام وابن الصلاح حول صلاة الرغائب المبتدعة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1222 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صلاة الرغائب أول ليلة جمعة من رجب

  • 📜 حديث: صلاة الرغائب أول ليلة جمعة من رجب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صلاة الرغائب أول ليلة جمعة من رجب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صلاة الرغائب أول ليلة جمعة من رجب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صلاة الرغائب أول ليلة جمعة من رجب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب