حديث: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في صلاة الحاجة

عن عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي ﷺ فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئتَ أخّرتُ ذاك فهو خير. فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضي الي، اللهم شّفعْه فيَّ.

صحيح: رواه الترمذي (٣٥٧٨)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٦٥٩)، وابن ماجه (١٣٥٨)، وأحمد (١٧٢٤٠)، وصحّحه ابن خزيمة (١٢١٩)، والحاكم (١/ ٥١٩) كلهم من طريق شعبة، عن أبي جعفر المدني، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف فذكره.

عن عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي ﷺ فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئتَ أخّرتُ ذاك فهو خير. فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضي الي، اللهم شّفعْه فيَّ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع وبما نقول. الحديث الذي تطلب شرحه هو حديث عظيم، له شأن كبير، وفيه من الدروس والعبر ما ينبغي لكل مسلم أن يتأمله. وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:

أولاً. شرح المفردات:


● ضرير البصر: كفيف، أعمى.
● أخّرتُ ذاك: صبرت وانتظرت دون دعاء فوري بالشفاء.
● فتقضي لي: فتقضيها لي وتحققها.
● شفعه في: تقبل شفاعته وتوسله لي.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلاً أعمى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه أن يدعو الله له أن يرد عليه بصره. فخيره النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين: إما أن يدعو له على الفور، أو يصبر على بلائه ويكون الصبر خيراً له في الآخرة. فاختار الرجل الدعاء. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ويحسن وضوءه، ثم أن يدعو بهذا الدعاء المخصوص، متوسلاً إلى الله تعالى بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، طالباً من الله أن يقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم ويقضي حاجته.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- جواز التوسل بالأنبياء والصالحين في الدعاء: وهذا من أعظم فوائد الحديث، حيث أقر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل على هذا القول ولم ينكره عليه، بل علمه إياه. والتوسل هنا هو طلب من الله تعالى أن يقبل الدعاء بسبب منزلة عبده الصالح وحرمته، وليس طلباً من النبي نفسه، فهو وسيلة لا غاية. وهذا جائز بإجماع أهل السنة والجماعة.
2- فضل الصبر على البلاء: حيث قدم النبي صلى الله عليه وسلم خيار الصبر وعدّه الخيار الأفضل، لأن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب، والبلاء يكفر السيئات ويرفع الدرجات.
3- استحباب إحسان الوضوء والتقرب إلى الله بالطاعات قبل الدعاء: لأن ذلك من أسباب إجابة الدعاء.
4- التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث علمنا النبي كيف ننسب إليه الفضل بأدب وحب، بقولنا "نبي الرحمة" ولم يقل اسمه مجرداً.
5- بيان منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه: وأنه صاحب الشفاعة العظمى، وهذا من دلائل نبوته.
6- حرص الصحابة رضي الله عنهم على الخير: حيث لم ييأس الرجل الأعمى من رحمة الله، وذهب إلى منبع الخير والنور صلى الله عليه وسلم طالباً الدعاء.
7- التعليم بالقدوة العملية: حيث لم يقتصر النبي على الدعاء للرجل بنفسه، بل علمه كيف يتعامل مع الله بنفسه، مما ينمي صلته بربه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● قصة الاستجابة: ورد في رواية أخرى أن الرجل فعل ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم فعاد إليه بصره.
● حكم التوسل: التوسل أنواع، منها المشروع ومنها الممنوع. فالتوسل المذكور في الحديث (بذات النبي أو منزلته) هو من التوسل المشروع الجائز في حياته صلى الله عليه وسلم، وأما بعد مماته فيرى جمهور العلماء أنه لا يجوز التوسل بذاته، بل يتوسل المسلم بإيمانه به ومحبته واتباعه، أو يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، أو بعمل صالح قام به.
● صيغة الدعاء: يستحب للمسلم أن يحفظ هذا الدعاء العظيم ويدعو به في مهماته، مع الاعتقاد أن القادر على الإجابة هو الله وحده، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الوسيلة الكريمة التي نتقرب بها إلى الله.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٥٧٨)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٦٥٩)، وابن ماجه (١٣٥٨)، وأحمد (١٧٢٤٠)، وصحّحه ابن خزيمة (١٢١٩)، والحاكم (١/ ٥١٩) كلهم من طريق شعبة، عن أبي جعفر المدني، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف فذكره.
وإسناده صحيح، وأبو جعفر المدني هو: عمير بن يزيد بن عمير الخطمي، وقد اختلف عليه، والصحيح حديث شعبة كما قال أبو زرعة. علل ابن أبي حاتم (٢٠٦٤).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي».
وقال ابن ماجه: «قال أبو إسحاق: هذا حديث صحيح».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
وقوله: «وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة» أي بدعاء نبيك كما يدل عليه بداية الحديث، فدعا له النبي ﷺ، وعلمه هذا الدعاء، فعاد بصيرا، وهذا خاصٌّ بحياة النبي ﷺ.
وقوله: «اللَّهم شفّعه فيّ» أي تقبّل دعاء النبي ﷺ في حاجتي هذه.
وفي الباب ما رُوي عن عبد الله بن أبي أوفي، وابن عباس، وأنس، وأبي الدّرداء.
فأمّا حديث ابن أبي أوفي، فرواه الترمذي (٤٧٩)، وابن ماجه (١٣٨٤) كلاهما من طريق فائد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي أوفي، قال: قال رسول الله ﷺ: «من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضّأ فليحسن الوضوءَ، ثم ليصل ركعتين، ثم ليُثْنِ على الله، وليُصلِّ على النّبيِّ ﷺ، ثم ليقلْ: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كلّ بر، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدعْ لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرّجته، ولا حاجةً هي لك رضًا إلا قضيتها يا أرحم الرّاحمين».
واللّفظ للترمذيّ، ولم يذكر ابن ماجه قوله: «يا أرحم الرّاحمين». ولكنه زاد في آخر الحديث: «ثم يسأل الله من أمر الدّنيا والآخرة ما شاء فإنّه يُقَدَّر».
قال الترمذيّ: «هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال؛ فائد بن عبد الرحمن يُضعَّف في الحديث، وفائد هو أبو الورقاء» انتهي.
قال الأعظمي: بل فائد بن عبد الرحمن الكوفيّ أبو الورقاء ضعيف جدًّا، قال الحافظ في «التقريب»: «متروك اتّهموه».
وأمّا قول الحاكم في «المستدرك» (١/ ٣٢٠): «فائد بن عبد الرحمن أبو الورقاء كوفيّ، عداده في التابعين، وقد رأيت جماعة من أعقابه، وهو مستقيم الحديث إلا أنّ الشيخين لم يخرجا عنه، وإنّما جعلتُ حديثه هذا شاهدًا لما تقدّم».
يعني شاهدًا لحديث ابن عباس في صلاة التسبيح فليس كما قال، ولذا تعقبه الذهبي فقال: «بل متروك».
وقد جاء في «التهذيب» عن الحاكم نفسه أنه قال: «روي عن ابن أبي أوفي أحاديث موضوعة». فلعله غفل عن هذا، فأتي بكلام متناقض، والخلاصة أن فائد بن عبد الرحمن ضعيف جدًّا كما قلت.
وأمّا حديث ابن عباس، فرواه الأصبهانيّ في «الترغيب» (١٢٨٠) من طريق محمد بن زكريا البصري، نا الحكم بن أسلم، نا أبو بكر بن عياش، عن أبي الحصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: «جاء جبريل عليه السلام بدعوات فقال: إذا نزل بك أمرٌ من أمر دنياك، فقدِّمْهنّ، ثم سلْ حاجتَك: يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا صريخ المتصرّخين، يا غياث المستغيثين، يا كاشف السّوء، يا أرحم الرّاحمين، يا مجيب دعوة
المضطّرين، يا إله العالمين، بك أُنزل حاجتي، وأنت أعلم، فاقضِها».
وفيه محمد بن زكريا وهو الغلابيّ، قال الدارقطني في «الضعفاء والمتروكين» (٤٨٣): «يضع الحديث».
والحديث أورده المنذريّ في «الترغيب والترهيب» (١٠٣٠) وعزاه إلى الأصبهانيّ وقال: «وفي إسناده إسماعيل بن عياش، وله شواهد كثيرة».
قال الأعظمي: إنما هو أبو بكر بن عياش، والتعليل بمحمد بن زكريا أولى وأمّا حديث أنس، فرواه أيضًا الأصبهاني (١٢٧٨) عن إسحاق بن الفيض، نا المضاء، حدّثني عبد العزيز، عن أنس، أنّ النّبيّ ﷺ قال: «يا على، ألا أُعلِّمُك دعاءً إذا أصابك غمٌّ أو هَمٌّ تدعو به ربَّك، فيُستجابَ لك بإذن الله، ويفرَّج عنك، توَضَّأ وصلِّ ركعتين، واحمد الله وأثْنِ عليه، وصلِّ على نبيِّك، واستغفرْ لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات، ثم قلْ: اللَّهمّ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، لا إله إلا الله العليّ العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، اللَّهمَّ، كاشفَ الغمِّ، مُفرِّج الهمِّ، مجيب دعوة المضطرّين إذا دعوْكَ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، فارْحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها، رحمةً تُغنيني بها عن رحمة مَنْ سواك».
وفيه رجال لا يعرفون، والمضاء هو ابن الجارود الدينوريّ، قال ابنُ أبي حاتم عن أبيه: «شيخ دينوري، ليس بمشهور، محلّه الصّدق».
وأورده المنذريّ في الترغيب والترهيب (١٢٧٨) وسكت عليه.
وأورده الشّوكاني في «الفوائد المجموعة» (ص ٥٥) ونقل عن «اللآلي» تضعيف إسناد حديث أنس من ابن حجر، وقال: «وأخرجه الطبراني، وفي إسناده أبو معمر عباد بن عبد الصّمد ضعيف جدًّا». قال: «وللحديث طريق أخرى عن أنس في: مسند الفردوس«وفي إسناده أبو هاشم، واسمه: كثير بن عبد الله كأبي معمر في الضّعف وأشدّ». انتهى نقله من «اللآلي».
وأمّا حديث أبي الدّرداء، فرواه الإمام أحمد (٢٧٤٩٧) عن محمد بن بكر، قال: حدّثنا ميمون -يعني أبا محمد المرَائيّ التّميميّ-، قال: حدّثنا يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: صحبتُ أبا الدّرداء، أتعلَّمُ منه، فلما حضره الموت قال: آذِن النّاسَ بموتي، فآذنْتُ النّاسَ بموته، فجئتُ وقد مُلئَ الدّار وما سواه، قال: فقلت: قد آذنتُ النّاس بموتك، وقد مُلئ الدّار وما سواه. قال: أخرجوني، فأخرجناه. قال: اجلسوني. قال: فأجلسناه، قال: يا أيُّها النَّاس! إنّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من توضَّأ فأسبغ الوضوء، ثم صلّى ركعتين يُتِمُّهما، أعطاه الله ما سأل مُعجَّلًا أو مُؤخّرًا».
قال أبو الدّرداء: يا أيُّها النّاس! إيَّاكم والالتفات، فإنّه لا صلاةَ لملتفت، فإن غُلبتُمْ في التّطوُّع، فلا تُغْلبُنَّ في الفريضة».
ففيه ميمون أبو محمد المرائي التميميّ لا يُعرف. قال عثمان الدارمي ليحيى بن معين: ميمون أبو محمد شيخ يروي عنه البرساني (وهو محمد بن بكر)؟ فقال: «لا أعرفه». قال ابن عدي بعد نقل هذا القول: «فعلى هذا يكون مجهولًا». وفي «الميزان»: «لا يعرف أهو المرئي».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1220 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة

  • 📜 حديث: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب